ما ان وطئت اقدام المتنافسات على لقب «ملكة جمال الجيش» الروسي خشبة المسرح وهن مبتسمات فخورات بثوبهن الكاكي المزين بوشاح يحمل اسم منطقتهن العسكرية حتى علا التصفيق والصفير من جانب الف جندي حاضرين. وما لبث ان بدأ بعضهن بالغناء محاطا بضباط في الاربعين يعزفون على الغيتار بعد استبدال كلمات اغنية عسكرية شهيرة بكلمات اخرى: «لاننا جنود همنا الاول هو الرشاشات، ومن ثم الشبان». وحفل الانتخاب الذي اقيم ليل الثلاثاء وسيعاد بثه على التلفزيون حلَّ ضيفا على ابرز عناوين النشرات الاخبارية التي وصفت الحدث بأنه «افضل ترويج» لجيش ساءت سمعته بسبب المعاملة العنيفة التي يلقاها المجندون الجدد وكذلك النزاع في الشيشان. وهذا الحدث الذي يعود إلى الحقبة السوفياتية، عاد الجيش للاحتفال به منذ 2003، ويحظى هذا العام باهتمام اعلامي واسع. وعلى خشبة المسرح الروسي اظهرت شاشتان شريطا حول المتنافسات التسع عشرة على اللقب يمثلن مختلف الاساطيل والمناطق العسكرية الروسية. والشريط يعكس رؤية مثالية وراقية للحياة اليومية في الثكنات، اذ يظهر المتباريات وهن يجرين تدريبات عسكرية على مدى ثلاثة ايام قرب موسكو ويزحفن ويتسلقن الدبابات ويركضن بكل اعتزاز ممسكات ببندقية رشاشة على صدرهن من دون التخلي عن ابتسامتهن. تاتيانا بوسيفنينا هي «ملكة جمال» العام السابق وهي ضابط صف في كتيبة رسم الخرائط في بتروزافودسك (شمال روسيا) وقد ارتدت للمناسبة فستان سهرة متموجا ووضعت تاجا مرصعا بالالماس الزائف. وتقول من خلف الكواليس «الغاية من هذا الحفل هو ابراز هيبة الجيش الروسي، لأن شبانا كثيرين لا يريدون الالتحاق بهذه المؤسسة. حفل الانتخاب هذا سيشعرهم برغبة في ذلك .. وتم اختيار المتباريات من اصل 90 ألف امرأة التحقن بجيش قوامه اكثر من مليون رجل، ويعملن داخل المؤسسة العسكرية كموظفات بريد وممرضات ومهندسات مختبر. وفي هذا الجيش المصغر الذي يعبق بعطر زكي، لا وجود لمظليات او عناصر قوات خاصة. وتقول المتبارية انا كاتشان وهي عالمة نفس في فرقة المشاة المتمركزة في خباروفسك (الشرق الاقصى الروسي) ان جميع المجندات يقمن بمهمات يطلب من النساء عادة القيام بها. وتضيف انا (24 عاما) الشقراء بعد مرورها ثانية امام الجمهور في فستان السهرة ان «معظم الشبان يستشيرونني في مشاكل متعلقة بالنساء. المضايقات هنا ليست اكثر من تلك التي نشهدها في الحياة المدنية. المتطوعون الجدد يعطون مزيدا من العمل، هذا كل ما في الامر». وتغيب عن هذا الحفل عمليات الانتحار في صفوف المجندين الجدد والمعاملة السيئة من جانب الضباط التي ندد بها تقرير لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» واثارت فضيحة في روسيا، علما ان التقرير الاخير للمحكمة العسكرية تحدث عن 46 حالة وفاة خلال اسبوع خارج اطار العمليات العسكرية. ويعلق المقدم غينادي دزيوبا الذي يعمل في المكتب الاعلامي التابع لوزارة الدفاع من الكواليس كل الجيوش لها مشاكلها والمجتمع ينظر بسلبية إلى الجيش وقتلاه، ولكن هذه الليلة رائعة وليس فيها سوى المشاعر الايجابية. ويؤكد دزيوبا ان المتباريات لن يعرضن في لباس السباحة «لأن هذا لن يكون صحيحاً». وتعزو انا كاتشان انخراطها في الجيش إلى اسباب مالية. وتقول عالمة النفس الشابة التي دخلت الجيش قبل عام «اتقاضى نحو 8 آلاف روبل (285 دولارا او 235 يورو) وهذا راتب جيد». لكنها لن تعود إلى خاباروفسك حاملة اللقب لانه كان من نصيب كسينيا اغاركوفا المهندسة في اسطول الشمال، وبذلك ستضع في درجها منديلها الاحمر كممثلة «للمنطقة العسكرية في الشرق الاقصى».