هددت هيئات نقابية بالنزول إلى الشارع للاحتجاج على الزيادة في أسعار المحروقات التي قررتها الحكومة نهاية الأسبوع الماضي. وكما كان متوقعا، فقد أثارت هذه الزيادة احتجاجات واسعة في صفوف النقابات وهيئات حماية المستهلك وأحزاب المعارضة، وامتد الاحتجاج عليها ورفضها إلى داخل صفوف "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة. واستنكر قياديون داخل الحزب نفسه الذي يقود الحكومة إقرار هذه الزيادة. وشهد اجتماع الأمانة العامة للعدالة والتنمية، عُقد أخيرا بالرباط، انقاسما كبيرا بين مؤيد ومعارض. ونقلت المصادر أن أعضاء بالأمانة العامة يشغلون مناصب وزارية، من بينهم مصطفى الرميد (وزير العدل والحريات) والحبيب الشوباني (الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان وهيئات المجتمع المدني) وصفوا قرار الحكومة ب"غير الشعبي". وأضافت المصادر أن الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران، وهو رئيس الحكومة في ذات الوقت، كان قد اعترض في البداية على قرار الزيادة، لكنه اضطر لإقرارها بعد ذلك أمام التحديات الاقتصادية التي تواجهها الحكومة واستنزاف أكثر من 80 في المائة من مخصصات صندوق المقاصة الذي يدعم المواد الأساسية. وأعلنت كل من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل، المقربتان من اليسار، تنظيمهما لمسيرة وطنية الأحد القادم (10 يونيو) بالرباط. ويُنتظر أن تشهد هذه المسيرة مشاركة قوى المعارضة بكل فصائلها، ما قد يرفع أعداد المشاركين فيها إلى عشرات الآلاف، كما كان الشأن في مسيرة الدارالبيضاء التي كان وراءها نفس المركزيتان النقابيتان قبل نحو أسبوعين. وأعلن، بدوره، اتحاد الجامعات الوطنية لسائقي ومهنيي النقل بالمغرب عن تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة النقل والتجهيز بالرباط يوم 14 يونيو الجاري. واعتبر الاتحاد قرار الحكومة الزيادة في أسعار المحروقات بمثابة "سكتة قلبية بالنسبة للقطاع"، مشيرا إلى أنه سيخوض سلسلة من الاحتجاجات الأخرى إلى حين التراجع عن هذه الزيادة. ووصف محمد الحراق، أحد المسؤولين النقابيين بالاتحاد، الزيادة في أسعار المحروقات بكونها "قنبلة" ستفجر قطاع النقل والفلاحة وباقي القطاعات التي لها ارتباط بالخدمات الموجهة إلى المواطنين. ورفضت الجمعية المغربية لحماية المستهلك بشكل قاطع هذه الزيادة التي وصفتها ب"المفاجئة". وقال رئيسها بوعزة الخراطي إن المواطن المغربي سيكون الضحية الأولى لهذه الزيادة، مبديا استغرابه الشديد من "تراجع" الحكومة عن التزاماتها، حيث كانت قد أعلنت عقب تنصيبها في شهر يناير الماضي أنها ستدعم القدرة الشرائية للمواطن المغربي. وحاولت الحكومة في شخص وزيرها في الطاقة والمعادن والماء والبيئة، فؤاد الدويري، الدفاع عن قرارها الزيادة في أسعار المحروقات، وقال إنها "ستمكن الدولة من دعم الفئات الاجتماعية المعوزة مع مواصلة سياستها في مجال الاستثمارات العمومية"، موضحا أن هذا الإجراء سيسمح أيضا للدولة بتوفير 4.5 مليار درهم. أما الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، إدريس الأزمي، فقد أكد أن الحكومة أجرت دراسة قبل إعلانها عن الزيادة في أسعار المحروقات خلصت إلى أنها لن تؤثر على أسعار المواد الاستهلاكية. ويذكر أن الحكومة كانت قررت، نهاية الأسبوع الماضي، الزيادة بنسبة درهم ونصف في سعر الكازوال ودرهمين في سعر البنزين. ويمر المغرب من ظرفية اقتصادية صعبة، خاصة بعد أن عرفت السنة الحالية موسما فلاحيا "جافا".