سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«مسيرة الرياض الجديدة» بدأها سمو الأمير سلمان ويكملها سمو الأمير سطام في هذا العهد الزاهر شهدت الرياض - كسائر مدن المملكة - تنمية وتطويراً يليقان بها عاصمة للوطن
بداية حدثنا عن قصة انتقالكم إلى مدينة الرياض ومتى خرجتم من (رغبة) بحثاً عن العمل وطلباً للرزق، وكيف كانت الظروف في تلك الفترة؟ - بدأت حياتي من الصفر، عندما انطلقت رحلتي من قريتي (رغبة) 130 كم شمال الرياض قبل أكثر من خمسين عاماً إلى مدينة الرياض، التي بدأت فيها رحلة أحلامي الصغيرة تكبر وتتسع وسط ظروف صعبة لا تتجاوز أحلام أكثر المتفائلين فيها في أن يجد قوت يومه المتمثل في التمر والقمح آنذاك، فخضت خلالها غمار تجارب قاسية واجهت خلالها تجارب، وواجهت صعوبات الحياة والاعتماد على النفس، وأحمد لله توفيقه أن وصلت إلى ما أنا عليه الآن . * حدثنا عن الرياض القديمة حدودها.. أحيائها.. عمرانها.. إنسانها؟ - اقترنت أسماء الأحياء في مدينة (الرياض القديمة) بأسماء الطبيعة الجغرافية، أو الصفة المناخية للمكان، أو المواقف والقصص الشخصية والتاريخية، على مدى عقود طويلة، فكانت لها دلالات خاصة تشير إلى سبب التسمية، وإن كثيراً من المؤلفين أجمعوا على أن أحياء الرياض تسمت بجغرافية الأرض، إضافة إلى من سكن فيها من الأسر، ولنأخذ مثلاً اسم الرياض نفسها، سميت رياضاً لما كانت تتمتع به من النخيل والبساتين، واستمر الاسم إلى وقتنا الحاضر، وهذا معروف عند العرب، فاسم المكان جزء من تاريخ موقعه. وأذكر من أحياء الرياض: القري، بن نصار، حي منفوحة، حجر اليمامة، حي المصانع، السبالة، مسجد المريقيب، حي عليشة، حي الدحو، أم سليم شمال شرق الرياض، البديع طريق قديم يبدأ من نهاية شارع الفريان ويتجه جنوباً إلى منفوحة، البطحاء تقع شرق الرياض، الثميري مدخل الرياض القديم من جهة الشرق، الثميرية شرق العجلية، شمال الشميسي، جفرة القطعي تقع في دخنة، الحساني شمال القرينين. ونحن ننتقل بالأقدام بين حي وحي، وشارع وآخر، وفي كل مرة نخطو إلى الأمام تعيدنا ذكريات «الزمن الجميل» إلى الوراء، داخل الحارات القديمة، والبيوت الطينية.الرحبة المتصالحة مع البيئة. * أنتم من أبرز المعاصرين للرياض قديما وحديثاً، كيف تقارنون بين عبق الماضي وبساطته، والحاضر وعنفوانه؟ - في نصف قرن تحولت الرياض من بلدة صغيرة تحيطها الأسوار إلى مدينة عصرية. والآن تبلغ مساحة نطاقها العمراني ما يزيد على مساحة كثير من الدول، حيث تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة سنغافورة مثلاً. وتغطي المرحلة الأولى من النطاق العمراني حدود المدينة الحالية (أي: حوالي 632 كيلو متراً مربعاً)، فيما تغطي المرحلة الثانية المساحة الباقية بمساحة (1150 كيلو متراً مربعاً)، وتبلغ المساحة المطورة حالياً حوالي 950 كيلو متراً مربعاً، وهو ما يعكس التوسع الكبير الذي تشهده المدينة بعد أن خرجت عن أسوارها، لتصبح من أكبر مدن العالم تطوراً ونمواً. والجميع لا ينسون جهود الأمير سلمان في إمارة منطقة الرياض، التي شهدت خلالها المنطقة تطوراً كبيراً بفضل الله، ثم بجهوده ومتابعته حتى أصبحت مدينة الرياض من عواصم العالم التي يشار إليها بالبنان، ومسيرة الرياض بدأها سمو الأمير سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع أثناء عمله أميراً لمنطقة الرياض، يكملها سمو الأمير سطام أمير منطقة الرياض الذي يتمتع بسجل حافل بالإنجاز منذ توليه منصب وكيل لأمير الرياض، ثم نائباً له، لفترة قاربت الخمسة والأربعين عاماً، ما جعل سموه يكتسب خبرة كبيرة حيث كان الذراع الأيمن لأمير الرياض السابق، فشارك في جهود تطور الرياض، وساير مراحل التطور، وساهم فيها، كما أشرف على وضع الخطط المستقبلية لتطويرها وتطوير محافظاتها، ومراكزها، لذا فلن يجد سموه عائقاً لمواصلة مسيرة التطوير لهذه المنطقة العزيزة من الوطن، ونتوقع المزيد من التطوير في المرحلة القادمة بمشيئة الله. * حدثنا عن الدور المحوري الذي انتهجه الأمير سلمان في أثناء توليه إمارة منطقة الرياض، والنهضة والتطور اللذين حدثا لمدينة الرياض؟ - الحديث عن إنجازات الأمير سلمان حديث ذو شجون ويطول؛ لأن لكل إنجاز من إنجازاته هو شاهد له، ويتحدث عن نفسه، فكان الأمير سلمان هو المفكر والمخطط والمهندس والمتابع لكل إنجازات مدينة الرياض، والقيادة الحكيمة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، حفظه الله، للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض طوال أربعة عقود أثمرت عن نهضةً تنموية واسعة وإنجازات متتابعة شملت كافة القطاعات حتى بلغت خلالها الرياض آفاقاً غير مسبوقة في جوانب التحديث والتطوير الشامل وباتت إحدى أبرز حواضر العالم. وفي هذا العهد الزاهر الذي شهدت فيه الرياض كسائر مدن المملكة، أقصى درجات الرعاية، تنمية وتطويراً يليق بها عاصمة للمملكة العربية السعودية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله - وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - اللذين انصبت توجيهاتهما على الاهتمام بالمواطن وخدمته، وتنمية جميع مدن المملكة وتطويرها، والرياض بوجه خاص؛ لترتقي إلى المكانة التي تليق بعاصمة المملكة العربية السعودية. * وماذا عن عضويتكم في الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض؟ - الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض واللجنة التنفيذية العليا للمشاريع والتخطيط لمدينة الرياض لعبت دوراً مقدراً في تخطيط المشاريع تنفيذها، وما تم إنجازه فيما مضى من إنجازات يحسب للهيئة، وما يجري العمل عليه الآن فيما لا يقل عن 60 مشروعاً تطويرياً لبعض أهم مشاريع مدينة الرياض، التي يجري تنفيذها حالياً، وتشمل مشاريع شبكات الطرق، وشبكات الخدمات العامة، والمرافق الصحية، والتعليمية، والمرافق الترويحية والسياحية، والمشاريع الاقتصادية، إلى جانب مشاريع المنشآت الإدارية والثقافية، والمراكز العلمية. * رافقتم الأمير سلمان والأمير سطام في أثناء تدشين سموهما كثيراً من مشاريع تطوير مدينة الرياض، برأيكم ما أبرز تلك المشاريع؟ نعم كان لي الفخر بمرافقة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، ومرافقة صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير الرياض بافتتاح كثير من المشاريع المهمة، الاقتصادية منها والاجتماعية، التي أسهمت بتوفير المناخ الاقتصادي الملائم، وتأمين البنية الأساسية لازدهار حياة المواطن والمقيم ورفاهيتهما. وهنا أشيد باهتمام سمو أمير منطقة الرياض الأمير سطام في تطوير الدرعية، التي تؤدي دوراً محورياً في التاريخ السياسي للمملكة؛ لكونها تمثِّل عاصمة الدولة السعودية الأولى. ويبرز دورها السياسي والدعوي جلياً على مستوى المملكة، بما أرسته من دعائم للدولة، وأسس للعقيدة منذ نشأتها. وقد أدى اندثار عمران الدرعية عند بدايات القرن التاسع عشر الميلادي إلى جعلها مهجورة في معظم أجزائها، خصوصاً ما يتعلَّق منها بالأحياء التاريخية، كحي الطريف، الذي يتميَّز بنسيج عمراني متفرِّد. وقد أولت الدولة عنايتها، منذ وقتٍ مبكر, بإعادة إعمار الدرعية وفق رؤية طموحة تهدف إلى الاستفادة من المقوِّمات التي تتمتَّع بها، والإرث الذي تتميَّز به، بما يحقِّق إضافة نوعية للنمو الاقتصادي والثقافي والاجتماعي للدولة، وذلك عبر الاهتمام بالجانب السياحي. ولئن كان المنطلق لكثير من المدن لتنشيط السياحة فيها هو الاعتماد على بيئاتها الطبيعية، أو تميُّزها العمراني أو إرثها التاريخي، فإنَّ الدرعية تعد من المدن القليلة التي تمتلك حظاً وافراً من كل تلك العوامل. وستوفِّر الاستفادة من النواحي التراثية والبيئية عدة منافع تتمثَّل في تحقيق فرص استثمارية متزايدة تنعش النمو الاقتصادي وتساعد على تطوير إنسان المنطقة. * بحكم أنكم من أبرز رجال الأعمال في القطاع الخاص، وبحكم ترؤسكم الغرف التجارية بالمملكة، وترؤسكم غرفة الرياض لعدة سنوات، كيف ترون الرياض الآن، وكيف تستشرفون مستقبلها؟ - الرياض الآن امتداد لجهود بذلها سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز، نذر خلالها نفسه لخدمة الوطن، حيث قضى أكثر من 50 عاماً أميراً للرياض، وعمل بجهد دؤوب ومخلص؛ لتنمية المنطقة وتطويرها، وما تحقق لمدينة الرياض كان بفضل الله، ثم بجهود مخلصة وصادقة وحثيثة من هذا الابن البار الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - الذي عرف عنه الجميع تميزه بأخلاقه الكريمة، وصفاته الحميدة، وسداد الرأي، وقوة في الحق، وتواضعاً جماً، وحرصاً على نفع الناس، وقضاء حاجاتهم، وبالنظر في سيرته نجدها حافلة بالبذل والسخاء، والنفع والعطاء، وحافلة بالإنجازات العظيمة، والإسهامات الكريمة. * كيف ترون جهود الأمير سطام التي تعد امتداداً لتوجيه الأمير سلمان في دفع عمليه التقدم والتطور للرياض الجديد؟ - سطام ليس بغريب عن مسيرة الرياض ونموها ونهضتها وتطويرها، في ماضيها وحاضرها، وسيواصل المسيرة من حيث انتهى أخوه الأمير سلمان، ولن تكون مهمة الأمير سطام بالسهلة أبداً في مجال تطوير منطقة الرياض، المكان والعمران والإنسان، فإذا كنا في الماضي نعاني قلة الموارد البشرية، والكفاءات الوطنية، وكذلك قلة الموارد المادية، لأن السعودية كانت كلها تبنى وليست الرياض وحدها، فكان الإنجاز نحسه يمضي ببطء، والآن بعد أن امتلكنا الموارد المادية والبشرية في الإنسان السعودي ذي الكفاءة والذكاء، أصبحنا في عصر متسارع في كل الاتجاهات، وهذا ما يحتاج إلى مجهود ضخم، واختزال للوقت، فكنا في الماضي نرى المشروع يبدأ ونتابع خطواته وطوال أمد إنجازه، ولكننا اليوم نرى ما إن يبدأ المشروع حتى يعلنون عن افتتاحه أو إنجازه.. وإذا تصورنا مدى ما ينتظر الأمير سطام من مشاريع تم اعتمادها بمئات المليارات حسب ما أشار رئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض التي تتضمن 3587 مسجداً، و2178 مدرسة وروضة أطفال، و37 جامعاً، و53 معهد تدريب، إضافة إلى 314 مستشفى، و19 مركزاً للهلال الأحمر، و34 مركزاً للشرطة، و14 مركزاً للمرور، و34 مركزاً للدفاع المدني، و6 مراكز للجوازات، و18 مركزاً للبريد، وتوفير 715 خدمة ترويحية، و16 خدمة ثقافية، و12 اجتماعية، وغيرها من المشاريع، سيشعر المرء بضخامة هذا الحمل الذي ينتظر صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض. هذا فقط في المجالات الخدمية، فما بالك بالمشاريع وقضايا الإمارة الأخرى، وهذا ما يدعونا إلى الدعاء لصاحب السمو الأمير سطام بالتوفيق والسداد، وأن يعينه على هذا التكليف من لدن خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله, على خدمة مليكه ووطنه، بإذن الله، فكان هذا الرجل المناسب في المكان المناسب. * يقال: لكل مدينة في العالم قيادتها الإدارية تحدد وجهتها وترسم سياستها نحو الرقي والتقدم، كيف ترون الرياض من خلال سلمان وسطام؟ - إذا نظرنا إلى بداية السبعينات الهجرية نجد أن عدد سكان مدينة الرياض لم يتجاوز المئة ألف نسمة، غلبت عليهم الأصول العائلية المتقاربة، واتسمت حياتهم بإيقاع موحد في المعاش والأنشطة، والآن يعيش في المدينة ما يقارب الخمسة ملايين نسمة، وفقاً لنتائج البحث السكاني لعام 1430ه مثّل السعوديون ما نسبته 68%، منهم 55% من الذكور وفي المقابل مثّل الإناث 45%. أما غير السعوديين فقد مّثلوا 32%. فإذا تصورنا هذا النمو الهائل والمطرد في زيادة عدد سكان الرياض سنقدر ما يؤول إليه حجم ما تحتاج إليه الرياض في مستقبلها، حتى للعشرين سنة المقبلة فقط، من خدمات في كل مجالات التطوير, ولكن، وكما خطط لتطويرها أمراؤها السابقون فالأمير سطام قادر على مواكبة تطويرها وقيادتها. نسأل الله له التوفيق والسداد وأن يعينه على ذلك. * مدينة الرياض فازت مؤخراً كثاني أسرع المناطق نمواً في العالم، ما تعليقكم على هذا الحدث؟ - لقد اطلعت من خلال جريدة الرياض على خبر سرني كثيراً، وهو تصنيف معهد بروكنجز، في تقريره السنوي، لمدينة الرياض كثاني أسرع المناطق نمواً في العالم، حيث يشير هذا التقرير إلى أن الزيادة في الدخل والوظائف بنسبة 7.8٪ و6.3٪ على التوالي جعلت الرياض تحتل المركز الثاني، بسبب التطور والازدهار في كثير من القطاعات المختلفة، وهذا دليل على نجاح قيادتنا الرشيدة، واعتراف دولي يحسب لأمراء الرياض. * قبل الختام.. لاحظنا ظهور كتاب يتناول بعضاً من سيرتكم الذاتية لمن تهديه؟ - قام بجمع هذا الكتاب ابني الدكتور خالد الجريسي، والكتاب يتناول بعضاً من رحلة مسيرتي عبر هذه الحياة، وآمل أن يكون فيها من العبر التي يستفيد منها جيل اليوم, وما دمنا نتحدث في هذا اللقاء عن الرياض وأمرائها، فاعتقد أن معظم ما جاء في هذا الكتاب هو عبارة عن ما كانت عليه حياة الرياض الاجتماعية، والتجارية، والإنسانية، حتى تسارعت بنا عجلة التطور والرقي إلى ما آلت إليه الرياض اليوم.. والإهداء إلى كل الذين جمعتني بهم الظروف أثناء مسيرتي، ولأنهم جميعاً أضافوا لي شيئاً عبر مشواري. * هل من كلمة أخيرة نختتم بها لقاءنا؟ - حينما يكون الحديث عن أي غرس تنموي، تعود بنا ذاكرة الوفاء - التي لم تغب يومًا - إلى المؤسس الموحد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، حيث لملم أطراف الوطن المبعثرة، وأرسى دعائم الاستقرار، فكانت ملحمة البناء، التي أشرقت شمسها، على فيافي الوطن وهضابه، حتى عانقت قمم الجبال، واستلهمت معاني الإنجاز، وحازت جل الاهتمام في العهد الميمون، عهد اليوم والغد، عهد الإصلاح و البناء، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظهما الله .