لا يزال الوطن يحصد رؤية "عبدالله بن عبدالعزيز" في تأهيل العنصر البشري، والتحضير لإمكاناته في مواقع المسؤولية، التي تُنتظر أن تُشغل بسواعد وطنية من شأنها أن تبني المستقبل، لا سيما بعد التزود بالخبرات الأخرى عبر أشهر الجامعات العالمية؛ ليسعد الوطن بأبنائه، ويسعد الأبناء بوطنهم، خاصةً بعد أعوام من "الغربة". وتزف اليوم الملحقية الثقافية بأمريكا أكثر من ستة آلاف خريج في مختلف التخصصات والمراحل الأكاديمية، وذلك في برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للإبتعاث الخارجي، حيث يُعد هذا العام الخامس التي تتابع فيه الملحقية حصاد السنين وانجازات المبتعثين في شتى المجالات. واختلطت مشاعر الخريجين في هذه المناسبة بالحب والشكر والفرح، لكل من كان له الفضل بعد الله في ماوصلوا إليه من علم، وتوجهوا بجزيل الإمتنان لمهندس برنامج الابتعاث الأول، وواضع استراتيجياته، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، متمنين أن يعودوا إلى وطنهم للمشاركة والمساهمة في قيادة دفة عجلة التنمية والإزدهار، الذي تمر به المملكة في الوقت الحالي. غربة وشجاعة وقال "فهد الجبر": كنت من أوائل المبتعثين في الدفعة الأولى لبرنامج خادم الحرمين الشريفين، وقضيت حتى الآن سبعة أعوام في أمريكا، أنهيت فيها دراسة "البكالوريس" في العلوم السياسية و"الماجستير" في العلاقات الدولية، مضيفاً أنها كانت رحلة طويلة مليئة بالعقبات والصعوبات، وفي مقدمتها الغربة والبعد عن الوطن والأهل، مبيناً أن وجوده وزملاءه كدفعة أولى يُعد شجاعة منهم، خاصةً بعد أحداث سبتمبر، وأن وجود مبتعثين بهذا العدد الكبير أمر لم يتم تقبله بسهولة في المجتمع الأمريكي حينها، مؤكداً على أنه ولله الحمد استطاع المبتعثون أن يمثلوا دينهم ووطنهم خير تمثيل، وكذلك نشر الثقافة العربية عامةً والمملكة خاصةً، إلى جانب تعريف الشعب الأمريكي بها من خلال الأنشطة الطلابية والمعارض التي تنظمها الجامعات، إضافةً إلى توطيد العلاقات وكسب الصداقات مع كافة أطياف المجتمع هناك. «ملحقية أمريكا» تزف اليوم أكثر من ستة آلاف خريج في مختلف التخصصات والمراحل الأكاديمية تمثيل مشرف وأوضح "الجبر" أنه من خلال تجربته الشخصية، وبسبب تخصصه السياسي أبرز مشروعات دراسية وبحوث علمية ونقاشات ومناظرات حية، حاول من خلالها أن يضع بصمة من خلال الدفاع عن ديننا الإسلامي وثوابتنا الدينية والوطنية، مضيفاً أنه ركّز على رسم الصورة الصحيحة لديننا العظيم وقيمه الأخلاقية التي تنبذ الأرهاب و"الأيديولوجيات" السياسية التي تنبني على العنف وتصفية الخصوم واستهداف الأبرياء، مشيراً إلى أنه يشعر بعد أن تخرج من مرحلة "الماجستير" أنه وُفق في هذه المهمة، بل واستطاع أن يُمثل وطنه خير تمثيل، ذاكراً أن كل ما تحقق يعود فيه الفضل إلى الله أولاً، ومن ثم إلى صاحب هذا المشروع العظيم الملك عبدالله، الذي كان ولازال حريصاً على تذليل كل الصعاب التي تعترض أبناءه المبتعثين في شتى بلدان الابتعاث، مزجياً شكره لوالد الجميع الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مهنئاً إياه بتخرج أبنائه، الذين استطاعوا بتوفيق من الله ثم بدعم مباشر منه أن يرفعوا الرأس، ويجعلوا من أنفسهم مصدر فخر لوطنهم ومليكهم، بل ويتباهى بهم بين الأمم. أفكار ورؤى وأوضح "سلمان العنزي" أنه كان ينتمي إلى أحد القطاعات الأمنية بعد المرحلة الثانوية، ولكن التوفيق لم يحالفه، مما دفعه وبتشجيع من أحد إخوته إلى مواصلة دراسته بالمملكة، إلاّ أن شبح الوظيفه طارده مرةً أخرى، خاصةً مع تدني مستوى المعدل العام خلال مرحلة "البكالوريوس"، مبيناً أن الحظ حالفه في الإلتحاق ببرنامج خادم الحرمين الشريفين، والذي فتح له الكثير من الأبواب، بل وغيّر الكثير من المفاهيم، ليكتب له القدر أن يقبل في "برنامج الماجستير"، ويتخرج بدرجات مرتفعة، مؤكداً على أن الشباب في المملكة خاصةً من اجتهدوا وثابروا للحصول على البعثة والتخرج، لديهم القدرة والأفكار والرؤى التي تدفعهم للمساهمة في دفع عجلة التنمية بالمملكة. عبدالعزيز الجبر وشقيقه فهد في حفل التخرج خُطى واثقة وقال "نصر الشريان" -مبتعث في درجة الماجستير-: منذ أشرقت شمس دنياي وعيني يملؤها الطموح نحو المستقبل المشرق، فقد ترعرعت في ربوع بلادي خلال المراحل الدراسية الثلاث، وكان حلم الإبتعاث يراودني فترة طويلة، إلى أن من الله تعالى