أمير حائل يستقبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة    وكيل إمارة المنطقة الشرقية يستقبل القنصل العام المصري    «حساب المواطن»: بدء تطبيق معايير القدرة المالية على المتقدمين والمؤهلين وتفعيل الزيارات الميدانية للأفراد المستقلين    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    أمير الرياض يطلع على جهود إدارة تعليم المنطقة في تنفيذ مشروع التحول والحوكمة    مدير فرع وزارة الصحة بجازان يفتتح المخيم الصحي الشتوي التوعوي    311 طالبًا وطالبة من تعليم جازان يؤدون اختبار مسابقة موهوب 2    ضيوف الملك يغادرون المدينة إلى مكة    د. الربيعة ل"الرياض": "التوائم الملتصقة" من دول الأزمات تخضع للرعاية السعودية    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    ترسية المشروع الاستثماري لتطوير كورنيش الحمراء بالدمام (الشاطئ الغربي)    السند يكرِّم المشاركين في مشروع التحول إلى الاستحقاق المحاسبي    حسين الصادق يستقبل من منصبه في المنتخب السعودي    غربلة في قائمة الاخضر القادمة وانضمام جهاد والسالم والعثمان وابوالشامات    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي واستعمال أوراق نقدية مقلدة والترويج لها    وزير الاستثمار: 1,238 مستثمرًا دوليًا يحصلون على الإقامة المميزة في المملكة    الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم وحريصون على التنسيق الدائم معها    تعطل حركة السفر في بريطانيا مع استمرار تداعيات العاصفة بيرت    جبل محجة الاثري في شملي حائل ..أيقونه تاريخية تلفت أنظار سواح العالم .!    NHC تطلق 10 مشاريع عمرانية في وجهة الفرسان شمال شرق الرياض    وزير الصناعة في رحاب هيئة الصحفيين بمكة المكرمة    التدريب التقني ترصد 298 مخالفة تدريبية في النصف الأول من العام 2024 م    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سورينام بذكرى استقلال بلاده    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    بمشاركة 480 خبيراً ومتحدثاً.. نائب أمير مكة يدشن «مؤتمر الابتكار في استدامة المياه»    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    انطلق بلا قيود    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    جينات وراثية وراء تناول الحلويات بشراهة    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جعجع ل«الرياض»: علاقة لبنان مع المملكة جيدة وستزداد متانة وتترسخ
اختار الانحياز إلى مفهوم الدولة الحديثة وإلى العدالة واستقلال لبنان
نشر في الرياض يوم 01 - 07 - 2012

يتوسّط الدكتور سمير جعجع "مثلّث" الرصاصات المحفورة على جدار منزله الخاص في معراب، وكأنها "معالم سياحية" تشهد على حادثة الاغتيال التي تعرض لها منذ أشهر قليلة، "معالم" نافرة تناقض جمال الطبيعية المحيطة. يشير جعجع بإصبعه اليها لافتا الى المسافة البعيدة التي تفصل جدار المنزل عن التلال النائية التي لا تشي بأنها تحوي بين خضارها الجميل قناصين يحترفون القتل. هنا على مربعات "الغازون" الأخضر المنبسط كسجادة انبطح جعجع أرضا في حركة لا إرادية لم يلتقطها وعيه.. حركة أنقذت حياته، ولم يشهد على ما جرى له سوى هرّه العجوز "بوب".
