أكتب لكم بإيجاز من أجواء الصيف والإجازات .. مواسم السفر وهرولة القفز من بيئة إلى أخرى، حيث اللهو البريء والاسترخاء والتغير. أحلام الطفولة والعائلات التي لا يحلو فيها السفر إلا جماعات. وتعبير جماعات يتعلّق بعدد الأفراد المسافرين ومن معهم من أطفال ومربيات أو مرافقات وأيضاً متعلقات وعفش وحقائب.. وغيره. والحقيقة أن التوقف أمام حالة العفش يستحق الالتفاتة لسبب جوهري وهو أنه بات من الممنوعات في الدول الأوروبية استخدام حقيبة سفر تزن أكثر من 30 كيلوجراماً.. رحمة بعمال المطارات في العالم والذين اشتكوا على ما يبدو مراراً وتكراراً من قضية شنط المسافرين الثقيلة الوزن - نحن ملومون لا شك في هذه التهمة بسبب مناسبات النهم الشرائي الذي يصيب معظمنا عند السفر وكأن التسوق هو أحد أهم منافعه. أذكر هنا كيف كنا في زمن الثمانينيات نكثف من مشترياتنا عند السفر للخارج خاصة لأغراض وملابس الأطفال والمنزل، وكانت المهمة تستدعي أن نذهب جماعة عائلية للسوق ففي المدن الأوروبية ليس لأكثرنا سيارات خاصة تنتظر وكانت حصيلة يوم تعني أكياساً متعددة من المشتريات.. وكنا نعود آخر النهار بغنائمنا متعبين وكأننا نعمل لا نستريح.. وأذكر جارة لنا إنجليزية ودودة عجوز وتعيش بمفردها كيف كانت تدهش كلما رأتنا على هذه الحالة وتتساءل كل مرة «أليس لديكم أسواق في بلادكم؟؟» الحقيقة بأننا كنا نشعر بالحرج من سؤالها، «حالة نفسية لا شك» رغم أن مدننا كانت في حالة انشاء مراكز وأسواق سوبر على مهل وتأن لذا كان الاتجاه النفسي مقبولاً اجتماعياً. ولكن الآن وفي كل شارع رئيسي مراكز تجارية رائعة ومليئة بأحدث البضائع، فبماذا نبرر عاداتنا الشرائية عند السفر؟. لي صديقة كنا نعتمد على ذكائها وحدة ملاحظتها.. اختارت ذات مرة وهي في رحلة سفر بالخارج عندما زادت مشترياتهم وهداياهم عن سعة حقيبة السفر أن تشتري صندوقاً كبيراً لتضع فيه كل الأشياء.. وبررت الموضوع.. بأنه حل مريح حيث لن تتعب في حمل عدة حقائب.. صندوق واحد جميل بجانب حقيبتهم يكفي للملاحظة والتنقل. قلنا.. جميل.. لكن المشكلة ظهرت عندما جاء موعد سفرهم.. فقد كانوا يسكنون الدور الثالث لسكن ليس به مصعد! وشعروا بأن أمامهم معضلة إذ كيف يحملون صندوقاً ثقيلاً بمفردهم؟ الحل؟ فكوا الأغراض.. وأنزلوا الصندوق فارغاً «أسلوب لوريل وهاردي الكوميدي» ووضعوه عند السلم ثم أتوا بالأشياء وأدخلوها!! نصيحة.. لا تجربوا هذا الحل.. الأفضل أن تحملوا عدة حقائب متوسطة الحجم ويمكن حملها بدلاً من وزن واحد ضخم. أخرى قريبة لطيفة المعشر وتهوى هندسة الأشياء بما فيها ترتيب الأغراض والملابس في حقيبة السفر وكانت تزهو أمامنا بموهبة تنظيمها أمام «فوضويتنا» .. فأغلب الأمهات المسؤولات عن أفراد عائلاتهن في السفر يحظين بلقب فوضوية أو غير مستعدة أحياناً وحسب الظروف. هذه القريبة تستعد قبل الموعد بساعات وأحياناً بأيام فهي مرتبة جداً .. وأشياؤها دائماً في أماكنها الصحيحة وبمقدورها أن تضع كل احتياجاتها في حقيبة سفر متوسطة. وذات رحلة كانت معنا ودار نفس الموال.. لماذا انتِ متأخرة.. شنطكم غير جاهزة.. أشياء الرضيعة أينها.. الألعاب.. و.. و.. ولاحظنا في خضم محاضرتها الأمومية بأن في حقيبتها المقفلة بعض الثقوب فأبدينا الملاحظة والنصيحة.. يا خالة غيري الشنطة.. لكنها رفضت بإصرار. وفي مطار جدة دارت أغراضها على سير الشنط عدة دورات قبل أن ننتبه أن حقيبتها قد انفتحت وانفلتت الأشياء منها.. نصيحة أخرى.. تأكدوا من متانة حقائبكم.. الغالية الثمن أفضل تحملاً.. أما بخصوص الأوزان المقررة فهي صراحة في صالح الجميع المسافر الذي قد يلجأ إلى التخطيط والتقرير مبكراً وعدم حمل أغراض لا يحتاجها كما العمال المساكين.. وهي فرصة على المستوى العائلي والنفسي أن نحاول معالجة حالات التسوق اللاإرادية التي تغمرنا عند السفر حتى وإن كانت أغلب مشترياتنا موجودة في أسواق الوطن وبأسعار أقل كثيراً مما في بعض الأماكن الخارجية. ترى هل يمكن اللجوء إلى رأي علمي في هذه الظاهرة؟. كل عطلة صيف وأنتم بخير.