تجري الحكومة البريطانية استطلاعات بين الناس حول مدى رضاهم عن حياتهم يتعين من خلالها توجيه أسئلة غير موضوعية بشكل أكبر من أجل اصدار بيانات جديدة مع استخدام بيانات سابقة ايضاً لتقويم حالة المواطنين النفسية والبدنية. يأتي هذا الاستطلاع في محاولة من الحكومة البريطانية لتأكيد ريادتها والتغاضي عن كل الصعوبات الاقتصادية والبدء في تنفيذ هذه الخطة لقياس معدل سعادة المواطنين والتي أطلقت عليها (المزاج العام) وأحوال الشعب النفسية والبيئية لقياس معدل الرفاهية، وبريطانيا أول دولة تطبق هذه الخطة، وبداية الأمر طالبت الحكومة مدير مكتب الإحصاء أن تقنع أسئلة الاستطلاع المواطنين بالإجابة بكل حرية عن حالتهم المزاجية الحالية، ومدى قدرتهم على تحقيق السعادة التي يبغونها، وتوقعاتهم بشكل موضوعي عن اهداف حياتهم التي سيتمكنون من تحقيقها، وستنضم نتائج الاستطلاعات إلى المعدلات التي تم قياسها حالياً للتوصل إلى مؤشرات نوعية الحياة وستنشر في تقارير ربع سنوية. البريطانيون وبعيداً عن الدراسة الحكومية ومن خلال متابعتي لبعض الدراسات التي تنشرها الصحف ومن خلال دراسة نشرتها صحيفة (ديلي اكسبرس) يطرح سؤال على من أجرى عليهم الاستطلاع (هل تُشترى السعادة بالمال؟) الجواب أتى بالإيجاب، حيث يعتقد البريطانيون أن المال يشتري السعادة وأبدى أكثر من 58 في المئة من البريطانيين الذين يكسبون أكثر من 50 ألف جنيه استرليني في السنة رضاهم عن حياتهم، وتبين أن 43% من ذوي الدخل المحدود مقتنعون بحياتهم على الرغم من انهم يكسبون أقل مقابل 20% غير راضين عنها. واعترف 43% بأنهم يريدون مالاً أكثر من المتوافر بحوزتهم ليكونوا سعداء، فيما رأى نصف الذين يحصلون على رواتب مرتفعة أنهم انجزوا الأشياء التي أرادوا تحقيقها في الحياة. وصحيفة ديلي تلغراف أشارت أن سعادة البريطانيين تتركز في البساطة في الحياة اليومية وأن الطريق إلى السعادة أبطأ مما نتصور من خلال ما توصل إليه باحثون بريطانيون الذين اكتشفوا أن البالغين الأكثر سعادة يعملون سبع ساعات يومياً، ويتناولون وجبات معدّة في المنزل أسبوعياً، ويسافرون مرتين في السنة في فترة العطلة، وأن ست ساعات من النوم في الليل والوصول إلى العمل في غضون 20 دقيقة وساعتين في اليوم في اللعب مع الأطفال هي المفاتيح الأساسية التي تقود إلى السعادة إضافة إلى ممارسة الرياضة 4 مرات في الأسبوع والخروج مع الأصدقاء مرة واحدة، ومشاهدة ثلاث حلقات من المسلسل المفضل، والنوم دون ازعاج يساعدنا على البقاء مبتسمين. كما أظهرت دراسة أخرى أن الولد الوحيد أكثر سعادة من الولد الذي لديه إخوان وأخوات حيث أن التنافس يبن الأخوة قد يترك تأثيراً جدياً على وضع الولد العاطفي. أما السويديون فالباحثون توصلوا لآراء 9 من كل 10 يؤكدون سعادتهم ورضاهم عن وضعهم المالي، وأظهر الاستطلاع أن غالبية السويديين يقولون إن الصحة الجيدة كانت السبب الرئيسي وراء وضعهم الجيد، فيما كانت الأسباب الأخرى المهمة على التوالي هي العائلة والأصدقاء وتوفر مكان وحيد وآمن للإقامة فيه والوضع المالي الشخصي الجيد، واتضح أن غالبية السويديين راضون بشكل عام عن حياتهم العائلية أكثر مما هم راضون عن أعمالهم ودراساتهم وأوضاعهم المالية، وتبين أن أقل العوامل إثارة للسعادة والرضا بينهم كانت الالتزام السياسي والطلة الجميلة والحياة المثيرة وارتداء الملابس الجميلة. الأمريكيون باتوا أكثر شعوراً بعدم السعادة من خلال تعقب أكثر من 46 مليار كلمة كتبت عنها تغريدات من قبل 63 مليون مستخدم لموقع تويتر، واستخدم الباحثون خدمة تعقب الرسائل آلياً لمعرفة الجوهر الحسي لمختلف الكلمات ووضع علامة لها بالنسبة لما تدل عليه من سعادة. وبعيداً عن الشعوب فأغلب الدراسات التي رصدت حالات السعادة لدى بعض الناس تفاوتت من مجتمع إلى آخر ومن شريحة إلى أخرى، لكن بالممارسة يتضح أن النظرة المتفائلة للحياة تساعد في التمتع بحياة صحية مديدة وتؤمن السعادة، كما أن التفاؤل ليس فقط يدفع إلى السعادة ولكن يطيل العمر، ويجعلهم أكثر استعداداً لمواجهة الحياة ومشاكلها، وأن الصحة والسعادة مرتبطان معاً، ومن المهم أن تعمل على بناء السعادة في حياتك وتعين بعض الوقت لنفسك بعمل أشياء تدخل عليك المتعة والبهجة. كما أن البعض يشعر بالرضا عندما يتناول غذاءه ويتحول الغذاء نفسه إلى مصدر للمتعة والفرح ولكن قد يتحول إلى تعاسة عندما يتعلق الأمر بماذا نأكل؟ السعادة ايضاً قد تترافق مع التقدم بالسن، ذلك أن غالبية الناس يشعرون بوضع أفضل مع مرور السنين ويشعرون بتوازن عاطفي لو كبروا ويصبحون أكثر قدرة على حل مشاكلهم العاطفية ويتعاطفون أكثر مع المشاكل، وهذا يؤدي إلى عالم أكثر استقراراً..! لكن هل السعادة يمكن تدريسها؟ وهل هناك خطوات تجلبها؟