تلقيت نبأ وفاة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز – رحمه الله – من سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض – حفظه الله – في وقت مبكر من يوم السبت 26/7/1433ه قبل إعلان وفاته – يرحمه الله – رسمياً، حيث بدأ سموه بالسؤال عن سير العمل غير أن صوته لم يكن كالعادة، فأجبته أن الأمور – بحمد الله – على ما يرام، فما كان من سموه إلا أن ذكر أن أخباره هو ليست على مايرام، فقلت له خيراً – إن شاء الله – فأجاب بصوت مبحوح الأمير نايف مات، وقد كان هذا كالصاعقة ولم أكد أصدق مع إيماني بقضاء الله وقدره وأن الله يقول (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت) ثم وجهني سموه بما يجب، وأخذت أتذكر مآثر تلك الشخصية الهامة وذلك الرجل غير العادي الذي حوى من الصفات الفريدة المنوعة ما لا تتوفر في غيره من عباقرة الرجال، فهو إن تحدث في أي موضوع وفي أي محفل مرتجلاً تجده يتدفق كالسيل بعبارات تتمنى أن يكثر منها لأنها كالجواهر التي يلتقطها واحدة تلو الأخرى، ويضع كل واحدة في مكانها، وإذا أجاب على سؤال صحفي مهما كان السؤال في نظر الآخرين حساساً ومحرجاً، أجاب برباطة جأش مفنداً الإجابة بالبراهين المقنعة المؤصلة فلا تملك، إلا أن تعيذه من شر الحاسدين، وتدعو له من الأعمال، وإن استقبل في مكتبه أي أحد مهما كان الوقت ضيقاً، لا يظهر عليه التضايق، أو التشاغل، كما نعمل نحن أحياناً حتى ينصرف الشخص، بل يستمع لك بهدوء، ولا يقاطعك لئلا تنسى فكرتك، ثم يجيبك إجابة الأب الحاني في هدوء، ولا تخرج من عنده إلا وأنت مقتنع أو قد سهل أمرك وقضى حاجتك. وإن استقبل في مجلسه الكبير في الوزارة يظل واقفاً أمام تلك الحشود يشرح على الاستدعاءات في حينه ويحاور ويستفسر، ولا يجلس إلا عندما ينتهي آخر مراجع، ولقد ذكر لي أحد الملازمين لسموه في تلك الجلسات أن البعض يعزو آلام الركبتين اللتين اضطر سموه لإجراء عمليتين فيهما إلى كثرة وقوفه طوال تلك الجلسات. لقد أكرمنا الله في هذه البلاد المباركة بهذه الأسرة الكريمة التي ورثت المجد كابراً عن كابر، وقد اطلع الله على حسن سريرة والد الجميع الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – فدانت له هذه المملكة المترامية الأطراف عن حب وانقياد وهيبة، ثم فجر الله له كنوز الأرض ووحد هذا الكيان العظيم على العقيدة الصافية، فأصبح الكل اخوة متعاونين متحابين، ثم أنجب رجالاً من دهاة العرب ساروا على نهجه وترسموا خطاه وقادوا السفينة باقتدار إلى بر الامن والأمان رغم الهزات التي حدثت للبلدان من حولنا استطاعوا النأي بشعبهم وبلادهم عن القلاقل والحروب الطاحنة، والفتن، حتى عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – أيده الله – ولئن فقدنا نايف الامن ورجل الأمن الأول، فإن سيرته ستبقى نبراساً لمن بعده من اخوته وانجاله وأحفاده، ومواطنيه لا تنسى ولن تنسى لأنها سطرت بماء الذهب، وحفرت في الأنفس الأذهان بالإعجاب والقناعة. رحم الله فقيدنا الغالي نايف بن عبد العزيز، وجزاه على ما قدم داخل المملكة وخارجها خير الجزاء وكان الله في عون خلفه سمو سيدي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، وسمو سيدي الأمير أحمد بن عبد العزيز وزير الداخلية، وسمو سيدي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية وحمى بلادنا وأمننا من كيد الكائدين. * وكيل إمارة منطقة الرياض للشؤون الأمنية