استكمالا للحلقة السابقة من دليل الإرشاد في مجال علاج الإدمان الذي تضعه أمانة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات ليكون المرشد في كيفية التعامل مع الحالات الأسرية والفردية لإدمان المؤثرات العقلية، وليكون بمثابة المرجع للمستشارين وللمرشدين ومن يعملون على معالجة مشاكل التعاطي لدى الفرد وأسرته. نستكمل هذا الأسبوع جوانب من هذا الدليل فيما يخص الطرق التي يمكن إن يعمل بها المرشد والجوانب الأساسية للإرشاد. * أولاً: الطرق التي يمكن للمرشد أن يعمل بها مع المريض بشكل مباشر هناك صورتان لعمل المرشد أو المستشار، تتمثل الأولى في التواصل المباشر مع المريض، بينما تتمثل الثانية في التعامل مع الأسرة، وهذه الحالة تؤدي ألأسرة دور الوسيط بين المرشد والمريض، وفيما الشك فيه أن الصورة الأولى أجدى وأنجع وأكثر فاعلية، لذا ينبغي إقناع المريض ليعترف بالمشكلة والتواصل مع المرشد. وعلى المرشد في هذه الحالة أن يعمل بشكل أساسي مع الحالة وأن يبقى تواصله مع أسرة المريض والمحافظة على أسرار المريض، كون دوره توجيه ومساعدة الأسرة على تحقيق امتناع الفرد عن التعاطي. وفي بعض الحالات من المرضى يظهر جلياً عدم الرغبة الفردإلاّ بالتدخل الخارجي، وينفر من كون أسرته تلجأ إلى استشارات خارجية للتعامل مع مشكلته. وفي هذه الحالة ينبغي على الأسرة ألا تفصح عن تواصلها مع المستشار وخاصة في بدايات التعامل مع المشكلة أو في حالة أن المريض يحقق تقدم ولا يرغب في تدخلات خارجية. جلسات علاجية *ثانيا: الموازنة بين تدخلات الأسرة وإدارة مشاكل المتعاطي تتسبب المخدرات في معاناة المتعاطي لكثير من المشاكل العصبية التي لها انعكاسات وخيمة على الفرد والأسرة والمجتمع. ولذا يعرف بأن تعاطي المؤثرات العقلية مرض يضر المدمن جسدياً وعقلياً ونفسياً. ولعل أبرز المشاكل التي تحدث للمتعاطي هي تقطع علاقاته مع أسرته وضعف الثقة. فضلا عن تدني مستويات احترام الأسرة له. وعلى مستشار الإدمان حينما يتعامل مع الأسرة أن يبصرها بطبيعة المشاكل التي يعاني منها المدمن، وكيف يمكن لها الإسهام في حل المشاكل من أجل تحقيق الامتناع واستمراره في التعافي. وعلي المستشار حينما يتواصل مع الفرد المتعاطي أن يعلمه سبل الإقناع عن التعاطي، وطرق التعامل مع المشكلات التي أفرزتها. *ثالثا: مقارنة بين الإرشاد والعلاج النفسي على العاملين في مجال إرشاد الإدمان التفريق بين المعالجة النفسية والتوجيه والإرشاد لسلوك التعاطي. ويوضح البيان التالي الفرق بين هذين المنهجين: إرشاد معالجة سلوك الإدمان. العلاج النفسي في مجال الإدمان. أهداف قصيرة الأجل أهداف قصيرة وطويلة الأجل أهداف سلوكية أهداف إدراكية وعاطفية سلوكية أهداف متصلة بالإدمان مباشرة أهداف متصلة بجميع مجالات الاستعادة والشفاء التركيزعلى الحاضر التركيز على الماضي والحاضر. * رابعا: الجوانب الأساسية في الإرشادالمتخصص في معالجة سلوك التعاطي والإدمان.. 1- إرشاد الإدمان والجلسات : حينما تلجأ الأسرة إلى مرشد الإدمان أو المستشار المتخصص في إعطاء استشارات متخصصة في كيفية احتواء المتعاطي ومساعدته على قبول العلاج، فإنها تتطلع إلى نتائج سريعة وذلك بمعالجة الفرد المتعاطي في اقصر وقت. وكذلك بالنسبة لبعض المتعاطين الذي يتوقعون أنه بمجرد الاستشارة أو بمجرد مروره بمرشد إدمان سيحصل على وصفة سريعة لوقف التعاطي. وعلى مرشد الإدمان أن يبصّر من يتعامل معه سواء أكانت الأسرة أو المتعاطي بأن العمل على معالجة مشكلة التعاطي تحتاج إلى: - تشخيص المشكلة تشخيصاً كاملاً. - دراسة كل الخيارات الممكنة لتحقيق هدف التدخل وبدء عملية المعالجة. - تحديد برنامج زمني ونوعي للتعامل مع المشكلة، عبر جلسات من المتابعة التي قد تصل إلى 6 أشهر لتحقيق الامتناع عن تعاطي المخدرات. لذا ينبغي على الأسرة أو المتعاطي المتابعة المستمرة لبنامج العلاج بشكل يضمن تحقيق أهدافه، فالإرشاد في مجال الإدمان ليس عملية توجيه مباشرة للقيام بعمل معين، فهذا لا يعدو كونه نصيحة عابرة وليس إرشاد. فحالات التعاطي تتطلب متابعة مستمرة وتقييم لخطوات المعالجة. ولقد أثبتت التجارب المختلفة الأسلوب الأمثل هو حضور جلسات الإرشاد مرتان في الأسبوع على الأقل في بادئ الأمر. ونظرا لأهمية دور الأسرة في عملية العلاج فإنه ينبغي ولذا على المستشار أن يتأكد من المسائل التالية: - من المؤهل من أسرة المتعاطي للتعامل بشكل مباشر مع الحالة. - ما طبيعة التعاملات السلبية التي تستخدمها الأسرة مع المتعاطي. - ما المواقف السابقة التي قد تضر بتدخلات الأسرة. - هل لدى المتعاطي إنكار لمشكلة التعاطي. - هل لدى المتعاطي أساليب عنف موجهة ضد أسرته. - هل لدى المتعاطي قابلية للاسترشاد أو قبول المعالجة. أن هذه الأبعاد ستساعد المرشد على توجيه جلسات الإرشاد واختيار الأشخاص الذي ينبغي أن يتعامل معهم وهم بدورهم يتعاملون مع الحالة. كما أن وجود قابلية لدى المتعاطي للعلاج يجعل المستشار أمام خيار جيد وهو التعامل المباشر مع المتعاطي. وحينما يبدأ المستشار التعامل مع المتعاطي فهذا سيجعل العملية الإرشادية ناجحة. ولكن في بعض الحالات يرفض المتعاطين التواصل المباشر مع المرشد. وهذا ما يملي على المرشد أن يضع خطة علاج بناء على ما تمتلكه الأسرة من مهارات وما يمكنها القيام به من توجيهات تساعد في احتواء مشكلة التعاطي وزرع قناعات لدى المتعاطي بضرورة العلاج. ولذا على المستشار أن يبصر الأسر بأن الأمر يحتاج إلى جلسات ومتابعة النتائج ورسم خطة حسب الموقف، وتزويد الأسرة بمهارات تتعلق بكيفية مساعدة المتعاطي على إعادة التفكير في مشكلته، وجعله يتخطى مرحلة الإنكار ويقبل مرحلة بدء الإقلاع عن التعاطي، وبعد ذلك يأتي دور المرشد المعالج ليكمل مهمة مرحلة العلاج. أما إذا كان تعامل المرشد مباشر مع المتعاطي بصورة مباشرة، فإن عليه أن يعمل على تبصير المتعاطي بواقع مشكلته، وأن الأمر يتطلب عملية إحداث تغيير ومعالجة عبر جلسات ومتابعة. إذ يعمل المرشد خلالها على تغيير أساليب تفكير المتعاطي في المشكلة ومعالجة بعض الجوانب التي نتجت عن التعاطي. كما أن الجلسات الأقل من مرتين في الأسبوع قد لا تكفي لتكوين شعور قوي لدي الأسرة أو لدى المريض بالارتباط مع برنامج المعالجة والإرشاد. وفي حالة كانت المتابعة من قبل الأسرة وخاصة في البدايات، فإن الأسر قد لا تمتلك المهارات التي تتيح لها التعامل بشكل ملائم مع كثير من المواقف، وهذا يتطلب إبقائها على الأقل مرتين في الأسبوع على تواصل مع مرشد أو مستشار الإدمان. وبين الدليل أن جلسات الاستشارة المعيارية التي أشارت لها التجارب العالمية مع المتعاطين هي مرتين في الأسبوع اعتباراً من الأسبوع الأول وطوال الإثنى عشر أسبوعا. ثم عادت وانخفضت في الأسبوع ومن ثم مرة واحدة اسبوعياً من الأسبوع الثالث عشر حتى الأسبوع الرابع وعشرين. وبعد الانتهاء من مرحلة المعالجة الفعالة في 24 أسبوع ، يقدّم للمريض جلسات تقوية أقل عدداً تساعد على الاحتفاظ بالمكاسب الإيجابية التي حصل عليها لفترة أطول. كما ينبغي إجراء الفحص الدوري مرة واحدة في الشهر للكشف عن التعاطي نظرا لما تحدثه هذه العملية من استشعار لمعدل النجاح وللبقاء في حالة من الاستعداد لإجراء الفحص. ويجب أن تكون مدة كل جلسة ال 45 دقيقة وخاصة خلال الجلسات الأولى. أما المرشد فهو المسئول عن تحديد مواعيد الجلسات والتعامل مع أي حالة غياب عنها والاتصال بأسرة المريض أو بالمريض على الفور وإعادة جدولة الجلسة، وفي حالة إلغاء الأسرة أو المريض الجلسة ما ينبغي على الاستشاري أن يحدد موعد آخر في أقرب وقتٍ ممكن. وعلى الاستشاري دائماً أن يضع في اعتباره أن العلاقة بأسرة المريض أو المريض هي علاقة مهنية وأن المريض وأسرته يستحقون أن يعاملوا بكامل الاحترام. * (مدة العلاج) من المتوقع أن لا تزيد الجلسات على 36 جلسة وتتم على مدى لا يزيد على 6 أشهر. لأن ذلك يعتمد على تقدم معالجة المشكلة لدى المريض. وتعتبر هذه المدة مناسبة إلى حد ما، فهي أطول من مدة بعض برامج المعالجة الإرشادية، إلا أنها تعتبر أيضاً مدة قصيرة بمعيار تلقي العلاج في مؤسسات المعالجة الطبية للإدمان التي قد تصل بها مدة المعالجة إلى 12 شهر. وهناك فائدة من تلقي المعالجة خلال مدة محددة زمنياً، فهي ذلك تساعد الأسرة وتساعد المريض على تنظيم وقته وفقاًً لبرنامج الاستعادة والشفاء والإقلاع عن تعاطي المخدرات، وذلك بناء على علمهم المسبق بأن هنالك جلسات علاج محددة ومجدولة. وينبغي على الاستشاري تسليط الضوء على فترة العلاج المحتملة منذ الجلسات الأولى. وأن يشعر الأسرة والمريض أنه يجب أن يكمل خطة العلاج ومراجعة الأهداف خلال هذا الإطار الزمني. أيضاً عندما يقترب المريض من وقت الانتهاء ينبغي على المرشد أن يذكر الأسرة أو المريض بالحد المسموح به لإنهاء العملية العلاجية. كما يجب على الاستشاري مساعدة الأسر والمرضى على وضع خطط وأهداف تساعدهم في التعامل مع المشكلة وتساعدهم في إكمال المعالجة والاستفادة منها. *(الأشخاص المستهدفون) لقد تم تطوير هذا المنهج للإرشاد بعلاج إدمان المخدرات للبالغين من الذكور والإناث، بناء على النموذج العالمي المتبع في هذا المجال وبشكل يتوافق مع طبيعة مشكلة التعاطي وخصائص الثقافة والمجتمع المحلي. وذلك لتلقي الإرشاد والمعالجة عبر الاستشارات الهاتفية وعبر العيادات الخارجية الخاصة بعلاج الإدمان أو عبر برامج التعافي التي تطبقها بعض مؤسسات العمل وبيئات التعليم، أو حتى عبر العمل الفردي والشخصي من قبل الأشخاص المؤهلين للإرشاد والاستشارة. وذلك لمساعدة الأسر في التعامل مع مشاكل تعاطي أحد أفراد أسرتها، ولمساعدة المتعاطين والمدمنين الراغبين في الإقلاع عن تعاطي المؤثرات العقلية. وفي ذات الوقت الذي يقوم هذا المنهج على مساعدة الأسر ومرضاهم على تخليص المتعاطي من إدمان المخدرات، عبر وصفة إرشادية توجيهية تعطى بناءً على معلومات محددة حول مشكلة التعاطي لدى الفرد وما يرتبط بها من عوامل تاريخية وعوامل مصاحبة ومشكلات مترتبة، فإن هذا المنهج من الممكن أن يكون مناسبا لعلاج فئات أخرى من المدمنين ككبار السن والصغار ومدمني الأدوية النفسية وغيرهم. * (الاستخدامات الممكنة للنموذج) وضع هذا النموذج الإرشادي لاستخدامه كجزء من برنامج إرشاد الإدمان الهاتفي وبرامج العيادات الخارجية للعلاج من الإدمان وبرامج متابعة المتعافين، ويمكن استخدامه بسهولة في حالة العلاج الخاص من قبل شخص لشخص أو من قبل الإرشاد المدرسي. كما يمكن تهيئته للاستخدام في المستشفيات أو البرامج المكثفة اليومية لعلاج الإدمان وفي مجال الإرشاد المتخصص لدعم التعافي في بيئات العمل والتعليم. ولعمل ذلك فإن الأمر يتطلب الإبقاء على هيكل ومحتوى الجلسات، ولكن مع تعديل وتيرة مدة العلاج، وتعديل طبيعة الإرشاد حسب وضع المسترشد (الأسرة أم المتعاطي).