تواجه الحكومة التي يسيطر عليها إسلاميو «حركة النهضة» في تونس تحدياً متزايداً من تيارات سلفية وجهادية يتولى ناشطوها بأنفسهم تغيير ما يعتبرونه منكراً، ما أدى في الفترة الماضية إلى مواجهات متكررة بينهم وبين قوات الأمن، كان آخرها ليل الإثنين – الثلثاء في عدد من أحياء العاصمة على خلفية احتجاج على معرض للفن التشكيلي اعتبره إسلاميون يسيء للدين. وادت هذه المواجهات الى اعتقال نحو مئة شخص واصابة أكثر من 100، بين مدنيين وأمنيين، بجروح متفاوتة الخطورة منذ بدء أعمال العنف، بحسب ما نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر في وزراة الصحة التونسية. وفي وقت دعا أحد قادة «السلفية الجهادية» إلى «انتفاضة» في تونس عقب صلاة يوم الجمعة، بدت حركة «النهضة» وكأنها تمسك بالعصا من النصف، مؤيدة موقف السلفيين في شأن رفض المساس بالمقدسات، وفي الوقت نفسه رفضها استخدام العنف للتعبير عن ذلك، وهو موقف دأبت على تكراره الحركة التي تقود الحكومة بشخص أمينها العام حمادي الجبالي. وأعلنت «النهضة» في بيان على موقعها على شبكة الانترنت أنها «تستنكر الاعتداءات الشنيعة والمتكررة على عقائد شعبنا ومقدساته»، في تأييد واضح لمواقف السلفيين من قضية المعرض الفني التشكيلي الذي نُظّم الأحد في مدينة المرسى شمال العاصمة تونس. وتضمن المعرض لوحة لإمرأة عارية. ونبّهت إلى «خطورة التلبيس الذي يعمد إليه البعض بين حرية التعبير وهي حق توافق عليه التونسيون، وبين التطاول على المقدسات وهو أمر ترفضه كل الشرائع والقوانين». وانتقدت ما اعتبرته «مواقف ملتبسة» لشخصيات سياسية تونسية من هذا الأمر، ودعت «مكونات المجتمع المدني إلى الرفض الصارم والصريح لأي انتهاك للمقدسات». ودعت الحركة أيضاً «إلى عدم السقوط في فخ الاستدراج للعنف والتزام السبل والوسائل السلمية عند التعبير عن المواقف». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن لطفي الحيدوري المسؤول في مكتب الاعلام في وزارة الداخلية انه «تم حتى الآن اعتقال 90 شخصاً ينتمون إلى تيار السلفية الجهادية وآخرين من أوساط الانحراف والسوابق العدلية من المتورطين في أعمال العنف» التي اندلعت منذ ليل الإثنين وتواصلت أمس الثلثاء، مشيرا إلى أن حملة الاعتقالات «متواصلة في الأماكن التي حدثت فيها أعمال العنف». وذكرت «فراني برس» أن أعمال عنف وتخريب اندلعت ليل الإثنين في أحياء في تونس العاصمة احتجاجاً على عرض اللوحات الفنية التي اعتبرها السلفيون «مسيئة للاسلام» في معرض مدينة المرسى، شمال العاصمة. وجاء ذلك في وقت دعا «أبو أيوب» الذي يُعتبر من أبرز قياديي «السلفية الجهادية» في تونس في شريط فيديو على موقع «فيسبوك»، التونسيين إلى أن «ينتفضوا» بعد صلاة يوم الجمعة المقبل رداً على من وصفهم ب «المرتدين» الذين «يستهزئون بديننا الحنيف»، معتبراً أن هذا الأمر «يزيد يوماً بعد يوم». وهاجم «ابو أيوب» حكومة حمادي الجبالي والرئيس التونسي منصف المرزوقي واصفاً اياه بأنه «مرتد»، معتبرا أن الحكومة «صامتة عن الدفاع عن الإسلام».