تشهد تونس في الآونة الأخيرة تصاعدا غير مسبوق لاعتداءات مجموعات محسوبة على "التيار السلفي" في العديد من جهات البلاد شملت أشخاصا ومؤسسات سيادية - محاكم ومراكز أمن - ودوراً ثقافية وإعلامية كانت آخرها ليلة أمس حيث تم نهب وحرق محكمة تونس2 بالزهروني الواقعة بأحواز العاصمة وقبلها بيومين الاعتداء على الفضاء الثقافي "قصر العبدلية" بالمرسى حيث تم تمزيق بعض اللوحات الفنية التي اعتبرت مسيئة للإسلام وبخاصة للذات الإلهية وللرسول. وقبلها قناة الحوار التي عبث بمحتوياتها، هذه الاعتداءات المتكررة التي استشرت منذ قيام الثورة واستفحلت بعرض الفيلم الإيراني الذي اعتبر مسيئا للذات الإلهية وما عقبها من أحداث في المساجد من خلع وتنصيب لأئمة ينتمون لتيار معين وتهجم واعتداء على الإعلاميين باتت تقذ مضاجع التونسيين وتبعث فيهم حالة من الخوف خاصة وأن البعض يعتبر أن أداء الحكومة لوضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة لم يرتقِ الى مستوى الحزم اللازم برغم المواقف والبيانات المتتالية لأعضاء حكومة الترويكا بقيادة رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي. وتتضارب المواقف حول دواعي وأسباب هذا العنف المتواصل خاصة فيما يتعلق ب "حرية التعبير" حيث تستنكر التيارات والأحزاب الإسلامية الاعتداء على مقدسات المسلمين تحت غطاء هذه الحرية معتبرة ذلك خطاً أحمر بينما تستنكر بقية الأحزاب بما فيها المنتمية للثلاثي الحاكم ومنظمات المجتمع المدني هذه الاعتداءات على الفكر والإبداع الفني وحرية التعبير. حزب حركة النهضة وفي تعقيبه على الاعتداء على الفضاء الثقافي "قصر العبدلية" قال في بيان له "نعم لحرية التعبير لا للمس من معتقدات الناس"، مستنكرا ما أسماه "الاعتداءات الشنيعة والمتكررة على عقائد الشعب التونسي ومقدساته"، مؤكدا "خطورة التلبيس الذي يعمد إليه البعض بين حرية التعبير وهي حرية توافق عليها التونسيون، وبين تطاول على المقدسات، وهو أمر ترفضه كل الشرائع والقوانين. وبيّنت الحركة في بيانها أنه "كلما اتجهت أوضاع البلاد نحو الاستقرار وبدأت آلة الإنتاج في التحرك تفتعل بعض الفئات قضايا النّعرات القبلية أو الجهوية أو انتهاك عقائد التونسيين وتتطاول على مقدساتهم". واستغربت حركة النهضة ما وصفته ب"المواقف الملتبسة لجهات وشخصيات سياسية". كما عبّر حزب العدالة والتنمية عن استيائه العميق لعرض فضاء العبدلية بالمرسى العديد من الصور المسيئة للإسلام وبخاصة للذات الالهية وللرسول" مستنكرا لما تمثله مثل هذه الممارسات التي وصفها ب"الممنهجة والمتصاعدة" من "استفزاز" للمسلمين في تونس وفي العالم. وزارة الثقافة من جهتها أكدت أنه مع حرصها "على حرية الإبداع فإنها تندد بكافة أشكال الاعتداء على المقدسات التي وردت في بعض الأعمال المعروضة". وهو نفس الموقف الذي عبرت عنه وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية الموكول لها التصرف في فضاء العبدلية.