قرار مجلس الوزراء قصر العمل الصحفي على أعضاء هيئة الصحافيين وقبل أن يجف حبر كتابته أثار الأسئلة والتحفظات وبعض الشكوك، وهو أمر طبيعي لأي تنظيم يريد ضبط العملية الصحافية من التلاعب أو دس أشخاص لا ينتمون لهذه المهنة، وقبل القرار المفاجئ، كانت الهيئة موضع تجاذب أدى إلى ما قيل عن احتكارها في وقت تم الاقتراع الأخير بوضوح وشفافية ومراقبة دقيقة من هيئات وجهات محايدة تماماً، وحق الترشيح كان مفتوحاً للجميع.. المشكلة المغطى عليها، أن معظم الصحف لا يصل المتفرغون بها الحد الأدنى، وربما تهرباً من مسؤوليات الحقوق، ولم يصل أكثريتها بأن تُدخل أعضاء من العاملين بها رسميين في المؤسسات من المتفرغين، وهذه الثغرة، هي التي جعلت الأعضاء من خارج الميدان الصحفي يُملون قراراتهم بالاتجاه الذي يريدون، وموضوع المهنية والتأهيل والكفاءة، لا تقاس بالمؤهل بل بالممارسة، وهذه الحقيقة كشفت التباعد الكبير بين الأكاديمي الذي يحفظ المصطلحات العامة، ويبني تفسيره عليها بينما ميدان العمل متجدد ومتطور، وقد نجح جامعيون تدربوا قبل التخرج، وفاقوا الآخرين ممن تبعت حصيلتهم المجال الأكاديمي فقط.. نعود لمسألة تنظيم هذا العمل، فقد يكون القرار بلا أسس وقواعد وشروط لهذه المهنة، ولم يصدر بدون تأكيد على المسؤولية، سواء على وزارة الثقافة والإعلام، أو هيئة الصحافيين، لكن يبقى شرف المهنة مهماً، حتى ان دولاً عربية تجعل الصحفي لا يحصل على شرط العمل إلا بإعلان القسَم أمام مسؤول الدولة سواء كان وزيراً، أو أي شخصية تدير هذا العمل، وعملياً فإن قصر العضوية على متفرغ، وإبعاد المتعاون، وكذلك العاملين بالصحافة الالكترونية، يظل خللاً في التنظيم وأعتقد أن إعادة النظر في معظم القوانين والنظم التي تربط الصحفي بعمله مسألة حقوقية بين أصحاب العقود، والتي يجب أن تراعي الفروق والأسباب وفق إطار يحفظ للجميع حقهم.. الجدل الدائر في العمل الإعلامي، صحي حتى لو اختلفت الآراء على شرط أن لا تصل الآراء إلى التجني على الآخر، أو تقول بما لا يخضع للمساءلة، وفي حال أخذت الدولة الفصل القضائي في حماية كل شخص، فإن النظام سيأخذ الاتجاه الصحيح، وأن لا أحد فوق المساءلة أو التحقيق.. في قلعة الديموقراطية البريطانية نتذكر كيف أوقفت صحيفة «نيو أوف ذا وورد» والتي كانت من ممتلكات «ماردوخ» بأن أوقفت لمخالفتها القوانين، وكيف أسقطت الواشنطن بوست الرئيس الأمريكي «نيكسون» إذن وجود الروادع مثل حفظ الحقوق شريعة قائمة في كل بلدان العالم.. المطلوب الآن أن لا نستبق الأحداث ونعطي أحكاماً غير موضوعية على قرار مجلس الوزراء حتى تتضح الأمور لئلا نقع في المحظور، مع أن فتح أبواب الأفكار والآراء مهم ومطلوب لأنها تثري التنظيم من خلال أناس داخل العمل الصحفي، يملكون الخبرة، والفكرة عن أدوارهم ومطالبهم، ولعلها بداية إيجابية أن يحدث تطور يأخذ بالأسباب والنتائج لعمل مهني له مسؤوليات دقيقة، وأمانة أكبر..