لست مرشحاً تقليدياً لرئاسة الجمهورية.. و«حزب الله» غير جاهز للحوار حول سلاحه
وسط الأمن المدجج لمعراب كان خرقاً أمنياً غير مرئي إلا للمتربصين بحياته وكأنهم يحصون عليه أنفاسه. "نحن من نحصي عليهم أنفاسهم" يقول "الحكيم" متسلقا درج مكتبه ليستقبل وفدا شعبيا ينتظره بشوق. تمكن رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" أن يتحول منذ 2005 الى شخصية عابرة للطوائف اللبنانية وإن لم تكن كلها. أحد مناصري "تيار المستقبل" ممن لا يتجاوزون سن المراهقة أخبره أنه يعلق صورته في "باب التبانة" مع عبارة "الله أكبر"، ومئات من الصور المماثلة موجودة في منازل محبين له في طرابلس والبقاع و"الطريق الجديدة" حيث معاقل "تيار المستقبل".. أدرك منذ تحدى السوريين للمرة الأولى حين أسقط "الاتفاق الثلاثي" أن معاركه معهم لا نهاية لها، فاختار جعجع الانحياز الى مفهوم الدولة الحديثة والى العدالة واستقلال لبنان. يستشرف تبدلا جذريا في سوريا في غضون أشهر، ولا يتحفظ عن موقفه من سلاح "حزب الله" ولا يراعي سوى قناعاته.
قال ل"الرياض" إنه سيكمل معاركة السياسية ولا يزمع التوقف، غير آبه بتهديده مجددا بالتصفية الجسدية، يدرك أنه يستميل بمواقفه السياسية كثرا ويستقدم الخصوم الأشرس أيضا وهم باتوا يتخوفون منذ اليوم من إمكانية ترشحه لرئاسة الجمهورية في 2014.. لا يأبه لذلك فقد اجتاز منعطفات كثيرة ومرّ بأنفاق مظلمة وطلعات ونزلات حادة وبرأيه مضى الكثير ولم يتبق إلا القليل".
فيما يلي نص الحوار معه في مقرّه في "معراب":
* تمّت أخيرا مبايعة سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز وليا للعهد خلفا للراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز، كيف ترى تولي سموه هذا المنصب وكيف سينعكس ذلك على علاقة المملكة بلبنان والمعروف عن الأمير سلمان علاقاته الوطيدة مع الوسط السياسي والثقافي والإعلامي اللبناني؟
- هذا صحيح، وقد لمست الأمر شخصيا أثناء الزيارة الأخيرة التي قمت بها الى الرياض في كانون الأول الماضي حيث التقيت الأمير سلمان بصفته وزيرا للدفاع ولفتني استقباله الجميل. كما لاحظت حينها عمق معرفته بلبنان ومتابعته لشؤونه ومدى معرفته بكثير من الشخصيات اللبنانية. لقد تركت مبايعة الأمير سلمان ارتياحا في الأوساط العربية والدولية كافّة نظرا للسلاسة والسرعة والأسلوب الذي تمّت به. طالما كانت علاقة لبنان بالمملكة جيدة وهي بتقديري ستزداد متانة وتترسخ أكثر فأكثر.
* بدأت مسارك السياسي قائدا مسيحيا وإذا بك اليوم تجتذب كثرا من المناصرين السنّة في لبنان، كيف توصلت الى نيل ثقة السنّة اللبنانيين بهذا الشكل الكبير؟ هل كانت ثمة استراتيجية لديك أم أن الأمر بمحض الصدف السياسية؟
- لم يكن الأمر صدفة ولا يمكنني القول أيضا إنني تعمّدت التوجه الى السنّة اللبنانيين دون سواهم. الواقع أنني توجهت الى اللبنانيين جميعهم بتصوّر واضح جدّا وخصوصا فيما يتعلّق بقيم الدّولة في لبنان. قد يكون هذا التوجّه أكثر ما أعجب السنة في لبنان وخصوصا عقب تجربة معاناة الرئيس رفيق الحريري واستشهاده، وبالتالي وجدوا في الطرح الذي أقدّمه ما يتقاطع مع طروحات "تيار المستقبل"، فكأنهم وجدوا ضالتهم من هنا ترحيبهم به. لكنني لم أقم بأي أمر خاص عن سابق تصوّر وتصميم لاجتذاب السنّة في لبنان بقدر ما طرحت تصوّرا معينا رغبت أن يلقى استحسانا عند اللبنانيين وشاءت الصدف أن يؤيده اللبنانيون السنة.
* هل أنت سعيد بذلك؟
- بالطبع، أنا سعيد جدا بذلك وأتمنى أن تلقى هذه الطروحات الصدى ذاته عند جميع اللبنانيين. وبخلاف ما قد يظن البعض فإن الطائفة الشيعية وبقدر ما يسمح وضعها بسبب الوصاية الكامنة عليها- وإن كانت وصاية برضى معظم أبنائها- فإن كثرا من الشيعة مؤيدون لطرحي بالنسبة الى لبنان، لكن بالطبع فإن ظروفهم لا تسمح لهم بالإعلان عن رأيهم بشكل صريح، وذلك لا يمنع أن التأييد موجود وأنا ألتقي بكثر من أبناء الطائفة الشيعية ونتداول بالأوضاع وألمس مدى تأييدهم لطرحنا بضرورة قيام دولة قوية في لبنان.
* ما هو سرّ صداقتك مع الرئيس سعد الحريري؟ وكيف ترى بقاءه خارج لبنان طيلة هذه المدّة؟
- في البداية جمعتني مع سعد الحريري المصيبة نفسها.. باستشهاد والده وبوجودي شخصيا في الاعتقال من قبل الجهة ذاتها. هكذا كانت البداية، لكن مع مرور الوقت جمعتنا صلات أعمق أبرزها الطرح السياسي الواحد، وبرأيي فإن أكثر فريقين لبنانيين ينتميان الى نسيجين اجتماعيين مختلفين تمكنا من التقارب عميقا بالطرح السياسي بعيدا من الشعارات والمبادئ العامة هما "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" ومسيحيو 14 آذار. ما يشير الى وجود مشروع سياسي جدّي وتقاسم نظرة معينة الى لبنان لا تقتصر على الالتقاء على بعض السلبيات بل على مقاربة إيجابية للأمور، وهذا ما قرّب مناصرينا من بعضهم البعض. على المستوى الشخصي فإن صراحة سعد الحريري وأسلوبه المباشر وحسّ الشباب الذي يتمتّع به كلّها مزايا متّنت العلاقة بيننا على المستوى الشخصي. بالنسبة الى وجود سعد الحريري خارج لبنان، فما اعرفه أنه توجد مجموعة ظروف وليس ظرفا واحدا يقتصر على السبب الأمني جعلته يبقى خارج لبنان، وبالطبع لو كان سعد الحريري في لبنان لكان وضع قوى 14 آذار أفضل بكثير، لكن لا يمكن التدخل في الظروف الشخصية من منطلقات سياسية، وآمل ألا يطول غيابه وأن نعود ونراه قريبا بيننا لإكمال المسيرة سويا.
* هل هذا تمن فحسب أم ثمة معلومات عن قرب عودته؟
بين التمنّي وبين المعطيات..
* قرأنا أن الرئيس سعد الحريري يدعم ترشحك لرئاسة الجمهورية في 2014 وأن ثمة جهات دولية تصبّ في هذا الاتجاه الداعم لك، هل يمكن القول إنك مرشح رسمي للرئاسة بدعم من "تيار المستقبل"؟
- لا، ليس الأمر على هذا الشكل. بصراحة فأنا لست مرشحا للرئاسة بالمعنى التقليدي للكلمة..
* أنت مرشح بأي معنى إذن؟
- لست مرشحا بمعنى أنني أقود حملة انتخابية أفكر بها وبشعارتها وبكيفية مقاربة بعض رؤساء الكتل.. ليس الأمر على هذا الشكل. أنا أكون مرشحا بحكم طرح اسمي من قبل بعض القيادات والشخصيات اللبنانية من وزن سعد الحريري ومن قبل بعض الأوساط منها الأكاديمية والشعبية وبالتالي أنا مرشح بهذا المعنى. ولكن لن أتخذ الخطوة وأقوم بمعركة رئاسة الجمهورية. ما سأقوم به هو الاستمرار بعملي السياسي الذي بدأته عام 2005 على الخطّ ذاته أي بمنطلقات مشروعي السياسي ذاتها وبجدية مطلقة، وحين نصل الى الانتخابات الرئاسية، وفي حال سنحت الفرصة بدون أن أبذل جهدا انتخابيا خاصا فأنا مع فكرة ترشحي مئة في المئة، لكن إذا تطلّب الأمر جهدا خاصا أو تنازلات وتسويات فأنا لن أكون مستعدا لذلك.
"ملهاة" الحوار الوطني
حكومة الأسد الوحيدة الأسوأ من الحكومة اللبنانية.. ونهاية النظام السوري قريبة
* كيف ترى سير "الحوار الوطني" بعد جلستين اثنتين أسفرت الأولى عن "إعلان بعبدا" والثانية عن وعد بإستراتيجية دفاعية يعدّها رئيس الجمهورية ميشال سليمان؟
- نحن مع أي حوار جدّي وأشدد على كلمة جدّي. لكن "إعلان بعبدا" ذكرني في الواقع بمادة "التربية المدنية" التي كنا ندرسها في الصفوف المتوسطة في المدرسة التكميلية، بمعنى أنه يتضمن مجموعة من المبادئ التي لا يختلف أحد عليها لكنها لا تعني شيئا بحدّ ذاتها. وبصراحة إنها إحدى الأمور التي كنت متخوّفا منها فيما يتعلّق بالحوار أي أن نعثر على ملهاة للبنانيين بعيدا من مشاكلهم الحقيقية. في الجلسة الثانية أيضا دار نقاش طويل حول سلاح "حزب الله" والإستراتيجية الدفاعية استطرادا، وأخذ رئيس الجمهورية على عاتقه وضع استراتيجية دفاعية، بالطبع فإن رئيس الجمهورية يحاول التوصل الى نتيجة عملية قدر الإمكان، لكن الموضوع ليس في يد رئيس الجمهورية بل في يد الفريق الذي على الطاولة أي "حزب الله"، وهو بتقديري ليس جاهزا بعد لجلسة جدية على طاولة الحوار بل هو جالس الى الطاولة للصورة فحسب ولكي يقدم نفسه بمظهر المحاور. هذا هو رأيي بطاولة الحوار. ولو اقتصر الأمر على تضييع بعض الوقت لبقي الأمر مقبولا لكن ما يحدث أنه يتمّ حرف الانتباه عن المكان الذي يجب أن يتوجه صوبه أي الأمور المعيشية والأمنية والسيادية والوطنية في لبنان والقرارات الحكومية المفترض اتخاذها الى شأن آخر لا طائل منه ولن يؤدي الى أي نتيجة. وبالتالي فإن الضرر بات مزدوجا في إضاعة الوقت أولا وفي حرف الانتباه ثانيا عن نقطة التركيز الأساسية.
* ما صحّة القول إن عدم مشاركتك في "هيئة الحوار الوطني" هي بسبب علمك بمخطط لاستهدافك أمنيا وخصوصا بعد محاولة الاغتيال التي تعرّضت لها في مقرّك في معراب؟
- لا البتة، فلا معلومات خاصة عن أي محاولة لاستهدافي متعلقة تحديدا بمشاركتي في الحوار، لكن لا شك أنني أعتبر بعد محاولة الاغتيال التي استهدفتني وانطلاقا من معطيات تردني تباعا أن ثمة تخطيط لإعادة الكرة.
* هل تردك الآن ومن جديد معلومات عن محاولات تخطط لاغتيالك غير المحاولة الأولى؟
- آنيا نعم، ثمة معلومات تردني بهذا المعنى منفصلة عن محاولة الاغتيال السابقة. لا بل إن النية باتت أكبر بذلك لأن الفريق الذي وقف وراء محاولة الاغتيال اعتبر أنه ضرب ضربة في الهواء وهو يريد أن يتلقفها ويعوّض عنها في أسرع وقت ممكن فتكون الضربة المقبلة صحيحة..
