عرفت المرحوم فهد الدغيثر منذ سنوات بعيدة عندما كان يمارس مسؤولياته كواحد من أبرز قلائل في إدارة شؤون الدولة.. وقد حقّق شهرة يستحقها بما كان عليه من نزاهة، وفي نفس الوقت جهوده في تطوير التوظيف.. وكان تحديث وتطوير التوظيف يتركز في تلك الجهود التي أدخلت عناصر ليست بالقليلة في مواقع مسؤوليات بارزة بمختلف نوعيات التوظيف، والتميّز في تلك المرحلة أنها وسّعت فئات التوظيف حيث كانت قبل تلك الفترة تكاد تكون محصورة بأبناء منطقة واحدة.. ولم يكن غريباً أن يكونوا في واجهة التوظيف، وذلك بحكم أنهم الأكثر تأهيلاً تعليمياً وإدارياً.. وقد تم منطلق التحديث وتبني تطور الكفاءات الشابة من المنطقة الوسطى ومناطق أخرى كانت جميعها قبل ذلك في شبه حالة غياب.. والأمر لا يعني وجود سياسة تمييز وظيفي؛ وإنما كان يعني اختلاف قدرات التأهيل باختلاف بدايات وقدرات التعليم، خصوصاً وأننا الآن بعد عشرات السنين من تلك المرحلة التي أعنيها نرقب بتقدير وإعجاب بروز مواطني الجنوب السعودي في كثافة تنوّعات التوظيف وتنوّعات مواقع الوظيفة.. وهنا الأمر لا يتعلق بصفات إقليمية بقدر ما يتعلق بمراحل تأهيل تعليمي أو وظيفي، والحمد لله أننا حالياً نعاصر جزالة الانتشار بحكم جزالة حضور الكفاءات من مختلف المناطق.. المرحوم فهد الدغيثر كان صاحب جهود أذكرها في مهمات ذلك التأهيل، وتبني قدرات الكفاءات، وقد كانت مسلكيته النزيهة كمسؤول أول في موقع إدارته تعتبر نموذجاً بارعاً قارب بين النزاهة من ناحية وبين الاقتراب الموضوعي من كل قدرات الكفاءة.. رحمه الله.. كان صاحب تأهيل ثقافي فريد، وبالذات في عصر لم يكن مهماً فيه مقارنة الثقافات بقدر ما كان التأهيل الإداري هو مظهر مبررات النجاح.. فهد الدغيثر.. الرجل منح وطنه كل قدرات ثقافته وجزالة إدارته.. فكان دائماً نجم الحضور الاجتماعي في لقاءات المناسبات شخصية أو إدارية.. وأذكر أنه - رحمه الله - كان على مستوى في منتهى الرقي بلغة حواراته وبأخلاقيات تعامله.. وهو رجل له مثاليات سلوك شخصية ميّزته بكثير من تعاملات التقدير.. مهنتي التي لا زمن يومياً فيها تعرف فيه حدود ساعات العمل حرمتني من شرف التواصل مع مظاهر إيجابياته التي أعطت له احترام لغة الحوار واحترام تعامل العلاقات.. لقد فقدنا رجلاً أعتبره من خيرة من عرفت.. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته..