القيادة لا تأتي بالوراثة دائماً ، بل إن القائد المثالي هو من يملك صفات القيادة الفطرية ، وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان نموذجٌ لذلك ، فقد حباه الله بتلك الصفات والتي صاغتها تربيته في كنف موحد هذه البلاد والمؤسس العظيم رحمه الله ، إضافة إلى مكتسباته المعرفية بنهمه للقراءة والاطلاع وممارساته العملية في حياته الحافلة بالعطاء طيلة مراحل عمره المديد أطال الله عمره. وكغيري من أبناء الشعب السعودي الكبير كنت شغوفاً بشخصية سموه المهابة قبل التحاقي بالعمل الحكومي وكنت متابعاً ومذهولاً لإنجازاته الرسمية وغير الرسمية وتحركاته الاجتماعية والتي صنعت له رصيداً عظيماً في القلوب. وعندما تحققت أمنيتي التي طالما راودتني بأن أعمل تحت قيادته وجدت المبرر لتلك الإنجازات وذلك الرصيد من احترام وتقدير وحب الجميع لسموه أدام الله عزه ، فمن واقع عملي تحت إدارته ولمدة تجاوزت تسع سنوات تعرفت على برنامجه العملي المزدحم والذي تبين ان اليوم لا يكفيه لاستيعابه ، فسموه يحضر إلى العمل يومياً قبل الساعة الثامنة ، ويبدأ باستعراض معاملات الشؤون الأمنية ثم يستقبل كبار المسؤولين في الإمارة كلٌ بملفاته الثقال حيث يقوم بتوقيع المعاملات الجاهزة ثم يستعرض المعاملات الحقوقية والخدمية التي تمت دراستها من قِبل الجهات المختصة ويبدي عليها رأيه الحكيم بالموافقة أو الاعتراض أو التعديل وسط العديد من الاتصالات الهاتفية مع كبار المسؤولين في الدولة وبعض المقابلات الرسمية المجدولة والمقابلات الشخصية الطارئة، ويستمر ذلك حتى المناداة لصلاة الظهر ، وبعد صلاة الظهر يجلس حفظه الله في المجلس المعد لاستقبال المواطنين والذين ينظر إلى مطالبهم وشكاواهم بكل تمعن وفي الغالب يناقش بعضهم شخصياً في أمره ويحل موضوعه في الحال ، وآخرين تحال مواضيعهم إلى الجهات المختصة ليتم التداول بشأنها وتستمر هذه الجلسة لأكثر من ساعة في الغالب ، بعدها يعود حفظه الله إلى مكتبه لإنهاء المعاملات التي تتطلب مناقشة خاصة مع المسؤولين في الإمارة ثم يتفرغ لتوقيع المعاملات والتي انتظرت في طابورٍ طويلٍ لتأخذ مكانها بين دهاليز وقته الثمين وقد يستمر في إنجازها حتى بعد صلاة العصر في كثيرٍ من الأحيان .. إضافة إلى ما ذكر فهناك الاجتماعات الدورية مع قيادات الإمارة ومحافظي المحافظات ورؤساء الأجهزة الحكومية في منطقة الرياض ، وكذلك الاجتماعات العارضة لبحث الأمور المستجدة. أما بعد خروجه من العمل متأخراً عن وقت الخروج الرسمي يومياً فذاك أمرٌ يعلمه الكثيرون من مجتمع منطقة الرياض والذين يعلمون ماذا يفعل الأمير من بعد صلاة المغرب وحتى قبيل منتصف الليل من عيادة للمرضى أو مواساة في أحزان أو مشاركة في أفراح أو تلبية لدعوة أو حضور لحفلٍ رسمي. فهذه يوميات الصرح الشامخ كما أعرفها ، وما لا أعرفه أكثر بكثير ، وهذا هو القائد المهاب والأمير الأمين والذي نال وبكل جدارة ثقة مولاي خادم الحرمين الشريفين بولاية العهد ، ونحن إذ نقدم التهاني إلى الشعب السعودي لنسأل الله أن يعين سيدي ويسدد خطاه وأن يمده بقوته ، ويشد أزره بالقوي الأمين من الرجال المخلصين ، لتحقيق ما فيه مصلحة هذا الوطن الغالي وهذه الأمة العظيمة في ظل حبيب القلوب والد الجميع سيدي خادم الحرمين الشريفين أمد الله في عمره وحفظه من كل مكروه. * محافظ المجمعة