اتفق عدد من الخبراء وأصحاب الشأن، على أن معظم اشتراطات الشركات لاستقطاب كوادر بشرية لملء شواغر وظيفية تتصف ب"التعجيز" أمام الباحثين عن فرص عمل، لاسيما أمام حديثي التخرج من جامعات بتخصصات عملية تتوافق مع احتياجات سوق العمل، بيد أن حاجز سنوات الخبرة ظل عائقاً أمامهم دون الالتحاق بوظائف تناسب مؤهلاتهم. الخبرة لا تأتي إلاّ بمنح فرصة الممارسة العملية شروط تعجيزية في البداية، أكد "محمد الخالدي" -خريج- على أن الشروط التي تضعها الشركات المعلنة عن الوظائف تكاد تنتفي من جميع المتقدمين إلى هذه الوظائف، فضلاً عن أنها لا تتطابق مع معظم الخريجين، مطالباً بإعادة النظر في هذه الشروط؛ خصوصاً في سنوات الخبرة، لاسيما أن كثيرا من المتقدمين للوظائف هم من الشباب حديثي التخرج من الجامعات وميادين العمل فمن أين يأتون بالخبرة؟. خريجون أثناء التقديم بحثاً عن وظيفة واقع مغاير وأشار "أحمد المالكي" إلى أنه تخرّج العام الماضي، ولكنه لم يحصل على وظيفة على الرغم من أن تخصصه نادر ودرجاته العملية جيدة، مبيناً أنه اصطدم بالواقع حينما وقف على غالبية إعلانات الوظائف المنشورة والمعلن عنها، إذ وجد أن معظم الشروط تحول بينه وبين الوصول إليها كونها حصرت على قلّة معينين. وقال: "من المفترض أن تعمل هذه الشركات قبل وضع إعلانات الوظائف لديها بمسح على غالبية المتقدمين على هذه الوظائف للنظر إلى مؤهلات المتقدمين وكذلك سنوات الخبرة لديهم؛ لكي تتوافق هذه الشروط مع الغالبية من المتقدمين إلى هذه الوظائف". محمد بن دليم القحطاني شروط معقولة وطالب "فهد الأسمري" بضرورة بحث أسباب وضع هذه الشروط التعجيزية أمام الخريجين من الكفاءات الوطنية، داعياً إلى وضع شروط تناسب الغالبية من المتقدمين إلى هذه الوظائف من الشباب في ظل هيمنة أجنبية على معظم وظائف القطاع الخاص، منوهاً بأهمية بحث "وزارة العمل" عن مسببات وضع تلك الشركات لتلك الشروط التي لا تناسب أعدادا كبيرة من المتقدمين على الوظائف؛ ذاكراً أن من شأن ذلك أن يحقق الحد المقبول من الجودة للشركات في اختيار موظفيها، إلى جانب تساوي الفرص بين الباحثين عن فرص عمل. صالح العفالق سنوات خبرة وذكر "علي الفهيد" أنه بحث عن وظائف في شركات ومؤسسات عديدة، إلاّ أن حاجز الشروط التعجيزية يقف أمامه بالمرصاد، مبيناً أنه لم يجد وظيفة تناسب مستواه العلمي، وإن وجد فإن الشروط الموضوعة لتلك الوظيفة تكون تعجيزية أمام باحث عن عمل لا يوجد لديه سنوات من الخبرة وهو حديث التخرج من الجامعة، مطالباً بإيجاد تدريب وتأهيل من قبل هذه الشركات للكفاءات الوطنية كأحد الحلول المنتظر تفعيلها. علي التواتي إتاحة فرصة وأشار "د.محمد بن دليم القحطاني" -محلل اقتصادي- إلى أن غالبية شروط الشركات للتوظيف معقدة أمام الباحثين عن فرص العمل، واصفاً إياها بأنها تفتقد الحس والواجب الوطني الذي يحتم عليها إتاحة الفرصة الملائمة أمام الكفاءات الوطنية من أجل حصولهم على فرص عمل ملائمة لهم، مبيناً أن بعض تلك الشركات تفتقر إلى التفاعل الحقيقي مع برامج السعودة المطبقة من قبل "وزارة العمل". وذكر أن هذه الشركات لا زالت تحمل اعتقادات خاطئة كعدم قدرة الشاب السعودي على تحقيق مطالب هذه الوظائف، إلى جانب الظن أنه دون المستوى المطلوب لهذه الوظائف المعلن عنها، مرجعاً سبب ذلك إلى فجوة بين تلك الشركات و"وزارة العمل"، مطالباً بعمل ورش تدريبية في الشركات من أجل تدريب الكفاءات الوطنية حديثة العهد بالوظائف التي تتطلب مهارة وإتقانا؛ من أجل تطوير مستوى هذه الكفاءات، وتحقيق الإحلال الحقيقي بعد أن يتم تدريب الشباب السعودي على إتقان مهارات هذه الوظائف. ضعف تأهيل وأرجع "د.علي التواتي" -محلل اقتصادي- سبب وجود هذه الشروط التعجيزية هي ضعف التأهيل الفني، إلى جانب كذلك ضعف معاهد التدريب الفني في المملكة حيث انها تسير بعيداً عن الاستراتيجيات التي تحقق لها الفاعلية الحقيقية التي تؤهل من خلالها الكوادر الوطنية وتخرج لسوق العمل على مختلف التخصصات والأعمال. وبيّن أن وضع الشروط التعجيزية من قبل هذه الشركات يدل على صعوبة هذه التخصصات المعلن عنها والتي لا تحتمل الأخطاء أو التجارب، وكذلك عدم وجود وقتٍ كاف للتدريب والتأهيل، مشدداً على أن الحل الأمثل لتجاوز هذه المشكلة هو إعادة هيكلة معاهد التدريب وتجهيزها من أجل تخريج كوادر وطنية قادرة على ممارسة الأعمال الفنية بامتياز ومهارة عالية. أنظمة محتمة وأوضح "صالح العفالق" -رئيس مجلس إدارة غرفة الأحساء التجارية- أن الشركات كانت في الفترة الماضية مخيّرة في قضية السعودة وتوظيف الكفاءات الوطنية، إلاّ أنها في الوقت الراهن تقف أمام العديد من الأنظمة التي تحتم عليها البحث عن الكفاءات الوطنية وتوظيف السعوديين، منوهاً أن هذه الشروط التي تضعها بعض الشركات المُعلنة عن الوظائف ليست إلا بحثا عن الكفاءات المدرّبة والجاهزة، بحيث تكون على قدرٍ عالٍ من الكفاءة والتدريب والمهارة الكافية لشغل هذه الوظائف، لا سيما أن المهارة والإتقان أحد شروط القبول في هذه الوظائف. وقال:"تبقى الاحتياجات من أهم الأولويات التي تراعيها الشركات من أجل إيجاد كفاءات ماهرة، كما أن معظم هذه الشركات ليس لديها الوقت الكافي من أجل القيام بالتدريب والتأهيل".