قرية المفتاحة التشكيلية بأبها منشأة فريدة من نوعها في العالم العربي من حيث التخصص أو الطابع الفني المعماري، لها خصوصية تاريخية تعود إلى مئات السنين، وصورة جميلة لا تزال ماثلة في مخيلة الجيل الأول من أهالي مدينة أبها تجسدها مزارع المفتاحة وبساتينها الغنية بأشجار فواكهها التي كانت تميزها.. وتلونها غمدان ومراعي ذلك الوادي الجميل الذي يضمها بحنانه.. حين هجرها أهلها وأهلمت مزارعها وتداعت مبانيها وزحفت عليها المدينة من كل جانب، كان لا بد من التفكير في أفضل السبل للاستفادة من بقاياها، وفي خضم ما يستجد من تطوير للمدينة تواردت الأفكار متسابقة، وبرزت بينها فكرة قرية سياحية (حديثة تراثية) في نفس الوقت تحتضن الفنون التراثية المحلية والتشكيلية والفوتوغرافية وتكون مركزاً للإبداع، كما تحتضن بالرعاية أيضاً الصناعة والحرف والمهن اليدوية المحلية، ولعل أصالة روح الفنان خالد الفيصل وخياله الشعري الإبداعي قد استوحيا تلك الفكرة مما تميزت به القرية قديماً من الصفات الجمالية والبيئية المشار إليها. ولا شك أن هذه القرية بمرافقها المتمثلة في مراسمها المخصصة للفنانين وسكنهم، وإدارتها، ومقر لجنة التنشيط السياحي، ومعارضها الدائمة والمؤقتة، ومطاعمها، ومقاهيها وسوقها، وبيوتها القديمة، والحدائق المحيطة بها من أبرز الجوانب السياحية التي من شأنها تنشيط الإبداعات الفنية والمهارات الحرفية والصناعات اليدوية في مناخ عمراني تراثي وجمالي وتشكيلي.. وبالطبع فإن مردود ذلك كله أصبح واضحاً في تصاعد التدفق السياحي على المدينة والمنطقة، وبالتالي سيكون له أثر إيجابي على النمو السياحي والتجاري في المنطقة.. كما أنه علم معماري حديث تتنفس فيه روح الأصالة التراثية ملء رئتيها عبر خطوط فنانها المعماري الذي خطط وأشرف على تنفيذها.. كما أن قرية المفتاحة التشكيلية تستضيف سنوياً عدداً من الفنانين التشكيليين من خارج المنطقة للإقامة في مراسمها طيلة الصيف. كما أن تشهد كل صيف احتفالات المحافظات التي يشهدها المسرح المكشوف سنوياً لعرض ما لدى محافظات المنطقة من أهازيج وفنون شعبية ورقصات وبرامج مختلفة تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة عسير وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد رئيس لجنة التنشيط السياحي. وتعد معلماً حضارياً وإبداعياً وثقافياً تتباهى بها أبها من بين بقية المدن هذه القرية لم تكن وليدة صدفة بقدر ما هي نتيجة لبعد نظر رجل يعرف ما في مستقبل السياحة وما يعنيه استباق الزمن فكان للفن التشكيلي وللفنانين موقع قدم وحضن يستقبلهم تتهيأ فيه سبل الراحة ليستلهموا من جمال أبها ما يشبع أحاسيسهم ومشاعرهم.. في هذا الصيف كان ل «الرياض» هذه الزيارة لقرية المفتاحة التشكيلية ووسط عبق الماضي الذي تزامل مع حضارة أبها التقينا مدير مركز الملك فهد الثقافي (في قرية المفتاحة التشكيلية) الأستاذ عبدالله شاهر عسيري الذي تناول معنا قصة إنشاء القرية إلى أن اكتملت وأصبحت منارة للثقافة في هذا الجزء الغالي من وطننا الحبيب فقال: بدأت قرية المفتاحة بفكر ة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير في أن يكون هناك مركز جذب سياحي على مستوى عال ومن هنا قام سموه الكريم بزيارات تفقدية لقرية المفتاحة القديمة ووجد أن هذا المكان هو أنسب مكان لإقامة هذا المركز ولكن وجدت صعوبة في إعادة صيانة المباني القديمة فرأى سموه الكريم ضرورة إزالة القرية القديمة ولكن ماذا سيحل محلها؟ ورأى سموه أن يحل محلها مركز جذب سياحي داخل المدينة ويحمل الطراز المعماري القديم، ويهتم بالحركة التشكيلية والفوتوغرافية ويحضر بعض المهن والحرف المشغولات اليدوية المحلية آثار ذلك الفنان الأمير خالد الفيصل ومستشاريه، والمهم ضرورة التميز الوضعي للقرية فبرزت للوجود قرية قديمة حديثة في مبانيها ومعانيها ورصدت ميزانية هذا المشروع من القطاع العام والخاص على شكل تبرعات وشكلت لجنة عليا مشرفة على المشروع برئاسة سمو الأمير خالد الفيصل رئيس المشروع وعضوية مديري الإدارات الحكومية وانبثقت منها لجان عمل أخرى للإشراف على المشروع، ومن هنا بدأت قرية المفتاحة التشكيلية وفي عام 1410ه يصبح الحلم حقيقة وتفتتح قرية المفتاحة وسط احتفال شعبي وثقافي كبير حضره المولعون بالثقافة والأدب والفنون في عرس ثقافي. وعن مشاركات القرية أوضح شاهر ان القرية تحتضن إقامة عدد من الدورات داخل المركز، وهي دورة الفن التشكيلي دورة الخط العربي (الرقعة والنسخ) ودورة اللغة الإنجليزية دورة فن الخزف ودورات في الحاسب الآلي رجالية ونسائية، يتميز المركز بفكرة احياء المحافظات الشتوية بالاحتفالات والندوات والمحاضرات التي لم يكن العائق الوحيد من تنظيمها سوى خفض الموارد المالية. وأيضاً المشاركة في مهرجان الجنادرية واستقطاب الأمسيات الثقافية والفنية بمسرح المفتاحة. كما ضمت القرية إقامة المعارض في صالات المركز مثل معارض الكتاب ومعرض الارشيف الوطني ومعارض دارة الملك عبدالعزيز، وأيضاً أقيم عليها العديد من الأمسيات والندوات والمؤتمرات على مستوى العالم العربي، أما بالنسبة للفن التشكيلي فتعتبر قرية المفتاحة من أكبر القرى التشكيلية على مستوى الشرق الأوسط ولها اهتمام بالفن التشكيلي والفنانين، وذلك بعقد الدورات التشكيلية وعمل المعارض وورش العمل الفنية واستضافة اعلام الفن التشكيلي ولا تتجاهل دور المراسم من جميع الفنانين والتعرف على أسلوبهم في المراسم ومدارسهم الفنية. وعن التعاون بين مركز الملك فهد الثقافي والمؤسسات الثقافية بعسير كالنادي الأدبي وجمعية الثقافة والفنون أكد شاهر أن التعاون مع المؤسسات الثقافية في منطقة عسير موجود ومطلوب وإدارة المركز لا تألو جهداً في التعاون مع أي جهة تخدم المجتمع سواء كانت في منطقة عسير أو خارجها. وفي ختام هذه الجولة كان لنا أن نقول قرية المفتاحة التشكيلية قدمت الكثير من المناسبات ولمختلف الفنون المسرحية والتشكيلية والفنون الشعبية، أقيم بها العديد من المناسبات الرسمية واستقبلت العديد من الضيوف واستضافت الكثير من الفنانين، كما أقيمت فيها معارض متنوعة لمختلف الفنون البصرية منها التشكيلية أو الفوتوغرافية أو معارض الكتاب وما زال العطاء مستمراً.