رمال بيضاء تنام في وداعة مع مغيب الشمس وتستيقظ ناعسة مع خيوط الفجر، نمشي عليها وتكتب خطواتنا قصص وأخبار سرعان ما ينمحي أثرها مع أمواج الزمن، أقدام عارية تغترّ بنعومة الحياة، ترسم أحلامها على الشاطئ وسرعان ما تصطدم بصخرة أو حجر. الحوادث في حياتنا كصخور الشاطئ، تتسلق فوقها الطحالب، وتختبئ في تجويفها الكائنات المتطفلة، وتحتمي بها القواقع، وتصطدم بها الأمواج صباح مساء. وكل ينظر إليها حسب فكره وإيمانه وتجاربه، قد يكون حدثا معينا عند أناس هو نهاية العالم، ويعتبره آخرون انتقالا لحياةٍ أجمل واكتساب حصانة ضد الوهن، كما قد يكون الحجر سببا في الألم وجرح القدم، يكون أيضا مصدر إلهام للفنان يتخذ منه عنصرا فريدا يجمّل به لوحته، المتفائل ينظر إلى الإعجاز في خلق البحر، والمتشائم ينظر إلى تعثّر الأحلام وتكسّر الهمة بسبب حجر. قد يبتليك الله بشخص تظن أنه يقف حجر عثرة في حياتك، ويفنى عمرك وأنت منشغل به كمن يجلس على الشاطئ يندب حظه لأن الحجر يحول بينه وبين البحر، سبحان الخالق البديع الذي خلق البحر وجعل في جوفه خزائن لا تنفد، يتخذه المؤمنون عبادة وتأمل وعبر، ويسترزق منه الطير والبشر. يلجأ إليه العشاق يبثونه أسرار الهوى، وتجري فوقه السفن والبوارج، وتعيش فيه الكائنات وغواصات الرؤوس النووية! يصغر أمامه المتكبرون والطغاة المتغطرسون ولا يتعظون بفرعون الذي لفظ جسده النتن ليبقى آية للمتجبرين في الأرض إلى أن يشاء الله. وليس الطاغية هو ذلك الشخص أو هذه الأسرة أو تلك الدولة، بل ربما تكون أنت طاغية في عملك وأسرتك ومحيطك وأنت لا تدري! تتسع وتضيق دوائر الطغيان بحسب الأحوال والمستويات والأزمنة والأمكنة. حين نتأمل البحر كآية من آيات الله العظيمة تحيط به الطلاسم والألغاز ندرك حجم ضآلتنا وضعف قدراتنا وصغر همومنا، والخالق بعظمته وروعته قادر على أن يحوّل سكونه إلى «تسونامي» يدمر ما يشاء في لمح البصر «إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون»، كل سلطة زائلة وكل إمارة آيلة ونحن وإياهم راحلون، وسينسى الشاطئ من مرّ من هنا ويجف البحر ويفنى الحجر. المصور أيمن علي المرواني مصور العدد المصور أيمن علي المرواني معلم بكالوريوس من كلية المعلمين لغة عربية، عضو في مجموعة مصوري أملج ولديه مشاركات عديدة في 5 معارض لمصوري أملج، وفي داخل المملكة وخارجها، يعشق تصوير الطبيعة والسفر لأجلها. رؤيته الفنية: الجمال ان تبتسم لك الطبيعة حينما تراها بعدستك.