عاد مشهد الازدحام المروري وتكدس السيارات من جديد إلى دولة الإمارات خصوصاً في كل من دبي والشارقة بشكل يومي، ما يؤشر وفق تقارير اقتصادية محلية وعربية وعالمية إلى عودة الاستثمارات بنشاط وقوة إلى دبي، حيث يشاهد المارة كثرة الإعلانات في الطرقات كما كان الحال قبل عدة سنوات، حتى أنه يمكن القول أن هناك ازدحاماً في الإعلانات أيضاً في مختلف الطرقات ودخلت في كل مجال ونقطة أو على أسطح البنايات والأبراج وعلى مداخل المصاعد، بالإضافة إلى كثرة الفعاليات والأنشطة الاقتصادية العالمية والعربية والمحلية التي تشهدها قاعات الفنادق والمؤتمرات ومراكز المال والأعمال. ويلفت البعض إلى أن ما جرى من أحداث في عدد من الدول العربية ساهم في انتعاش الوضع الاقتصادي في دبي، حيث تشهد أسواق دبي العقارية خصوصاً عودة الاستثمارات الخليجية بقوة، وشهدت الفترة الأخيرة عودة العديد من المستثمرين الخليجيين إلى السوق العقارية في دبي في ضوء المتغيرات الايجابية التي يشهدها القطاع العقاري، خصوصاً اتجاه الأسعار إلى الاستقرار وصعودها في بعض المناطق، ما يؤشر إلى اتجاه تصاعدي في الأداء، وهناك طلبات خليجية كبيرة على معظم العقارات في مناطق دبي. وقالت الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة التجارة الخارجية الإماراتية في وقت سابق أن الاستثمارات الإماراتية المتبادلة مع العالم تصل إلى 1.42 تريليون درهم خلال السنوات الخمس الماضية، مشيرة إلى أن الدولة استقطبت ما قيمته 220 مليار درهم (60 مليار دولار) من الاستثمارات الأجنبية، ما جعلها تتبوأ المرتبة الثانية عربياً في هذا المجال، مشيرة إلى أنه وحسب مؤتمر الأممالمتحدة حول التجارة والتنمية، فإن استثمارات دولة الإمارات في الخارج بلغت 1.2 تريليون درهم (327 مليار دولار) خلال الفترة ذاتها. وأوضحت القاسمي أنه وحسب تقارير صندوق النقد الدولي فقد عاد التفاؤل إلى تحسّن الاقتصاد العالمي في العام 2012م، ونما بنسبة 3.5 في المائة خلال العام. من جهته أشار عبدالله آل صالح وكيل وزارة التجارة الخارجية في دولة الإمارات إلى نجاعة سياسة الدولة في إزالة العوائق التي تركتها الأزمة المالية العالمية، خاصة فيما يتعلق بجذب الاستثمارات الأجنبية، مشيراً إلى أنه رغم الأزمة إلا أن هناك فرصاً واعدة في الإمارات والاقتصادات الناشئة، وكذلك جوانب مهمة يمكن التركيز عليها للنهوض بالاقتصاد المحلي والإقليمي والعالمي. ومن جانبه قال جون أنكور وزير الاقتصاد التركي في زيارة سابقة أن الإمارات تعتبر من أهم الوجهات الاقتصادية للشركات التركية، مشيراً إلى أن عددها في إمارة دبي يصل إلى 282 شركة تركية، وأن هناك نمواً متزايداً في حجم التجارة البينية غير النفطية بين الجانبين. إلى ذلك أكد أحمد سالم الكوشلي وزير الاقتصاد في الليبي أن ليبيا تتطلع للاستفادة من التجربة الإماراتية الرائدة في مجال الاستثمار، وذلك بعد النجاح الذي سجلته الإمارات في تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، مرحبا بالاستثمارات الإماراتية في كافة المجالات المتاحة للاستثمار، مشيراً إلى أنها تتجاوز 10 مليارات درهم. كما أوضح وزير التجارة الباكستاني مخدوم أمين فهيم خلال تجمع اقتصادي مطلع الشهر الجاري في الإمارات أن الاستثمارات الإماراتية في باكستان تقدر بنحو 13 مليار دولار، لافتاً إلى أن هناك جهوداً تبذل من أجل مضاعفة هذا الرقم إلى 26 مليار دولار في العام 2015، مشيرا إلى أن الإمارات تعتبر أكبر مستثمر خليجي في باكستان وثالث أكبر مستثمر على الصعيد الدولي، موضحاً أن إجمالي الاستثمارات الخليجية في باكستان تبلغ 25 مليار دولار، نصفها تقريباً من الإمارات. ويقابل مشهد ازدحام الفعاليات والأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والإعلانية، مشهد آخر هو الازدحام المروري وتكدس السيارات في مختلف طرقات وشوارع دبي والشارقة، حيث تشهد طرقات دبي والشارقة حركة مئات آلاف السيارات يومياً، ما يعرقل حركة السير والمرور بشكل كبير يشكل معاناة حقيقية لمستخدمي الطريق، حيث تشهد الطرق الرابطة بين إمارتي دبي والشارقة ازدحاماً شديداً مقارنة بما شهدته تلك الشوارع من انفراجات استمرت طوال الفترة الماضية، وعزا البعض تلك الحالات من الازدحام المروري إلى كثافة في الانشطة الاقتصادية التي تتضمن انعقاد الكثير من المعارض التجارية المتخصصة. ووصل الازدحام المروري والاختناقات المرورية وتكدس السيارات في الطرقات إلى درجة أنه أفرز عادات جديدة لدى مستخدمي الطرقات لم تكن مألوفة أو سائدة خلال السنوات الأربع الماضية قبل الأزمة الاقتصادية العالمية، ومن بين تلك العادات الجديدة أن الازدحام المروري الخانق فرض إيقاعه على حياة الناس اليومية في المدينة، حيث أفاد سكان في دبي والشارقة بأن كثيراً من عاداتهم، وسلوكياتهم اليومية تغيرت جراء الازدحام، مضيفين "أصبحنا نفضل قضاء عطلة نهاية الأسبوع في البيوت على الخروج في رحلات وزيارة الأصدقاء أو التنزه في الحدائق والأسواق، ونحرم بذلك أطفالنا من بهجة العطلات الأسبوعية بسبب الازدحام المروري". وأضافوا "طقوسنا تغيرت أيضاً داخل مركباتنا أثناء الازدحام، إذ تحولت سياراتنا إلى كافيتريا متنقلة، بداخلها ثلاجات صغيرة، يحتسون الشاي والقهوة ويتناولون السندويتشات، إضافة إلى التدخين والتحدث ساعات في الهواتف المتحركة مع الأصدقاء، للقضاء على الملل الناجم عن تكدس السيارات في الطرقات". وأكدوا أن الازدحام فرض عليهم تناول الوجبات الغذائية أثناء الانتظار وسط الزحام استغلالا للوقت الذي يتم قضاؤه في الشوارع، مشيرين إلى أن الازدحام المروري أصبح ظاهرة واضحة للعيان خصوصاً نهاية الأسبوع.