الشعر الرقيق الأنيق يبهج الأرواح، وينعش الحواس، ويجمّل الحياة، ويجعلنا أقرب إلى الحب والمحبة، وأصدق في التعاطف والمودة، وأقدر على فهم الانسان. وأكثر رُقيّا في الأذواق، وأجدر بفهم ظروف الزمان والمكان، وأغزر في التعبير عن المشاعر، ويجعلنا الشعر الجيد أقرب الى السعادة وراحة الأعصاب، بما يقدِّم من جمال الجرْس، وحلاوة اللفظ، وروعة الصورة، وبعد الخيال، وطلاوة السبك، ودقة المعنى، و رقة المبنى .. خداك قد اعترفا بدمى فعلام جفونك تجحده وهذا ليس مجرد كلام إنشائي فقد أثبت علماء النفس أن قراءة الأشعار الجيدة، وانشادها بصوت مرتفع، والترنم بها بتعاطف مندفع، يشحن النفس بتيار من السعادة والجمال ويطرد الحزن والاكتئاب، ويريح القلوب والأعصاب .. الشعر الجميل في تراثنا العربي وموروثنا الشعبي، يشبه طلة قوس قزح غبّ المطر، وقد بدا ضاحك الثغر، مطرز الألوان ، يفتح أمام عيوننا وقلوبنا الآفاق، ويغمرنا بالبهجة والألق والجمال، ويمر علينا بأنسام شعر.. وأنفاس عطر.. وأنغام وتر.. لنحس أن الحياة أجمل، وأن السعادة أقرب، وأن الناس والوجود أكثر مودة ورحمة، وأجدر بالتعاطف والمحبة .. ومن أنسام الشعر.. وأنفاس العطر.. نقدم لك -أخي الكريم- بعض ماتيسر، وهو غيض من فيض، وباقة صغيرة من خميلة جميلة.. كبيرة.. بمساحة زماننا الشعري الطويل.. ومكاننا العربي الكبير.. سحلي العواي 1- يا ليل الصب متى غده ؟ اقيام الساعة موعده رقد السمار فأرقه أسف للبين يردده فبكاه النجم ورق له مما يرعاه ويرصده كلف بغزال ذي هيف خوف الواشين يشرده نصبت عيناى له شركا في النوم فعز تصيده وكفى عجبا أني قنص للسرب سباني اغيده صنم للفتنة منتصب أهواه ولا أتعبده صاح والخمر جنى فمه سكران اللحظ معربده ينضو من مقلته سيفا وكأن نعاسا يغمده فيريق دم العشاق به والويل لمن يتقلده كلا لا ذنب لمن قتلت عيناه ولم تقتل يده يا من جحدت عيناه دمي وعلى خديه تورده خداك قد اعترفا بدمى فعلام جفونك تجحده إنى لأعيذك من قتلى وأظنك لا تتعمده بالله هب المشتاق كرى فلعل خيالك يسعده ما ضرك لو داويت ضنى صب يدنيك وتبعده لم يبق هواك له رمقا فليبك عليه عوده وغدا يقضى أو بعد غد هل من نظر يتزوده يا أهل الشوق لنا شرق بالدمع يفيض مورده يهوى المشتاق لقاءكمُ وصروف الدهر تبعده ما أحلى الوصل وأعذبه لولا الأيام تنكده بالبين وبالهجران فيا لفؤادى .. كيف تجلده ؟؟ (القيرواني) 2- يافرحتي باكر ويامدمعي امس... بين الرجا والياس بقول سمي في داخلي ليلٍ حجب مطلع الشمس وفي داخلك شمس نست ليل همي لا مابقى لي صوت وماعاد به همس ضاع الحكي مابين قلبي وفمي يامن عطيته القلب بأصابعي الخمس ضمي بحنانك ضايق الصدر ضمي يا فرحتي باكر ويامدمعي امس بين الرجا والياس بقول سمي لو تلمس ايدينك جبيني ولو لمس تبرى جروحي وينجلي كل غمي ابنتظر باكر عسى تطلع الشمس تنحي الظلام ويقتل النور همي (الأمير فهد بن خالد) 3- لو أننا كنّا كغُصنيْ شجره الشمسُ أرضعتْ عروقَنا معا والفجرُ روّانا ندىً معا ثم اصطبغنا خضرةً مزدهره لو أننا كنا بشطّ البحر موجتينْ صُفِّيتا من الرمال والمحارْ تُوّجتا سبيكةً من النهار والزبدْ أَسلمتا العِنانَ للتيّارْ يدفعُنا من مهدنا للحْدِنا معا في مشيةٍ راقصةٍ مدندنه تشربُنا سحابةٌ رقيقه تذوب تحت ثغر شمسٍ حلوة رفيقه ثم نعودُ موجتين توأمينْ أسلمتا العنان للتيّارْ في دورة إلى الأبدْ من البحار للسماءْ من السماء للبحارْ ! لو أننا كنا بخَيْمتين جارتينْ من شرفةٍ واحدةٍ مطلعُنا في غيمةٍ واحدةٍ مضجعُنا نضيء للعشّاق وحدهم وللمسافرينْ نحو ديارِ العشقِ والمحبّه وللحزانى الساهرين الحافظين مَوثقَ الأحبّه لو أننا كنّا جناحيْ نورسٍ رقيقْ وناعمٍ، لا يبرحُ المضيقْ مُحلّقٍ على ذؤابات السُّفنْ يبشّر الملاحَ بالوصولْ ويوقظ الحنينَ للأحباب والوطنْ منقاره يقتاتُ بالنسيمْ ويرتوي من عَرَقِ الغيومْ وحينما يُجنّ ليلُ البحرِ يطوينا معاً.. معا ثم ينام فوق قِلْعِ مركبٍ قديمْ يؤانس البحّارةَ الذين أُرهقوا بغربة الديارْ ويؤنسون خوفَهُ وحيرتهْ بالشدوِ والأشعارْ والنفخ في المزمارْ ! لو أننا لو أننا لو أننا، وآهِ من قسوةِ «لو» يا فتنتي، إذا افتتحنا بالمُنى كلامَنا لكنّنا.. وآهِ من قسوتها «لكننا»! * * * صافيةً أراكِ يا حبيبتي كأنما كبرتِ خارجَ الزمنْ وحينما التقينا يا حبيبتي أيقنتُ أننا مفترقانْ وأنني سوف أظلُّ واقفاً بلا مكانْ لو لم يُعدني حبُّكِ الرقيقُ للطهاره فنعرفُ الحبَّ كغصنيْ شجره كنجمتين جارتينْ كموجتين توأمينْ مثل جناحَيْ نورسٍ رقيقْ عندئذٍ لا نفترقْ يضمُّنا معاً طريقْ يضمّنا معاً طريقْ . (صلاح عبدالصبور) 4- طاوعت فيني كل عاذل ولوام وش دخل العذال بينك وبيني الحاجز الوهمي على طول الايام يكبر ويصغر حبنا ياضنيني انسوك عشرتنا وهي توها العام وصورة خيالك.. بين جفني وعيني وحطمتني وانهيت امال وأحلام تقذف بها الامواج شك ويقيني حقي من معاشرك هجرانك التام على الرجى حبك يضيع سنيني معك الوعد يامايس القد قدام ان جادت اظروفي بتسديد ديني (راشد بن جعيثن) راشد بن جعيثن 5- تعرضّ لي الهوى غرّاً .. فشيبَّني على صِغَري وكان هواكِ لي قدراً .. فكيف أفرُّ من قدري؟! (العباس بن الأحنف) 6- الزين والله بين جُبَّه ومشهور لي شافها قلب المشقّى عشقها ماجمّعتْ زينه تلاميع وخصور زين على زين من الله خلقها (سحلي العواي) 7- وخصر تثبت الأبصار فيه كأن عليه من حَدَقٍ نِطاقا (المتنبي)