* هل تتلقى هذه المعلومات من جهات دوليّة؟
- لا، بل من أجهزة أمنية لبنانية. إن هذه المحاولات ستستمر بالطبع لكن لم يكن من شيء خاص بمشاركتي بطاولة الحوار.
سلاح "الحزب" قبل عام 2000 وبعده
* تظهرت أخيرا في خطاب قوى 14 آذار فكرة التمييز بين سلاح "حزب الله" قبل عام 2000 وبعده، ماذا يعني ذلك؟
- قبل عام 2000 كان جزء من الأراضي اللبناني محتلاً من قبل إسرائيل وبالتالي كانت هناك ضرورة لوجود مقاومة وهي وجدت فعليا ووفقها الله ووفق كل الشعب اللبناني الذي كان يدعمها وخرجت إسرائيل من لبنان. لكن بعد عام 2000 لم يعد يوجد أي سبب فعلي لترك "حزب الله" مسلّحا. والسبب الذي يقدمونه من جهتهم والمتمثل باحتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ليس مبررا. مزارع شبعا وتلال كفرشوبا مسألة دبلوماسية فقط ولم تعد مسألة أرض محتّلة بالمعنى العملي للكلمة، لأن إسرائيل اتخذت قرارا بتنفيذ القرار 425 ونفذته فعليا تبعا لما هو موجود على الورق في أروقة الأمم المتّحدة، وعلى الورق أيضا نجد أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا مسجلين على حساب سوريا، وكل ما كان مطلوبا لحل هذه الأزمة هوأن تقوم الحكومتان اللبنانية والسورية بتوقيع محضر مشترك يبيّن عبر الخرائط أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هي أراضٍ لبنانية وليست سورية تقع تحت السيادة اللبنانية. للأسف فإنه منذ عام 2000 ترفض سوريا هذا الأمر ووراءها بالطبع "حزب الله" بغية الحفاظ على حجة الإبقاء على السلاح بين أيديهم، لأن هذا السلاح يعطيهم موقعا مميزا في الدّاخل اللبناني من جهة ويجعلهم يلعبون دورا إقليميا لا علاقة للبنان به من جهة ثانية، من هنا التمييز بين السلاح قبل عام 2000 وبعده.
* ألا ترى أن المطالبة حاليا بسلاح "حزب الله" غير مجدية لأن هذا السلاح هو رهن بالوضع الإقليمي والتوازنات الجديدة التي ستنشأ في المنطقة ومرتبط بنتائج المفاوضات الأميركية الغربية مع إيران؟
- هذا ما أعنيه تماما عندما أقول إن "حزب الله" ليس جاهزا في الوقت الحاضر للجلوس الى طاولة الحوار..
* لمَ تصرون إذن على حلّ مسألة السلاح راهنا؟
- الطرح بالمبدأ شيء وترجمة هذا المبدأ عمليا شيء آخر. نحن نصرّ على الكلام في موضوع السلاح وسنستمر في ذلك لأنه لن يستقيم الوضع في لبنان برأينا إلا عندما يصبح سلاح "حزب الله" في حوزة الدولة ولا يبقى في لبنان أي سلاح غير شرعي، هذا هو المبدأ، ولكن بالطبع لا يمكن أن نكذب على حالنا ونقول إن الحلّ سيكون فوريا لأن"حزب الله" ليس جاهزا بعد لحلّ هذا الموضوع.
حكومة الأزمات اللبنانية
* تطالبون دوما بتغيير الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة نجيب ميقاتي، كيف يمكن ذلك في ظلّ تشبّث مكوّناتها ببقائها وفي ظل دعم دولي لها؟
- أختلف معك بالدعم الدولي لهذه الحكومة..
* لقد اتصلت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بالرئيس ميقاتي وعبّرت له عن هذا الدّعم..
- بالطبع، فإن جميع المسؤولين يتصلون بنظرائهم حين يكونون بالسلطة، لغاية الماضي القريب كانت الاتصالات مستمرة ببشار الأسد.. بالرغم من الموقف المتخذ منه. أنا أختلف في شأن الدعم الدولي لهذه الحكومة. وأسأل: كيف ترجم هذا الدعم الدولي؟ هل ترجم بإصدار 4 دول عربية تعاميم الى مواطنيها تحذرهم فيها من عدم المجيء الى لبنان؟ أين يمكن لمس دعم دولي باستثناء الاتصالات التي تتم من وقت الى آخر بهدف الحدّ من انتقال الأزمة السورية الى لبنان ومحاولة من الدول الكبرى للحفاظ على بعض مصالحها؟ هذا لا يعني دعما دوليا. الدعم الدولي كنا نراه في زمن الرئيس رفيق الحريري وفي زمن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عندما كانت تعقد مؤتمرات دولية لدعم الحكومات اللبنانية، وحين كانت تصرف المليارات من الدولارات في ظل تلك الحكومات، وحين كانت تتخذ مبادرات دبلوماسية وسياسية تصبّ في مصلحة لبنان، وهي أمور نرى عكسها تماما اليوم. فلا يجب الخلط بين بعض الاتصالات التي تتمّ لأسباب تكتية وظروف آنية وبين الدّعم الفعلي الغير موجود إطلاقا. فيما يتعلق بتشدد فرقاء الحكومة فبالطبع إن هؤلاء متشبثون بها بما يذكرنا بالمثل اللبناني الشعبي القائل: "عديم وقع في سلّة التين"، فالسباق الحقيقي الذي يتم في الحكومة هو محاولة الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب. وفي آخر جلسة لمجلس الوزراء يمكن ملاحظة لحساب من صدرت بعض التعيينات بعضها ل"حزب الله" والآخر لحساب آخرين ومنها على سبيل المثال التعيينات في "كازينو لبنان".
* لصالح من صدرت التعيينات في "كازينو لبنان"؟
- أنا أكتفي بهذا الحدّ..
لا مخاوف من انفلات أمني شامل
* بات جليا الانفلات الأمني السائد في لبنان وكأن الدولة فقدت هيبتها، هل ترى أن الوضع السائد في سوريا بدأ ينعكس بعدم استقرار أمني في لبنان؟
- الوضع في سوريا له انعكاس جزئي فحسب على الانفلات الأمني الحاصل. هذا الانفلات له علاقة بغياب هيبة الدولة وبطريقة تصرّف السلطة وبمجموع المشاكل الاجتماعية والمعيشية التي نعيشها وبالوضع الإقتصادي المتدهور.
* هل تتخوّف من أن يدخل لبنان في سياق فلتان أمني شامل؟
- لا أعتقد أننا سنصل الى هذا الحدّ. لكن يكفي حصول القليل من الفلتان ليسمّم الجو العام وخصوصا بمفاعيله الاقتصادية. لا أعتقد أنه سيحصل فلتان شامل. لنأخذ مثلا سكان جبل لبنان وحتى سكان الشمال فهم بطبيعتهم متقيدون بالقانون ويريدون الدّولة وإذا أقدموا على احتجاج يقدمون عليه ضمن القوانين المرعية، وبالتالي لا أتخوّف من انفلات أمني عام.
نهاية قريبة للأزمة السورية
* توقعت أن تنتهي الأزمة السورية قبل نهاية سنة 2012 ليبدأ مسار سياسي جديد، وقلت إن النظام السوري عاجز عن الاستمرار بأي شكل من الأشكال، علامَ استندت في هذه القراءة وقد شكّل الرئيس بشار الأسد حكومة جديدة للتوّ؟!
