أولا:" كيف أنتم مع الحر؟" وكيف أنتم مع الصيف؟ المشهد على الطرف الآخر حيث كانت السماء تمطر في يوم صيفي جميل؛ في المطار الأوروبي صاحبنا يحمل الدال نقطة على بطاقة الصعود للطائرة، يقف ملتزما بكاونتر شركة الطيران العالمية، بأدب يفسح الطريق لامرأة ويساعدها في وضع حقيبتها للتأكد من وزنها، يتحدث معها بكل احترام ولطافة، الأخ "جنتلمان ويعرف في الأصول والآداب العامة كما يقولون" ، يتبادل هو وأصدقاؤه أطراف الكلام وهم ينتظرون دورهم لتسليم حقائبهم. ينتقلون لطابور التفتيش الأمني الطويل، يقرأ التعليمات بدقة، يتخلص من قارورة الماء التي معه، يخرج الكومبيوتر من الحقيبة، يخلع حذاءه وحزامه، يتكلم بأدب مع موظف التفتيش. صاحبنا قمة في الالتزام والانقياد لكل القوانين. في طابور الصعود للطائرة، ينتظر بهدوء وبدون أي إزعاج لموظفي الشركة طالبا نقل كرسيه أو تغيير درجته، لم يمارس رياضة البحلقة في وجوه النساء ولا الاستظراف والحديث بصوت عال، ولم يولع سيجارة متجاهلا لوحات المنع ولم يحاول أن يتجاوز من سبقه في الطابور، يغلق الهاتف الجوال فور صعوده للطائرة قلت لكم إن الأخ الدكتور قمة في احترامه للقوانين. الطائرة تحلق في السماء؛ عدة ساعات بعد الاقلاع، اقترب موعد الوصول لأرض الوطن، تجمع مع أصحابه وكل منهم ينادي الاخر بالدكتور، يتحدثون بصوت عال ويستظرفون مع مضيف يتحدث العربية كل منهم يغير في طلبات طعامه وما يريد أن يشرب، متجاهلين نظرات الاستياء من بقية المسافرين، ترتفع تعليقاتهم ظنا بأن كل من حولهم لا يفهمون العربية، لا يدري السامع هل هم يريدون لفت النظر أم أن هذه طبيعتهم. تصل الطائرة بسلام إلى المطار على الجانب الآخر، يقفز من مقعده متجاهلا أوامر مضيف الطائرة بالبقاء حتى وقوفها، يعاود الجلوس متأففا وهو يفتح جواله متحدثا بصوت عال ليخبر الجميع كم هو مهم. يأخذ حقيبته غير مبال برقبة من جلس في الكرسي الذي أمامه منتظرا الخروج من الطائرة، عند موظف الجوازات حيث يقف المواطنون، يتسلل متجاوزا البعض ويقف بجانب امرأة التحفت عباءتها في أول الطابور تنتظر دورها، يسرع نحو موظف الجوازات قبلها وهو يشير بيده: " روحي هناك يا مرة هذاك الشباك فاضي"! تطالعه هذه بنظرة احتقار وهي تردد" صدق إنك قليل أدب!". يكمل صاحبنا "منفوش الريش" في قلة أدبه ومزاحمته للآخرين عند منفذ الحقائب، يشعل سجائره وهو ينتظر غير مبال بكل عبارات المنع والتحذير! السؤال؛ هل صاحبنا يعاني من "فصام شخصية" هل لديه أكثر من شخصية متضاربة متناقضة، ويحتاج لعلاج لنفسي أم أنه من ذوي الأقنعة المتغيرة؟ والسؤال الأهم؛ ما الذي تغير بين محطة الإقلاع والوصول أليست كلها مطارات؟!