لم يأخذ معظم المراقبين على محمل الجد ما نشرته صحيفة "صبح صادق" الناطقة بلسان الحرس الثوري الإيراني. فالصحيفة نقلت عن جواد كريمي قدوسي, عضو لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، تصريحا حول الإعداد لمشروع قرار لعرضه على البرلمان يدعو لإغلاق مضيق هرمز. قدوسي اشار في تصريحه إلى ان 100 من اصل 290 عضوا بالبرلمان وقعوا، بالفعل، على مشروع القرار؛ وان وزير الخارجية على اكبر صالحي وعددا من مساعديه يدعمون ذلك المشروع. مشروع القرار يهدف، كما تقول الصحيفة، للرد على الدول التي فرضت حظرا نفطيا على إيران. فالمنطق الإيراني يرى بأن الدول التي امتنعت عن شراء النفط الإيراني يجب ان تعاقب بمنع مرور ناقلات النفط من الدول الاخرى اليها. منطق غريب .. لكنه المنطق الإيراني. وعندما لا يأخذ المراقبون التهديد الإيراني بإغلاق المضيق على محمل الجد فلأن نظام الملالي قد هدد مرارا بإغلاق المضيق لكنه لم يجرؤ على اتخاذ اجراءات عملية في ذلك الاتجاه. غير ان المراقبين يختلفون عن السياسيين والمخططين الاستراتيجيين الذين لايملكون رفاهية اعتبار التهديد الإيراني بضاعة للاستهلاك الداخلي. فقد كشفت صحيفة النيويورك تايمز، نقلا عن مسؤول رفيع بالإدارة الأمريكية، عن قيام الولاياتالمتحدة بتعزيز تواجدها العسكري في الخليج لردع الإيرانيين من تنفيذ تهديدهم بإغلاقه. إذ لا يبدو بأن الملابسات التي رافقت المناورات البحرية الضخمة التي اجرتها إيران في ديسمبر الماضي بمضيق هرمز وبحر العرب قد اقنعت إيران بأنها غير قادرة على تحمل كلفة فعل كهذا. فقد اكتظت مياه الخليج آنذاك بالبوارج الدولية في رسالة حازمة مفادها بان أي تهديد ايراني لسلامة المرور بالممرات الدولية لا يعني إلا عملا من اعمال الحرب سيتحد المجتمع الدولي في الرد عليه. احيانا تبدو إيران وكأنها تستجلب معركة خارجية من اجل إجبار الجبهة الداخلية على التوحد؛ وأحيانا تبدو وكأنها تمارس سياسة حافة الهاوية فتخضع وتسعى للتهدئة قبل الدقيقة الأخيرة التي تسبق المواجهة. غير انها اثبتت انها دائما تطلق اقوالا لا تدعمها الافعال. هي تحرك ادواتها لكنها تحرص على عدم التورط فعليا في الاحداث. ويبقى هاجس إيران الاعظم هو المملكة, فهي الدولة الوحيدة القادرة على التصدي للمحاولات الايرانية للهيمنة على الإقليم. لذا فإن إيران تعمل ما بوسعها لتهديد أمن هذه البلاد ليصبح الطريق سالكا لها لتنفيذ مخططاتها. لا اشك لحظة بأن التهديد الإيراني يقع تحت مراقبة مجهر القنوات السعودية المختصة. غير ان واجبنا جميعا ان ندرك بأن إيران تستهدفنا وألا نغفل، كل في موقعه، عن مراقبة جعجعتها التي لا تنتهي وأخذها على محمل الجد.