- (يجيب ساخرا): "يا عيني على هذه الحكومة!". إنها الحكومة الوحيدة في المنطقة التي تعتبر الأسوأ من الحكومة الموجودة في لبنان! إن هذه الحكومة المشكلة حديثا تعتبر مهزلة وهي تذكرني بطاولة الحوار الوطني، إذ في خضم مخاض طويل عريض يقدم البعض على تقديم أمر للإلهاء. إن الحكومة السورية الجديدة هي عبارة عن ملهاة في خضم الأزمة السورية.وقد استندت في تحليلي المذكور على المعطيات التي نشهدها يوميا في الداخل السوري وعلى طبيعة الأزمة في سوريا وعلى موازين القوى ولا زلت متمسكا برأيي. وأعتقد أنه في المستقبل القريب سينتهي الجانب الحاد من الأزمة السورية ويبدأ المسار السلمي.
* هل تعتقد أن مؤتمر جنيف سيشكل أرضية للحل ؟
- حظوظ مؤتمر جنيف بالنجاح أو الفشل متساوية. حتى لم يجد المؤتمر حلا فإنه ستليه حتما مبادرات أخرى، إذ ستستمر المشاورات لإنهاء المرحلة الحادة والدموية للأزمة السورية والبدء بالمسار السياسي. قد يكون المؤتمر بداية لحل ولكن لا أعتقد أن الأزمة السورية ستطول أكثر من أشهر معدودة.
الاتجاه المصري
* كيف سينعكس انتخاب محمّد مرسي المنتمي الى "الإخوان المسلمين" في مصر على سوريا الثورة والنظام السياسي المقبل؟ وماذا عن ارتداداته على لبنان؟
- لا يمكنني التقدير لأنني أفضل ألا أحكم على أفكار مسبقة ولا على عقائد وطروحات سابقة، ولا حتى على تصاريح آنية. أفضّل انتظار الأعمال ويا ليت تطرحين عليّ السؤال بعد مرور مئة يوم لمعرفة الخطوات التي سيبادر اليها الرئيس محمد مرسي لتلمس اتجاه الأحداث. وقياسا الى تصريحات الرئيس المنتخب خلال فترة ترشحه يمكن القول إنها تدعو الى الارتياح. لكنني أفضل الانتظار لكي يتخذ الرئيس مرسي قراراته ويركز مساره عندها يمكننا تحديد مسار الأمور بشكل أدق بالنسبة الى سياسة مصر المقبلة تجاه المنطقة ومجرياتها.
* دخل لبنان أخيرا في خطة أمنية جديدة لطمأنة اللبنانيين والسياح العرب، فبماذا تتوجه بكلمة لهؤلاء وخصوصا بعد منع 4 دول خليجية لرعاياها من زيارة لبنان؟
- أتمنى أن يأتي عشرات الآلاف من العرب الى لبنان في كل لحظة وخصوصا من الدول الخليجية نظرا للمحبة التي تربطنا بها، لكن لا يمكنني أن أتوجه لمواطنيهم بأي رسالة لكي أبقى صادقا مع نفسي. ففي ظل الحكومة الحالية أنا شخصيا لست واثقا من شيء البتّة، المواطن اللبناني بذاته لا يشعر أنه يعيش في ظل دولة فكيف يمكن أن يشعر الزوار الخليجيون بأنهم في حمى دولة. ففي بعض الأماكن مثلا يتم خطف بعض المواطنين السوريين المعارضين من قبل جهات رسمية، وبعض النازحين السوريين في البقاع يتعرضون لمضايقات وكأن الحكومة اللبنانية لا تعترف بهم فيما تعترف بالنازحين السوريين في الشمال، وهذا ما يجعل المواطن اللبناني قبل الخليجي لا يثق بالحكومة اللبنانية وبالتالي وبخلاف كل ما أتمناه وبقلب مكسور لا استطيع أن أقول شيئا للمواطنين الخليجيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.