يتوجه الليبيون إلى مراكز الاقتراع غداً في أول انتخابات تشهدها البلاد لانتخاب أعضاء المؤتمر الوطني الذي سيحل محل المجلس الوطني الانتقالي الذي تأسس لإدارة البلاد خلال الثورة ضد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي العام الماضي. وكانت الانتخابات تأجلت بعد أن تم تحديد يوم 19 حزيران/يونيو لإجرائها وذلك لأسباب تنظيمية. وتم تسجيل نحو 7ر2 مليون ليبي من المقرر أن يدلوا بأصواتهم، وهم يمثلون أكثر من 70% من الذين يحق لهم الانتخاب. وتقسم مقاعد المؤتمر الوطني (الذي سيعمل كبرلمان انتقالي) وعددها 200 مقعد بين 120 مقعدا للأعضاء الذين يتم اختيارهم عبر الانتخاب المباشر و80 للقوائم الحزبية. ويتنافس نحو 2500 مرشح على مقاعد الانتخاب المباشر بينما هناك 1202 على القوائم الحزبية. يذكر أن الليبيين المدانين بالفساد وأنصار القذافي وأعضاء المجلس الوطني الانتقالي جميعهم مستبعدون من الترشح. من جانبها حذّرت منظمة العفو الدولية في تقرير جديد اصدرته امس من خطر تكرار الانتهاكات التي ادت إلى ثورة 17 شباط/ فبراير في ليبيا، ودعت الذين سيفوزون بالانتخابات المقررة هذا الأسبوع إلى جعل مسألة إرساء سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان على رأس أولوياتهم. وقالت المنظمة في تقريرها (سيادة القانون أم حكم الميليشيات) إن "الانتهاكات الجارية، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب الذي يصل حد الموت، والإفلات من العقاب عن أعمال القتل غير المشروعة والإخفاء القسري، تلقي بظلالها على أول انتخابات في البلاد على الصعيد الوطني منذ سقوط نظام معمر القذافي". واضافت إنها وجدت خلال زيارة قامت بها إلى ليبيا في أيار/مايو وحزيران/ يونيو الماضيين "ان المئات من الميليشيات المسلحة ما زالت تتصرف على أنها فوق القانون، حيث يرفض العديد منها إلقاء السلاح أو الانضمام إلى الجيش الوطني أو قوات الشرطة، في حين أبلغتها وزارة الداخلية بأنها تمكنت من تفكيك 4 ميليشيات في طرابلس، ما يشكل قسطاً ضئيلاً من العدد الإجمالي لهذه الميليشيات". وقالت المنظمة إن الميليشيات "ما زالت تقبض على الأشخاص وتحتجزهم في مراكز اعتقال سرية أو غير رسمية.. ويقدّر أن ثمة 4000 شخص ما زالوا معتقلين في مراكز لا تطالها أيدي السلطات المركزية، وبعض هؤلاء محتجز بلا تهمة منذ أكثر من سنة، ويواجهون الانتهاكات ولا سيما من قُبض عليهم في الآونة الأخيرة، ووجد فريقها لتقصي الحقائق أدلة على تعرض معتقلين للضرب المتكرر والإساءة في الآونة الأخيرة فيما يرقى في بعض الحالات إلى مستوى التعذيب في 12 من 15 مركز احتجاز". واضافت أن الأساليب المتفشية من التعذيب "تشمل التعليق في أوضاع ملتوية (الشبْح)، والضرب المتكرر لفترات مطولة بأدوات مختلفة، بما في ذلك القضبان المعدنية والسلاسل والكابلات الكهربائية والعصي الخشبية والخراطيم البلاستيكية وأنابيب المياه وأعقاب البنادق؛ إضافة إلى الصدمات الكهربائية". وانتقدت العفو الدولية في تقريرها "تقاعس السلطات الليبية عن تسوية أوضاع مجتمعات بأكملها هُجِّرت قسراً أثناء النزاع المسلح السنة الماضية، ولم تتمكن بعد من العودة إلى ديارها، التي قامت الميليشيات المسلحة بنهبها وإحراقها، فسكان مدينة تاورغاء كلهم، الذين يقدر عددهم بنحو 30,000 ليبي، ما زالوا ممنوعين من العودة إلى منازلهم". واشارت إلى أن الأفارقة