منذ مدة طويلة وأنا أفكر في الحل. كل الأقوال التي تعارض سياقة المرأة للسيارة تعيد سبب اعتراضها إلى الذئاب البشرية اثناء تعطل السيارة. قالها أكثر من شيخ في أكثر من فتوى وبتفاصيل متنوعة. ثم اختصرت أخيرا في البنشر. لا أتذكر أن بنشرت سيارتي في العشرين سنة الماضية. في السبعينيات من القرن الماضي كنت اشترك أنا وشقيقي الراحل في سيارة فولكس واجن. كفراتها (متسحلة). لو تطأ غترة كوتها. لأنه الأكبر ولأني الأضعف كان يستولي عليها ساعات أكثر مني. كنت اعزي نفسي بالبنشر. كل البنشرية الواقعين في شارع العطايف والشميسي ودخنة ودوار سلام إلى أن تصل كيلو ستة في طريق الحجاز يعرفوننا بالاسم. لم يكن السبب تسحل كفراتها فقط بل كانت شوارع الرياض مليئة بالمسامير والقواطي وغطيان الببسي وقوارير مكسرة... الخ. لا ينفع معها كفرات مطاط او حديد. معظم الذين اصدروا فتوى منع المرأة من السياقة كانوا يعانون مما كنت أنا وأخي نعاني منه. كفرات سيارتهم متسحلة وعاشوا فترة السبعينيات. قرروا جزاهم الله خيرا تجنيب المرأة مشقة فك الكفر وتركيب الاستبنة أو اللجوء إلى الخيار الأسوأ: الاستعانة بذئب بشري لا تعرف أنيابه ومخالبه الرحمة. عقدة نفسية تتملكنا نحن جيل البنشر. لا ألومهم ولا ألوم نفسي. اليوم يأتينا وكيل وزارة الزراعة ويعلن في هذه الجريدة أن من حق المرأة العمل مزارعة، كم فتوى نحتاج وما هي الضوابط؟ لتسهيل عملية الفتوى يمكن أن نقسم أدوات الزراعة إلى قسمين؛ قسم الحراثات وقسم الحصادات. حسب ما أشاهد في التلفزيون فالحراثات تشبه الدركتلات. تتحرك على جنزير حديدي. هذا النوع من المحركات لا يمكن أن يبنشر على الإطلاق. في هذه الحالة يمكن القول انها تتفق مع فطرة المرأة. لا تحتاج إلى فتوى. اما الحصادات فنصف مجنزرة. الكفرات الامامية حديد والكفرات الخلفية مطاط. هل نصنفها ضمن السيارات ونحرم قيادتها على المرأة أم نعتبرها ضمن الدركتلات فتتفق مع فطرتها. إلى هنا أحب أن أقف. يقولون من تكلم في غير فنه أتي بالعجائب. لن اخوض في مسألة الفتوى. اتركها لأهلها الراسخين في العلم. لكن لابد من التنبيه إلى نقطة مهمة؛ مزرعة اليوم لن تجد فيها (قواطي) من نوع قواطي زمان. قواطي اليوم رقيقة يمكن أن تضغطها المرأة بيدها. لذا لن تعجز عنها الحراثة بإذن الله. أما المسامير والقوارير المتكسرة والقمورة فهي قليلة لا تذكر ولله الحمد. علينا أن نأخذ في الاعتبار أيضا ان كفر الحراثة ضخم. سماكته يمكن تتعدى عشرة سنتيمترات مما يجعل المرأة (المزارعة) في مأمن من البنشر.. أما من ناحية الضوابط فأظن أولا وقبل أي شيء يجب أن تكون كل الأدوات متفقة مع فطرتها ابتداء بالمساحي والعتل وانتهاء بالحراثات. من الضوابط التي يتوجب على وزارة الزراعة التنبه لها أيضا قبل اصدار تراخيص للمرأة بالعمل في الزراعة ألا يجوز للمرأة الخروج بالحراثة أو الحصادة من محيط فلاحتها إلا بمحرم كزوجها أو والدها، وإذا لم يتيسر فلا بأس بمحرم هندي أو فلبيني. إذا غاب هؤلاء لأي طارئ يتوجب على وليها استصدار الورقة الصفراء من الجوازات لتسمح لها بالخروج من المزرعة بلا محرم كما سمحت لها بالسفر إلى أي مكان في العالم بلا محرم واستفاد منها اصحاب فتوى المحرم أنفسهم ومؤيديهم أيضا. أليس كذلك؟!!