علي بالابتعاث، في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين -أطال الله تعالى عمره-، مضيفاً أنه على الرغم من معاناته من ظروف صحية قاهرة -إصابة في الركبة- إلاّ أن طموحه هو ما كان يدفعه إلى الأمام، بل ويمنحه القوة في السير بخُطى واثقة، مشيراً إلى أنه مرت الأعوام مليئة بالذكريات الجميلة، والتي تخللتها لحظات الأمل والفرح والعمل والصحبة الرائعة، مؤكداً على أن ذلك ما ساعدهم على مواجهة آلام الغربة والبعد عن الوطن والأهل، بل وصقلت النفوس الأبية. وأضاف: إخلاص النية أساس النجاح، والجد والاجتهاد هما طريقا النجاح، قال تعالى: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"، وها نحن اليوم نقف هنا لنرى أعوامنا التي مضت وأينعت نورها تسطع لأفق بعيد، نور يرقى بوطن، يرقى بإنسان، يرقى بروح تسمو بما وصلت إليه، وقد قيل من لا يشكر الله لا يشكر الناس فشكراً للملك وشكرا للوطن وشكراً لكم جميعاً على ما قدمتموه لنا. لأجل العِلم وأكد "عبد العزيز الجبر" على أنه قضى سبع سنوات بعيداً عن وطنه، كل ذلك لأجل العِلم، وبفضل من الله ثم برنامج خادم الحرمين الشريفين حصل على درجة "بكالوريوس في علوم الحاسب"، وكذلك "ماجستير في إدارة تقنية المعلومات"، مبيناً أنه وحتى هذه اللحظة حقق الأهداف التي خطط لها، من خلال نشر البحوث العلمية؛ لعكس صورة مثالية عن وطني الغالي، مشيراً إلى أن تجربة الابتعاث منحته مميزات كثيرة، وفوائد جمة، ومنها التخالط مع ثقافات مختلفة لكسب الخبرة العالمية الواسعة والمميزة، ذاكراً أنه وبهذه المناسبة لا يسعني إلاّ أن أتقدم بالشكر الجزيل بعد شكر الله جل وعلا إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وإلى وزير التعليم العالي "أ.د.خالد العنقري"، وإلى الملحق الثقافي "د.محمد العيسى"، شاكراً الملحقية الثقافية على جهودها لمساعدة المبتعثين، حيث كان لها الأثر الكبير والفعال في نجاح برنامج خادم الحرمين الشريفين للإبتعاث الخارجي. د.موضي الخلف د.موضي الخلف: الفرص الوظيفية زادت أمام المبتعثين 164% اعتبرت "د.موضي الخلف" -مديرة الشؤون الثقافية والاجتماعية بالملحقية الثقافية في أمريكا- الاحتفاء بدفعة من المبتعثين بمثابة نتاج لخطط استراتيجية وضع جذورها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأسس مبادئها للاستثمار في التعليم، والعمل على تطوير المنظومة التعليمية، من خلال ابتعاث أعداد من المبتعثين في كافة دول العالم، والتوسع التعليمي في عدد الجامعات، وهو ما يمثل لفتة حكيمة لمستقبل أفضل للوطن. وقالت في حديث ل"الرياض" إن حفل الخريجين اليوم نزف فيه ما يزيد على 6000 مبتعث ومبتعثة من المؤهلات الواعدة لمستقبل بلادنا ورخائها، وسبق ذلك يوم أمس الجمعة افتتاح يوم المهنة الذي تلتقي فيه حاجة العمل مع ثمار الابتعاث بتلك المؤهلات العلمية، حيث نسعى من خلال يوم المهنة الى فتح النوافذ والفرص الجديدة للعديد من خريجينا لاغتنامها، والدخول من بوابة العمل تجاه الغد المشرق، مشيرة إلى أن يوم المهنة تستقبل فيه الملحقية طرفي المعادلة من أبنائها وبناتها الخريجين، وطلبات المؤسسات والشركات الوطنية والجهات الحكومية؛ لكي تستوعب حاجتها من الكفاءات المؤهلة والتخصصات العلمية المتطورة والنادرة التي حصد الابتعاث ثمارها وفق حاجة المجتمع وتطلعاته التنموية، مؤكدة حرص الملحقية على تعميق إفادتها من تجربة يوم المهنة، وتحقيق طموحاته وأهدافها لتوفير كافة الوسائل من أجل توظيف أكبر عدد من هؤلاء الخريجين. وأضافت أن الفرص الوظيفية زادت خلال العام الحالي أمام الخريجين بمقدار 164%، وأصبحت الشركات أكثر طلباً لتوظيف خريجي أمريكا بنسبة 27.34% عبر قواعد بيانات البئر السابع، مشيرة إلى أن عدد المشاركين هذا العام ما يقارب 74 شركة ومؤسسة خاصة. وأشارت إلى أن يوم المهنة سيشمل عدداً من ورش العمل مقدمة للخريجين، كما سيصاحب ذلك ثلاث محاضرات إعلامية مع رؤساء تحرير وصحافيين سعوديين تتطرق إلى الإعلام الجديد. يذكر أن وزير التعليم العالي "د.خالد العنقري"، بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين في واشنطن الأستاذ "عادل الجبير" افتتح أمس في ولاية ميرلاند يوم المهنة، بحضور عدد من الجهات الحكومية والشركات الخاصة لاستقطاب عدد من الخريجين في مختلف التخصصات العلمية والدرجات الأكاديمية. سلمان العنزي وفهد الجبر نصر الشريان