عندما نتحدث عن الصيف والسياحة في كل عام فكأنما نجدد العهد مع الطبيعة والجمال ومع الإحساس ونزهة النفس بين أحضان الطبيعة الخلابة وفي عناق مع روائح الورد والسحاب والسمر في مصائف المملكة ذات الطبيعة المتميزة. إن عناصر المكان في تلك المصائف من سحاب وعطر وندى على أوراق أشجار الجبال العالية ما هي إلا محفز حقيقي للإبداع والتحليق في سماء الشعر كيف لا والمكان هكذا. يقول الشاعر الشريف سعيد بن سعد الشنبري: يا مرحباً يا سحابة قبلت ماها يهلي وأشرب من الماء وأرشش وأرحم القلب الجحومي ومن المصائف التي شهدت منذ عصور متقدمة منابر الشعر وفحول شعراء الطائف حيث كان هناك سوق عكاظ إذاً ليس الشعر بغريب على المكان حيث يتواصل الركب مع شعرائهم أحفاد أصحاب المعلقات ومن جعلوا سوق عكاظ جامعة الشعر والأدب ومضمار التنافس في النفيس من الشعر. لم يتوقف الزمان وما زال الركب يسير على تلك الطرقات يُذكّر شاعر اليوم بشاعر الأمس الذي علق الدُرّر من شعر العرب. يتحدث الحجر ومكان سوق عكاظ عن تلك الكلمات عن ذلك العقد الفريد من الشعر ليبعث في نفس شاعر اليوم شعوراً غريباً يدفعه للإبداع من خلال منبر أو أمسية أو ملتقى. يقول خالد بن منير حجازي: وهل ننسى عكاظاً ما بقينا وقد خطت إلى الدنيا كتابا فهذا الكوع في المثناة باق رأينا عنده العجب العجابا والزائر لمصائفنا سواء في الطائف أو هناك حيث يعانق الجبل غيمة سحاب أو على الشاطئ الجميل حيث درر البحار تغازل الشاعر لينافسها بدرر الشعر تحث ركبه على الإبحار في بحور الشعر كيف لا والشمس الأصيلة تنثر بحمرة الشفق على سطح الماء لتحدث بريق الذهب يرسم لوحة الغروب في المكان. وكذا الثمار اليانعة في الطائف في أبها هناك في النماص وتنومة تتدلى تغازل العين وتغري الشفاه. ونأكل أطيب الأثمار صيفاً ونملأ من معسلها الشرابا ونقضي أجمل الأوقات فيها ونأكل من لذائذها عذابا ورمانٌ وأعنابٌ وتينٌ وماء الورد فاح شذاً وطابا وتفاحٌ وعنّابٌ وتوت مناظرها تعيد لنا الشبابا وعندما نرى ركاب المصطافين تسير على الطرقات يجمعها الطريق إلى المصيف إلى حيث النسمة العليلة والليل الساحر بنجومه وقمره يتبادر إلى الذهن أنهم في شوق إلى اللقاء حيث ذكريات مكانهم فوق الجبل بجانب الورد في العام الماضي عندما تدرك تلك الطبيعة هذه المحبة واللقاء تهتز فروع الورد ترقص فرحاً بالموعد الذي طال انتظاره. عزمت السير نحوكم ذهاباً فهاج الشوق ينتظر الإيابا وكان القلب يدفعني لصحبي لعل الجمع ينسيني الصعابا ويتحدث صدى المكان عن جميلة في كل جزء من هذه البلاد فهناك وصيف وهناك في الشمال السمر والشعر والأصالة وفي نجد تتحدث حبات الرمال الذهبية عن شجون المساء ونسيم الليل كم هو جميل هذا الوطن بجمال أهله وأصالتهم لذا رسم الشاعر الأمير عبدالعزيز بن سعود هذه الصورة الرائعة للوطن يقول: يا دارنا عزك على متن السحاب يا دارنا يا موطن العز المنيف يا دار قوم عزهم فوق الهضاب أنتي على وجه الثرى ورد وريف المملكة أرض الشريعة والكتاب تهنا بها يا خادم البيت الشريف يا دار أبو تركي من أجلك ما نهاب الروح نرخصها إلى من جاك حيف حنا شربنا حبك الغالي شراب في سموم وفي ربيع وفي مصيف يا دارنا وإنا بعد ستر وحجاب يا دارنا يا موطن الدين الحنيف