أقصد في الأزمة والانفجار أزمة الماء، فالكلمة تنطبق على السائل. والدليل قوله تعالى وفجّرنا فيها من العيون سورة يس. وكانت الرياَض العاصمة - وربما لا تزال - تُعاني الشح. في بدايات أشهر الصيف. وكان الناس ينتظرون العطلة ليسافر المدرسون وتذهب الحكومة إلى الطائف، أو يغادر أهل البيوت المجهّزة بأحواض السباحة. وينتهي بقاء الدارسين داخل المنازل. وكان هذا التقويم مُقرا ومُشاهدا ومعترفا به. وإن لم يكن كذلك فتلك قناعة الناس في ذاك الوقت. بات مألوفاً رؤية صهاريج المياه تجوب أحياء وسط مدينة الرياض، الذي يعاني ساكنوه من انقطاع متكرر في المياه منذ نحو شهر، ما اضطرهم إلى الانتظار ساعات للحصول على حمولة صهاريج مجانية، أو شراء ما يحتاجونه بمبالغ خيالية. وشركة المياه الوطنية عزت تدني نسبة المياه المخصصة للحي، إلى الصيانة الشتوية للخطوط الناقلة للمياه استعداداً لفترة الصيف. ونسمع تفسيرات أخرى عبر الصحافة وشبكات التواصل. وأجد أن قول إن أزمة الرياض ستنتهي كلية بعد سنتين فيه من التفاؤل الكثير. ولا أكون بهذا أبخس حق العاملين والمخططين في الاعتبار. لكن الأحوال الأخرى في البنية لن تبقى كما هي الآن بعد سنتين، فالتنامي في الطلب على المياه تتسبب فيه عوامل أخرى، مثل ازدياد عدد السكان وحجم الحركة الإنشائية فما لم تؤخذ هذه الأمور في الاعتبار والحسبان فإن الأزمة ستظل، بل قد تزيد. ولن أزيد على ما يُنشر من تحذيرات بأن لو مررنا على المجلات المتخصصة بالزراعة والمياه لوجدنا الأرقام المتعلقة بالمياه العذبة في العالم تدعو للقلق. فهي لا تمثل أكثر من 3% فقط من مجمل المياه الموجودة في كوكبنا الأرضي، 77.6% من هذه النسبة على هيئة جليد، و21.8% مياه جوفية، والكمية المتبقية بعد ذلك والتي لا تتجاوز 0.6% هي المسئولة عن تلبية احتياجات أكثر من ستة مليارات من البشر في كل ما يتعلق بالنشاط الزراعي والصناعي وسائر الاحتياجات اليومية. أما عن المياه في الوطن العربي، فبالرغم من أنه يضم عشر مساحة اليابسة فإنه يصنف على أنه من المناطق الفقيرة في مصادر المياه العذبة، إذ لا يحتوى إلا على أقل من 1% فقط من كل الجريان السطحي للمياه، وحوالي 2% من إجمالي الأمطار في العالم.