جرعة عالية من الحنين إلى الزمن الكلاسيكي ولكن في نسخة "شرقاوية" سعودية. مشاهد وصور وحكايات وذكريات من زمن دخول التلفزيون على أهل المنطقة الشرقية في بدايات بث تلفزيون أرامكو عام 1957. وذلك في عمل فني مزج بين العرض المسرحي الكوميدي والدرامي بالوثائقي التلفزيوني وهو ما برع في إخراجه وتقديمه بهورمونية متناسقة المخرج اللبناني إيلي كرم عن نص حرره هو إلى جانب المؤلفين الفنانين راشد الورثان وعبد الباقي البخيت. "قصة التلفزيون" هو إذن اسم العرض الذي قدم في افتتاحية مهرجان صيف أرامكو السعودية 2012 وجسد بطولته النجم إبراهيم الحساوي والفنانون: عبدالعزيز المليفي ومعتز العبدالله وجبران الجبران وعبدالباقي البخيت وماهر الغانم وزكي الدبيسي ومن مملكة البحرين عبدالله السويد إلى جانب الطفلة نورة اليوسف. وتظهر قصة المسرحية صراع الأجيال بين أب رافض دخول التلفزيون "إبراهيم الحساوي" وأبناء يريدون هذا الجهاز الجديد في منزلهم المكون من شاب متعلم "المليفي" يود مشاهدة برامج تلفزيون أرامكو التثقيفية بينما الأخ الثاني "معتز" مصلح الراديوهات فهو يتمنى العمل في محطة أرامكو ولهذا يريد من والده أن يأتي بالتلفزيون لكي يتعلم عليه. أما الطفلة نورة فتريد مشاهدة برنامج "بابا حطاب" والذي كان يبث في بدايات تلفزون أرامكو.. ويرضخ الأب الحلاق، لطلبات الأبناء مصغياً لمشورة "الكركتر" المصري في المسرحية "جبران الجبران" ويدخل التلفزيون ذلك البيت ومن ثم إلى كامل الحي "الفريج". أرشيف تلفزيون أرامكو كان حاضراً في المسرحية وتبدأ شخوص جديدة بالشهرة بين الجمهور، مثل أبطال مسلسل الكوبوي الأمريكي (Bonanza) والذي عرض بداية الستينيات وسجل شعبية كبيرة لدى جمهور المشاهدين في المنطقة الشرقية، حيث تظهر المسرحية تعلق الجار "ماهر الغانم" بأبطال المسلسل إلى درجة أن الجيران بدأوا يسمونه ب"أبو بوانزا". وهكذا مع نجمة هوليود لوسيل بل والتي تعلق بها كثير من المشاهدين وهم يتابعون ادوارها التي جمعت بين الكوميدي والعاطفي ضمن أفلام كانت تدبلج بعناية في تلفزيون الظهران آنذاك. المسرحية استثمرت شاشات عرض تلفزيونية لتحريك وتغيير الديكور كخلفيات سينوغرافية وهو ما أضفى متعة بصرية للحضور الذي تفاعل مع العرض في كل أجزائه والتي كانت تنتقل من فصل لآخر عبر سرد سمعي من صوت إذاعي دافئ هو صوت الفنان راشد الورثان وهو يروي حكاية ذكريات دخول التلفزيون، على بيت أسرته، أيام الزمن الجميل، بوصفه ذلك الشباب المتعلم "دور المليفي" والذي ساهم برنامج الإعلامي الفلسطيني إسماعيل الناظر "زاوية الكتاب"؛ لدخوله عالم الثقافة والقراءة وتحوله إلى شاعر وكاتب وصحفي فيما بعد. لقطة من مسرحية «قصة التلفزيون» هكذا إذن نجح العرض المسرحي في ملامسة المفردات الكلاسيكية بحنين، من ساعي البريد الذي استقبل رسائل الطفلة إلى برنامج "بابا حطاب" مروراً بموسيقى أغنية عبدالحليم "أنا لم على طول" والتي كانت بحق تعبر عن ذلك الزمن الذي كانت فيه الأغنية المصرية هي المتربعة على وجدان المستمعين؛ وصولاً إلى استشعار المشاهد حالة الهدوء والصفاء التي كان يعيشها ذلك الجيل.