ثمة حقيقة لم أذكرها في سوانح الماضية عن علامة فارقة في الطالب الشقي المفصول أو المطرود من المدرسة الابتدائية بعد رسوبه في الصف الخامس عدة مرات.. في منتصف الثمانينيات الهجرية.. وهي أنه أعرج وأشول (العرج بسبب شلل أطفال أصيب به في سن السابعة) ومن المألوف (أيام زمان) مشاهدة عدد ليس بالقليل من الأطفال والشباب وكبار السن من الجنسين مصاب بشلل الأطفال.. فلا أحد يعرف عن التطعيمات وسُبُل الوقاية من الأمراض شيئا.. فنصاب بالكثير من الأمراض والعاهات.. التي بالإمكان الوقاية منها.. وبمجهود وقائي وحملة منتظمة في التطعيم.. نتج عنها (بعد الله) أن تحتفل المملكة العربية السعودية ومنذ سنة تقريباَ بالقضاء على مرض شلل الأطفال.. ماعلينا.. فبالرغم من أن عريجاً كان أشول أو أعسر.. إلا انه يملك قوة خارقة في يده الشمال ودقة في التصويب بها عن بُعد (بواردي) عندما يصطاد بالنباطة أو بدونها.. عصفوراً مقبلاً للهبوط في القليب ليشرب.. فيصطاده عريج قبل الهبوط أو بعده.. أو حذف (بحجر) وكسر لمبة السكة الوحيدة.. والتي تم تركيبها للتو.. وكان صديق عريج والأكثر التصاقاً به مراهق آخر يُسمى وريدة.. ويقال لا صداقة إلا بعد عداوة.. وبالعكس.. فلا أنسى تشابك بالأيدي ومضاربة شرسة بين وريدة وعريج.. كان المتسبب فيها مراهق آخر يُدعى بازورك.. بسبب (فرخ قطيفي) طار من (صندقة) عريج وانضم إلى حمام وريدة بالخطأ.. وهو ما أنكره وريدة.. فأكل بسببها كفوف (وبكوس) من يد عريج الشمال القوية ورُكب أقل قوة من رجله العرجاء بسبب شلل الأطفال.. والتي لم تقف عائقاً لتمتع عريج بالقوة البدنية والشراسة.. ليعترف وريدة بعد (العلقه) بسرقة الفرخ القطيفي.. ويعيده (راغماً) إلى عريج.. بعدها أصبحا صديقين حميمين.. يتعاونان على كل شقاوة وإيذاء وإزعاج للحي الطيني وسكانه.. وتُوجت تلك الصداقة بأن يُطرد وريدة من المدرسة أيضاً بعد إعادة وسقوط في السنة الرابعة ابتدائي لبضع سنين.. قادته لزمالة ورفقة درب عريج.. الذي سبقه في الطرد بعام كامل.. فتصادق الاثنان.. صداقة قوية.. وعريج كان قيادياً ووريدة مسالماً وتابعاً لعريج.. والدليل أنه (وريدة) طُرد من المدرسة بتأثير من عريج.. فتفرغ الاثنان للشقاوة وأذية الحي وأهله.. حتى القطط والكلاب السائبة لم تسلم من أذيتهما.. ولمبات السكك الطينية الضيقة (على قلتها) لم تسلم من ترجيم وتكسير عريج ووريدة.. وإن أنسى فلن أنسى حادثتين ومنظرين.. يدلان على ما يحمله عريج ووريدة من نزعات عدوانية (وسادية) الأول لعريج وهو يضع (شرخ أبو ديك) في مؤخرة كلب صغير ويشعله لينفجر.. والكلب الصغير يتألم.. ولا تسمع له صوتاً.. وإن سمعت صوتاً فهو نباح بحشرجة.. بعدها يقوم عريج برمي الكلب المتفجر في القليب القريبة.. والمنظر الآخر هو إحضار وريدة لقطة صغيرة ووضعها بين كلبين ضالين وجائعين.. قام عريج بمطاردتهما في الحيالة.. إلى أن وصلا إلى مكان القطة في السكة السد.. فيقوم الكلبان بنهش القطة وتقطيعها وهي حية إرباً إربا.. وعريج ووريدة في قمة السعادة.. ويضحكان.. فأين جمعية حقوق الحيوان.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. * مستشار الطب الوقائي في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية.