احتفلت إسرائيل يوم الخميس الماضي بذكرى قيامها حيث مضى على ذلك أربعة وستون عاماً منذ اليوم الأول الذي اعترف فيه العالم بقيام هذه الدولة بعدما احتلت الأرض الفلسطينية. وحتى يوم الخميس الماضي بلغ عدد السكان في إسرائيل 7.9 ملايين نسمة يعيشون فعليا فيها. صحيفة معاريف الإسرائيلية نشرت على صفحاتها تقول إنه في بداية العام 2013 م سيصل عدد السكان في إسرائيل إلى 8 ملايين وعند العام 2025 سيرتفع عدد السكان إلى 10 ملايين وعند العام 2060 سيصل عدد سكان إسرائيل إلى 20 مليون نسمة. ستكون العقود القادمة عقودا أكثر صعوبة في حياة إسرائيل هذا اقل ما يمكن توقعه في ظل تأجيل عمليات الولادة للسلام مع العرب وقيام دولة فلسطينية مستقلة وفقا للمشروعات العربية التي تم طرحها من اجل السلام وضمان قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس بحدود العام 1967م علميا سوف يتحقق هذا الرقم من الزيادة لأن نظريات السكان تقول إن عدد السكان يتزايد بمتوالية هندسية بمعنى انه يتضاعف بشكل تراكمي فمثلا قبل أربعة وستين عاما كان الإسرائيلون 806 آلاف نسمة فقط وهذا يعني أن سكان إسرائيل وخلال الستة عقود الماضية قد تضاعف بمقدار عشر مرات تقريبا. وقد نشرت صحيفة معاريف ايضا انه " منذ يوم الاستقلال الماضي ولد على ارض إسرائيل 162 ألف وليد وتوفي 39500 نسمة، في السنة الماضية وصل إلى إسرائيل 19500 مهاجر، مقابل 24 ألفا في السنة السابقة، عدد المهاجرين من إسرائيل كما تقول الإحصاءات هبط بنسبة 35 في المائة 7700 إسرائيلي فقط هاجروا من البلاد منذ يوم الاستقلال السابق، مقابل 12 ألف إسرائيلي هاجروا منها في السنة السابقة. تبلغ نسبة اليهود 75% مقابل 20% من العرب ، عدد المدن الكبرى في إسرائيل ارتفع من مدينة واحدة مع قيام إسرائيل إلى 14 مدينة، هذا التكاثر البشري والسكاني يقابله تكاثر سياسي واقتصادي واجتماعي حدث خلال هذه العقود الستة والتي شهدت الكثير من الأحداث. نشرت صحيفة (يدعوت أحرنوت) مؤشرات مجتمعية أكثر أهمية في الكيفية التي يرى فيها الإسرائيليون وطنهم حيث إن 78% من الإسرائيليين يرون أن جيشهم رمز للفخر وليس دولتهم ما يعني غيابا كبيرا للهوية الحقيقية فالجيش رمز يعكس القلق وليس الانتماء ما يؤكد أن شعب إسرائيل يعتبر موازنة القوة هي الوحيدة القادرة على حفظها وهذا يتناقض مع مسار التاريخ حيث إن الاعتماد على القوة مؤشر خطير لان القوة وحدها لا تخلق استقرارا وسلاما يمكن أن تساهم فيهما إسرائيل في المنطقة. هذه الأعداد في حقيقتها قد لا تشكل سوى بعض سكان اكبر المدن العربية ولذلك فقد لا يكون الرقم مهماً فهذه الدولة تسكن بين مئات الملايين من العرب وخلال ستة عقود قد تضاعف الرقم العربي أيضا أضعافا كثيرة ولكن السؤال يكمن في الأثر الذي يمكن أن يتركه الرقم العربي فهو يفقد قيمته التأثيرية ويبقى عددا. معطيات كثيرة سياسية واقتصادية وأيديولوجية ساهمت في تخلص الرقم العربي من أثره على الواقع المحيط به وهذا ليس استثارة عاطفية أسوقها ولكنها فرضية ثابتة إذا لم تتغير فلن يتغير أي من المؤثرات المحيطة بالشعوب العربية من فقر وخلل اجتماعي وضعف واحتلال لأراضيهم ولكن السؤال الأهم أيضا يقول : بماذا يمكن أن يحتفل العرب اليوم بعد ستة عقود من احتلال فلسطين..؟ الموقف العربي الشعبي اليوم وخصوصاً بعد الثورات العربية يثير تساؤلات مهمة كي يستطيع تفسير اتجاهه من إسرائيل فبعد هذه العقود من وجود إسرائيل فالعالم العربي يريد السلام ولكن ذلك لم يحدث وهذا هو محور تساؤلات الشعوب العربية ولكن فرضية السلام ضبابية بين الشعوب والقيادات السياسية. فلسطين تغيب عن المشهد السياسي كليا منذ ثمانية عشر شهرا تقريبا ولكنها أي قضية فلسطين على الجانب الآخر تنمو في المشهد العاطفي لدى الشعوب العربية التي تستجيب وبسرعة لمواقفها السياسية الجديدة تجاه القضية الفلسطينية لأنها وبكل تأكيد هي القضية الأهم والتي لن تختلف عليها الشعوب مع قياداتها ولذلك فالسلام اليوم تقل فرصه شيئا فشيئا والأمة العربية أدركت حقائق مهمة حول عمليات التسويف الدولي للقضية وخصوصا من الدول الكبرى حيث أصبح كل عربي يدرك أن قضية فلسطين هي مشروع انتخابي في كثير من الدول فضلا عن كونها قضية سياسية تهم الشعوب العربية. على سبيل المثال إسرائيل تقر بناء ثلاث مستوطنات جديدة والحكومة الأمريكية تقلق وهي قلقه دائما في هذا الجانب ولكن دون ردود فعل وتقول إنها تؤيد إقامة دولة فلسطينية "مترابطة الأطراف" وهذا مصطلح جديد يدخل تاريخ المفاوضات العربية - الإسرائيلية وكل هذا يجب أن يحدث في إطار اتفاقية سلام تضمن فيها إسرائيل أمنها وهذا هو الشرط الدائم. وزارة الخارجية الأمريكية وعلى لسان المتحدثة باسمها (فيكتوريا نيولاند) ترحب بتصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة أجراها على قناة (سي إن إن) الثلاثاء الماضي حيث تحدث عن تأييده قيام (دولة فلسطينية مترابطة). ما وصل إليه العالم العربي اليوم من تحولات سياسية طالت بعض دوله مبني على تحولات اجتماعية هذه ليست فرصة لإسرائيل للتمادي أكثر في عمليات استيطانها ولكنها رسالة يجب أن تحترمها إسرائيل. فمزيد من الحروب أو الاعتداء في المنطقة مهما كانت قوة إسرائيل ليس في صالح إسرائيل لان الأمة العربية ليس لديها اليوم الكثير كي تخسره ولذلك فإن فرصة السلام أهم من أي شي آخر. ستكون العقود القادمة عقودا أكثر صعوبة في حياة إسرائيل هذا اقل ما يمكن توقعه في ظل تأجيل عمليات الولادة للسلام مع العرب وقيام دولة فلسطينية مستقلة وفقا للمشروعات العربية التي تم طرحها من اجل السلام وضمان قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس بحدود العام 1967م.