من مواطني الدول الأفريقية في جنوب الصحراء الموجودين في ليبيا، وخاصة المهاجرين الذين لا يملكون الوثائق "ما زالوا يعانون من الاعتقال التعسفي والاحتجاز لفترات غير محددة، والضرب الذي يرقى في بعض الحالات إلى مرتبة التعذيب، والاستغلال على أيدي الميليشيات المسلحة، ولا يفرِّق من يقومون بعمليات الاعتقال بين المهاجرين وبين الفارين من أتون الحروب والاضطهاد في بلدانهم" وقالت المنظمة في تقريرها إن محنة المهاجرين في ليبيا "تتضاعف نتيجة تقاعس السلطات عن التصدي للعنصرية وكراهية الأجانب، اللذين يتفشيان على نطاق واسع ضد الليبيين من ذوي البشرة السوداء ومواطني الدول الأفريقية جنوب الصحراء، فيما تواصل السلطات الليبية التقليل من نطاق انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي الميليشيات ومن مدى فظاعة أنماطها، مدّعية بأنها أعمال فردية ينبغي رؤيتها في سياق الانتهاكات التي عاناها الليبيون تحت حكم القذافي". واضافت إنها "تتطلع إلى أن يعترف المؤتمر الوطني العام والحكومة التي يعيِّنها أمام الملأ بعد الانتخابات بمدى اتساع نطاق انتهاكات حقوق الإنسان وجسامتها، وأن يدينا بلا لبس هذه الانتهاكات، ويبعثا برسالة واضحة بأنه لن يتم التسامح بعد الآن مع مثل هذه الانتهاكات". وقالت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية "إن ما يبعث على الإحباط الشديد أن تفشل السلطات الليبية، بعد كل هذه الأشهر العديدة، في فك قبضة الميليشيات التي تمسك بخناق الأمن الليبي، مع ما يعنيه ذلك من عواقب مأساوية على الناس الذين يتحملون وطأة أعمالها". واضافت "أن الدعوات إلى وضع حد للقمع والظلم هي التي أدت إلى ثورة 17 شباط/فبراير في المقام الأول، وثمة خطر حقيقي جداً في أن تنتهي ليبيا إلى إنتاج وتجذير الأنماط نفسها من الانتهاكات التي شهدناها على مدار العقود الأربعة الماضية، من دون اتخاذ تدابير فورية لوقف الانتهاكات وحالة انعدام القانون". واعتبرت حاج صحراوي أنه "يتعين على من سيتولون زمام المسؤولية في حكم ليبيا الجديدة أن يوضحوا بأنهم يعتزمون تقديم من ارتكبوا انتهاكات حقوق الإنسان إلى ساحة العدالة ومحاسبتهم، مهما علت مناصبهم وبغض النظر عن انتماءاتهم، حتى يظهروا احترامهم لتضحيات الليبيين ومعاناتهم". على ذات الصعيد تعهد أعضاء حزب الوطن الإسلامي في ليبيا الأربعاء بالالتزام بالشريعة الإسلامية في حال فازوا في الانتخابات المقررة السبت المقبل. وقال عبد الحكيم بلحاج، العضو البارز بالحزب والقائد العسكري السابق الذي ساعد في الإطاحة بالعقيد الراحل عمر القذافي إن أعضاء الحزب سيلتزمون بهويتهم التي يفخرون بها، وهي الشريعة والإسلام. كان بلحاج استقال من منصبه كقائد للمجلس العسكري في طرابلس من أجل الترشح للانتخابات. وقال بلحاج في حشد انتخابي في العاصمة طرابلس إن أعضاء حزب الوطن يتعهدون بالالتزام بالشريعة الإسلامية وتحقيق الأمن والسلام وبناء الجيش وقوات الأمن وحماية بلدهم الحبيب ليبيا. وقد طالب من أعضاء الحزب ترديد ما يقوله. وما ان انتهى بلحاج من خطابه القصير، حتى انطلق الاف الليبيين في المؤتمر بهتاف "الله أكبر"، كما تم اطلاق الألعاب النارية وعزفت الموسيقى. وأعرب مصطفى /22 عاما/ وهو أحد أعضاء الحزب عن اعتقاده بأن الحزب يمكن أن يساعد الكثيرين في العثور على وظائف مضيفا أنه سيعمل على استعادة الأمن وإعادة بناء الجيش.