شرفت في بداية حياتي المهنية كطبيب بمقابلة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يرحمه الله، حينها وقفت أمامه متقدماً بطلبي وما أن بدأ يقرأ الطلب حتى شرعت في شرح طلبي مالبث أن ترك سموه - رحمه الله- الطلب وبدأ يصغي إلي حتى انتهيت ثم بدأ يحاورني فيما قلت محاورة المسؤول المتمكن والإنسان المهتم بحاجة مقدم الطلب حتى استوضح ما لم أكتب في طلبي ثم أكمل يسألني عن أحوالي وطموحي كطبيب حتى أحسست بأنه فرد من أهلي يشد عضدي ويطمئن عليّ ويحثني على مزيد من التفوق، أحسست حينها بمعنى كلمة راع واستحضرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " فكأنني لمست أنه يطبقها مع كل من يأتيه فلا يكتفي بشق إداري أو توجيه نظامي بل يتعداه لتفاصيل الموقف ومن ثم يحيط من حوله بالاهتمام بشؤونه الخاصة ويكون داعماً وموجها لهم ، وما زال جرس كلماته وابتسامة محياه بذاكرتي وهو يسألني ثم يوجهني فتخيلت لو أن كل مسؤول- ودارت بعقلي المقارنات مما شاهدت في حياتي - نعم لو أن كل مسؤول كان يحذو حذوه في هذا التعامل الراقي والاهتمام الذي يشعرك بأنك معه وحدك في القاعة - رغم أن هناك مئات من أصحاب الطلبات يجدون منه ما تجد - ولقد انطبعت في ذاكرتي تلك المقابلة ومازلت أذكرها واستدل بها كلما جلست مع مسؤول أو مواطن ودار في حوارنا موضوع التعامل المحترف بين المراجع والمسؤول حتى أنني استرشدت بها في محاضراتي العلمية في مجال الادارة الصحية وكانت دوماً فاتحة معظم الدورات التي دربت فيها موظفين أو مسئولين في القطاعات الصحية ، وأصدقكم القول أن تلك المقابلة كانت إحدى أهم المحطات في حياتي والتي من خلالها استحضرت قدح زناد المثابرة الكامنة داخلي لأتفوق في مجال عملي وكم تمنيت أن أحظى بلقائه رحمه الله مرة أخرى لأشكره وأذكره بأثر مقابلته الأولى في حياتي حتى أنني طبعت نسخة من رسالة الدكتوراه الخاصة بي ووضعت فيها صورته وإهداء لسموه ولا تزال هذه النسخة في مكتبي عنوان وفاء مني وعرفان - أسأل الله العلي العظيم أن يتغمده بواسع رحمته ويأجرنا في مصيبتنا ويلهم خادم الحرمين والأسرة المالكة الكريمة الصبر والسلوان. *وكيل كلية الطب لشؤون الخدمات الطبية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية