ربما يكون من اغرب الاعمال في معرض بال الفني قطعة صابون تعرض وسط مربع من المخمل الاسود يتردد انها مصنوعة من دهون جمعت اثناء عملية شفط دهون لرئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني. وبيعت قطعة الصابون التي ابتكرها جياني مونتي وتحمل اسم «الايدي النظيفة» في اقل من ساعة بمبلغ 15 الف يورو (18 الف دولار) لهاو سويسري. وكان سعر قطعة الصابون صدمة غير ان مونتي وهو ايطالي مقيم في سويسرا ليس الفنان الوحيد الذي حققت اعماله ارقاما ضخمة في معرض بال الفني وهو اكبر معرض من نوعه في العالم إذ يضم 275 عارضا لمقتنيات من الفنون الحديثة والمعاصرة ويجتذب اكثر من 50 الفا من هواة جمع الاعمال الفنية ومسؤولي المتاحف. وارتفعت اسعار اعمال فنانين مشهورين متجاوزة اسعار اعمال لفنانين كبار راحلين في سوق يقدر حجم تعاملاتها عند 20 مليار دولار مما دفع خبراء الفن القديم للتساؤل عما إذا كانت هذه الحمى يمكن ان تتوقف حقا. ومثلما كانت الحال مع اسهم الانترنت والسندات والعقارات والسلع الاولية من قبل فإن الفن الحديث يجتذب استثمارات تتلقف سريعا اي اعمال يعتقد انه يمكنها ان تدر مكاسب ضخمة. يقول ارثر سولي مدير متحف جيمس كوهان في نيويورك «لا يعرف من لديهم سيولة فائضة كيف يستثمرون اموالهم. حين ضعف سوق السندات في وقت سابق من هذا العام بدأت احظى باهتمام اكبر من عملاء اثرياء.» ويقول بروس فولمار محرر مجلة الفن والمزادات «يبدو جشع المشترين ورفع اسعار الاعمال الفنية على نحو غريب جدا.» وادى الرواج الكبير في السوق لظهور صناديق استثمار مثل صندوق الفن الرفيع في لندن وصندوق الفن الامريكي ومن المقرر ان تبدأ نحو ستة صناديق فنية اخرى نشاطها هذا العام. وتقول مجلة ارت نيوز ان فنانا شهيرا مثل جيف كونز الذي شيد عملا عملاقا يتكون من زهور على شكل جرو امام متحف غوغونهايم في بيلباو سجل احد اعماله أعلى سعر في مزاد قبل عام 1999 وبيع آنذاك بمبلغ 288500 دولار ومنذ ذلك الحين بيعت 15 من اعماله بأكثر من مليون دولار وبلغ سعر احد هذه الاعمال 5,5 ملايين دولار. ويتفق معه في الرأي كارل شفايزر العضو المنتدب في قسم التعاملات في الاعمال الفنية في بنك يو.بي.اس. وراعي المعرض «من المرجح ان التعاملات في الاعمال الفنية مبالغ فيها في الفترة الحالية.» ويرى شفايزر ان هناك عددا متزايدا من الصفوة من الممولين والمسؤولين التنفيذيين الاثرياء بصفة خاصة في الولاياتالمتحدة والاسواق الناشئة في آسيا يمتلكون عدة منازل ولا ترهقهم مسؤوليات عائلية ضخمة ويرغبون في الاستثمار في الفن. وهؤلاء لا يشترون من اجل المتعة فقط بل من اجل المكانة ايضا. قال شفايزر » الفن يلعب دورا في القبول الاجتماعي. انت تحبه ولكن ايضا تريد ان يرى الآخرون الاجواء المحيطة بك. يؤدي هذا لطلب مستمر على الاعمال الجيدة لتحقيق احلامهم ومستوى القبول الاجتماعي الذي يرغبونه.» وشهد بنك شفايزر زيادة مطردة للطلب على خدماته في المجال الفني منذ عام 1998. غير ان الاسعار المرتفعة تثير قلق بعض خبراء الصناعة. ويقول فولمار «كثيرون ممن ينفقون اموالا طائلة سيتخلف لديهم عدد كبير من الاعمال بلا قيمة ما لم يتخلصوا منها بسرعة كبيرة.» وقال شفايزر انه نصح بعض عملاء البنك هذا العام بالابتعاد عن السوق لأن الاسعار تبدو مبالغا فيها. ويقول ريتشارد فلود المسؤول عن مركز ووكر الفني في منيابوليس ان هذه الحمى تعني ان تعجز المتاحف عن تحمل اسعار اعمال الفنانين المعاصرين. وقال «حين تقفز اسعار الفن المعاصر أعلى من الاعمال القديمة تدرك ان هناك مشكلة.» غير ان الهاوي الذي يجوب ارجاء معرض بال الفني يمكنه العثور على رسم تخطيطي لبيكاسو يرجع لعام 1937 بسعر 42 الف دولار وتمثال من الصلب لريتشارد سيرا وبعض الاعمال الجديدةالغربية لفنانين لم يسمع عنهم من قبل. وهذا التنوع للاعمال الموجودة في معرض بال إلى جانب البرنامج المتنوع الذي يضم محاضرات وافلاما وعروضا يمثل الجواب لمن يخشون ان يؤدي المزج بين التجارة والثقافة إلى اهدار الجودة الفنية ومغزاها. ويقول هانز اورليك اوبريست مسؤول معرض الفن الحديث في باريس «يطلعنا الفنانون الكبار على تجارب استثنائية واعتقد ان هذا ما ينبغي ان نتطلع اليه وما زال يحدث.»