قال المستشار الاقتصادي فادي عبد الله العجاجي ان مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات تتجاهل التطورات الكبيرة التي حدثت في الانماط الاستهلاكية خلال الأربع عشرة سنة الماضية ، وهي تعمل خارج نطاق السوق وعلى هامش الاقتصاد، حيث تأخرت كثيراً في تحديث مكونات وأوزان سلة مؤشر التضخم (الرقم القياسي لتكاليف المعيشة). والتعديل الوحيد الذي أجرته المصلحة منذ عام 1999م هو فقط حذف جهاز "البيجر" من السلع والخدمات المشمولة في سلة الرقم القياسي لتكاليف المعيشة. واضاف هناك خلل واضح في منهجية مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في حسابها لمؤشر التضخم، وهذا الخلل هو السبب الرئيس وراء ظهور نتائج غير منطقية، فعلى سبيل المثال تشير بيانات المصلحة إلى أن معدل تضخم السيارة الجديدة انخفض خلال الخمس سنوات الماضية بنسبة 8,3% ، وبنسبة 17,9% خلال الفترة من أبريل 1999م إلى أبريل 2012م. وفي المقابل تظهر بيانات المصلحة أن تضخم أسعار الشقق ارتفع بنسبة 120,2% خلال الفترة من أبريل 2007م إلى أبريل 2012م، وهذا أيضاً غير منطقي لأنه يتطلب ارتفاعا إيجار الشقق بنسبة تفوق 400% (نسبة التغير في سعر السلعة أو الخدمة يفوق معدل التضخم بحسب الوزن النسبي)، أي أن الشقة التي كانت تكلفة إيجارها السنوي 20 ألف ريال في عام 2007م أصبحت الآن بحوالي 80 ألف ريال. واوضح ان معظم الجهات الإحصائية حول العالم تقوم بتحديث أوزان مؤشراتها وسنة الأساس كل خمس سنوات، في حين تصرّ مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات على استخدام بحث الإنفاق الاستهلاكي في المناطق الحضرية بالمملكة الذي أجرته في عام 1999م. وهذا لا يتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية، كما تثار شكوك حول دقة بياناته مثل أن السعوديين ينفقون 2,0% فقط من دخولهم على الرعاية الطبية في مقابل 11,0% على تأثيث المنازل. واكد العجاجي ان منهجية مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في حساب مؤشرات التضخم تؤثر في عمل الجهات الأخرى مثل وزارة المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي. وكي تساهم المصلحة في تحقيق الاستقرار لابد أن تكون جادةً في التخلص من بعض العيوب المنهجية التي يحسب على أساسها معدل التضخم في المملكة. والمصلحة ليس لها أي سلطة إشرافية أو رقابية على الأسواق أو السياسات، لذا لا تُطالب بتحقيق استقرار المستوى العام للأسعار وإنما هي مطالبة بتقديم بيانات دقيقة غير مشوهة عن التقلبات السعرية في الأسواق المحلية. ولكي تعالج مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات القصور الذي حرفها عن الغرض الذي انشئت من أجله لا بد أن تعمل على تحديث سلة المؤشر والأوزان لتتناسب مع الانماط الاستهلاكية السائدة في المملكة ورفع مستوى الشفافية والتعاون مع الجهات المستفيدة: فلا تزال المصلحة تتحفظ على نشر أوزان مكونات المؤشر (تنشر فقط أوزان المجموعات الرئيسة). وتعاونها مع الجهات الأخرى محدود جداً، فحتى الآن لا يتم حساب مؤشر التضخم الأساسي "Core Inflation" الذي يتطلب تعاوناً كاملاً وغير مشروط بين الجهة الإحصائية والبنك المركزي في كل دول العالم. والمملكة من الدول القلائل التي لا تحسب هذا المؤشر بالرغم من أنه لا يتطلب إلا تعاوناً واتفاقاً على المنهجية بين المصلحة ومؤسسة النقد العربي السعودي. تطوير مواردها البشرية فالمصلحة بأمسّ الحاجة في الوقت الراهن إلى تطوير مواردها البشرية. لذا لابد من دعم المصلحة ببرنامج الإحصائيين السعوديين لاستقطاب المتفوقين في الأقسام الإحصائية في جامعات المملكة، وابتعاثهم للحصول على درجات علمية في مختلف التخصصات الإحصائية (المالية العامة، والحسابات القومية، والأسعار، والسكان ...الخ). وأن يتزامن ذلك مع تطوير مواردها البشرية القائمة وتطعيمها بخبرات إحصائية واقتصادية. ويجب عليها ان تعمل على صياغة قانون الإحصاءات الوطنية فالمصلحة تحتاج إلى "قانون الإحصاء" الذي يحدد أهدافها، واختصاصاتها. ويعطيها الحق في الحصول على المعلومات اللازمة لقيامها بمهامها من كافة الإدارات الحكومية، والمؤسسات العامة، والأفراد، والشركات، والجمعيات، والمؤسسات الخاصة. ويحمي موظفيها أثناء تأديتهم لأعمالهم، ويعطيهم الحق في الحصول على دعم سلطات الأمن متى دعت الحاجة إلى ذلك. كما يجب عليها إعادة النظر في مسمى المؤشر فالمصلحة تحتاج إلى إعادة النظر في مسمى مؤشر التضخم في المملكة، فهي تسمي مؤشرها بالرقم القياسي لتكاليف المعيشة "Cost of Living Index" واختصاره "COLI" بينما تسميه دول العالم بمؤشر أسعار المستهلك "Consumer Price Index" واختصاره "CPI". والتعريف القديم للرقم القياسي لتكاليف المعيشة يشمل كل ما له علاقة بتكلفة الحياة كالتلوث، ومؤشرات اقتصاد الرفاه كالشعور بالكرامة والحرية ...الخ). وهذا يصعب قياسه في أي مجتمع. أما التعريف الحديث للرقم القياسي لتكاليف المعيشة فيقتصر على سلة من السلع والخدمات القياسية "Standard" التي لا يمكن العيش بدونها، لذا يسمى بمؤشر الفقراء. وعادة لا يتم نشره وإنما يستخدم كمؤشر لدعم وحماية الطبقة الفقيرة، وكأداة لتقييم سياسات الدعم والتعويض. لذا لابد من حساب هذه المؤشر لتسهيل عمل وزارتي المالية والشؤون الاجتماعية.