تضع أمانة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات دليل الإرشاد في مجال علاج الإدمان ليكون المرشد في كيفية التعامل مع الحالات الأسرية والفردية لإدمان المؤثرات العقلية، وليكون بمثابة المرجع للمستشارين وللمرشدين ومن يعملون على معالجة مشاكل التعاطي لدى الفرد وأسرته. * فكرة دليل الإرشاد تعتمد فكرة الدليل على تعليم الأسر عبر مجموعة من جلسات المتابعة في كيفية التعامل الأمثل مع حالات الإدمان وكيفية زرع قناعات العلاج واحتواء حالات التعاطي والانحراف المبكر. كما يوضح كيفية تبصير المتعاطي ومريض الإدمان بالخطوات والأسس المساعدة في تحقيقه للامتناع عن التعاطي.وقد تم بناء هذا الدليل وفق رؤية متخصصة في مجال مشاكل التعاطي بالمجتمع السعودي، وبناء على العديد من الخبرات في مجال استشارات الإدمان الهاتفي وجها لوجه. وتم تطوير فلسفة هذا النهج الإرشادي والاستشاري بطريقة تتوافق مع معايير الإرشاد الأساسية ومع طبيعة مشكلة الإدمان بما يحقق نتائج ملموسة، وقد روعي عند تصميم هذا النموذج الإرشادي فلسفة خطوة الاثنتي عشرة العالمية في مجال علاج الإدمان،وعنصر المشاركة الأسرية في توجيه واحتواء المتعاطي والتعامل معه وفق خطوات موثوق بها من اجل مساعدة المريض على تخطي الإنكار والتأرجح لقبول العلاج. وهما العنصران الرئيسان لنموذج الاستشارة والإرشاد المنصوح به محليا، لمعالجة مشاكل التعاطي ولزرع قناعات قبول العلاج والامتناع عن التعاطي. بصفتها الوسيلة الفعالة للتخلص من مشاكل التعاطي وإدمان المخدرات. ويمكن اتباع هذه المنهجية في الإرشاد لمعالجة سلوكيات التعاطي، سواء مع الفرد المتعاطي أو لتوجيه أسرته بكيفية تطبيقها وخاصة من قبل الأسر التي ترغب في التعامل مع مشكلة أحد أفراد الأسرة بفاعلية . ومن الممكن تقديم هذا النموذج الإرشادي والاستشاري بشكل مستقل عن غيره من أنواع المعالجات الأخرى كما يمكن تقديمه جنباً إلى جنب مع خدمات علاجية إضافية أخرى حسب الحاجة.ويمكن تطبيق هذه المنهجية لمعالجة الإدمان في العيادات الخارجية بالمراكز العلاجية المتخصصة، وعبر برامج المعالجة للتعاطي في دور الإصلاح وعبر بيئات التعليم وعبر مؤسسات العمل، كما يمكن تطبيقها عبر الاستشارات الهاتفية، وعبر مراكز الاستشارات الأهلية. * فلسفة دليل الإرشاد تقوم منهجية فلسفة الإرشاد في مجال معالجة مشاكل التعاطي والإدمان، على أن الإدمان مرض معقد يدمر المدمن جسدياً و عقلياً و روحيا، ويؤدي إلى وجود فجوة في علاقته الأسرية، ما يجعله غير متوافق خلال عمليات التفاعل مع أسرته ويجعل أسرته أيضا غير متبصرة بكيفية التعامل الملائم مع مشكلة التعاطي. وبسبب الطبيعة الشمولية لمشكلة التعاطي ولمشكلة الإصابة بمرض الإدمان، فإن المعالجة الأفضل تتطلب العمل على تلبية احتياجات المتعاطي في كثير من المجالات، الجسدية والعاطفية والروحية. إضافةً إلى الحاجات الذاتية والتي يجب الالتزام بها من قبل المشاركين في المعالجة، لدعم معالجة مشكلة التعاطي ولدفع المتعاطي للتخلص من سلوك التعاطي ومن الإدمان. وتتضمن فلسفة هذا النهج عنصرين مهمين هما: - الإقرار بأن إدمان المخدرات مرض، من قبل الأسرة ومن قبل المتعاطي. - الاقتناع بأن الاستقامة هي طريق التخلص من سلوك التعاطي ومن مرض إدمان المؤثرات العقلية. وهذان العنصران يميزان هذا النهج عن أشكال المعالجات الأخرى المستخدمة في الوقت الحالي. * تفهم مرض الإدمان تعتمد منهجية الاستشارات في معالجة حالات التعاطي إلى ضرورة نظر المرشدين في المجال إلى إدمان المخدرات بصفته واحد من الحالات المرضية القليلة التي يستطيع الفرد أن يسيطر عليه، مقارنةً بأنماط السلوك الأخرى التي قد يختارها الفرد. وعلى الأسرة أن تدرك هذه الحقيقة لكي تتمكن من فهم سلوكيات المتعاطي ولكي تتعامل معه على نحو فعال. * زرع قناعات للاستقامة وتنمية جانب الإيمان: الإيمان وتقوى الله، هو عنصر وثيق الصلة بالدين الإسلامي وتعاليمه. وفي ديننا الإسلامي توجد العديد من الجوانب الكاملة والشاملة التي تساعد على تنمية الجانب الروحي. وتقوم فلسفة الجانب الروحي العالمية على ثلاث مبادئ هي: الصدق ، الانفتاح، الاستعداد. وهذا يعني أن العنصر الروحي الذي يغذيه الإيمان، لديه فرصة للشفاء وإنقاذ حياة المريض. ويعد الإقلاع عن المخدرات الخطوة الأولى للوصول إلى الهدف النهائي و التخلص من الإدمان والذي يتطلب بدوره ضرورة احترام الذات من خلال الصدق مع النفس والآخرين . كما أن العنصر الروحي يتضمن الإيمان أو الشعور بالارتباط بشيء أعظم مع النفس وهو الارتباط بالله عز وجل، وهذا يتفق تماماً مع بعض النماذج الحديثة في العلاج النفسي، ولكنه أكثر فاعلية من أي معالجات نفسية غير روحية، ويسمى عالميا علاج الإدمان عبر التدين وبات مطبقا في عدد من الأقطار العالمية ويعتبر أحد مناهج معالجة الإدمان. وعليه فإن دور الجانب الروحي في الإرشاد الفردي لمعالجة الإدمان، يميل إلى أن يكون أكثر تركيزاً وصراحة على تقوية الرابطة بين العبد وربه. * نهج الدليل الإرشادي لمعالجة سلوك التعاطي تركز العملية الإرشادية لمعالجة سلوك تعاطي المؤثرات العقلية على (كيف يمكننا وقف سلوك التعاطي أو تقليص حدته بشكل تدريجي وتحقيق التعافي؟)ويمكن للمستشار تحقيق هذا الأمر عبر الأسرة أو من خلال التعامل المباشر مع المتعاطي. وهذا أمر يتطلب من المستشار أو المرشد التعرف على طبيعة سلوك التعاطي ومعرفة الأسباب التي جعلته محفزا ومستثارا، مع ضرورة التعرف على أعراض إدمان المخدرات والمجالات الأخرى ذات الصلة. فمعرفة هذه الأبعاد عبر دراسة الحالة المعمقة، يكون لها تأثير فعّال في توجه الاستشارات والإرشاد لجعل الأسرة تتعامل مع المريض بشكل يسهم في دفعه نحو استعادته لوضعه الطبيعي على نحو دائم، أو لجعل الفرد المتعاطي متبصرا بحالته وقادرا على إحداث تغيير في سلوكه وتفكيره لإحداث عملية استعادة لوضعه الطبيعي. وهذا النموذج من الاستشارة محدد المدة ويعتمد على فلسفة مهنية منهجية تتركز على مبدأ (تبصير وتوجيه الحالة أو أسرة الحالة، مع ضرورة التركيز على إحداث تغيير تدريجي في نمط التعامل والسلوك). ويركز على تغيير سلوك المتعاطي من خلال تغيير الأفكار والاتجاهات والقناعات وزرع قناعات وأفكار جديدة ملائمة. كما يبصر الأسرة في المقام الأول (الأسرة التي تسعى لمساعدة الفرد المتعاطي للامتناع عن التعاطي) بكيفية التعامل الأمثل وبكيفية توجيه المتعاطي. حيث يعطى الأسرة استراتيجيات وأدوات لتحقيق كيفيات تعامل وإقناع لدفع المريض لاستعادة ثقته وتبصره بواقع مشكلته، من أجل قبول العلاج واكتساب قناعة بأهمية الإقلاع عن الإدمان. وفي حالة العمل بشكل مباشر مع المتعاطي الراغب في معالجة سلوك التعاطي، فهذا النهج في الإرشاد والاستشارات، يعطى الفرد المتعاطي مجموعة من الاستراتجيات ويعمل على مناقشته على نحو مقنع ومتعمق وتبصيره بما ينبغي عليه عمله والإيمان به من أجل تحقيق دافعية الإقلاع عن التعاطي . * أهداف الإرشاد في مجال معالجة سلوك التعاطي يتمثل الهدف الأساسي للاستشارة وللإرشاد عبر هذا النهج في مساعدة المتعاطي على تحقيق الامتناع، والابتعاد عن إدمان المؤثرات العقلية وتجنب إتيان السلوكيات الخاطئة التي تحفز الفرد على التعاطي، ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال الإرشاد المباشر للفرد أو عبر الإرشاد الأسري. أما الهدف الثانوي فهو مساعدة المدمن على تحقيق التعافي والذي يعني تحقيق توقف كامل عن التعاطي إلى جانب التخلص من الأضرار التي يسببها الإدمان في حياة الفرد. * توجيه وإرشاد الأسر في مجال الإدمان عندما يتوفر لدى الأسرة مهارات التعامل مع حالات التعاطي واحتوائها ومعالجة مشاكل التعاطي فإنها تلجأ في الغالب لطلب الاستشارات حول المشكلة، وتشتكي من عدم استجابة المتعاطي ومن نفوره وتمرده وعدم تقبله لتدخلها. لاسيما عندما يقبل المريض إلى درجة متقدمة في التعاطي تكون المشكلة أكثر تعقيدا.وعلى المرشد أن يدرس طبيعة المشكلة دراسة وافية، ويبحث الخيارات الممكنة ومدى قدرة الأسرة على معالجة المشكلة. وقد يجد أن الأسرة بحاجة للحماية أو بحاجة للمساعدة لضبط سلوك المتعاطي ، وقد يجد أنه من الممكن إرشاد الأسرة لإحداث تغيير في التعامل يساعد على معالجة المشكلة. * نموذج الإرشاد والاستشارة المعياري يعتمد نموذج الإرشاد المعياري الموجه لمساعدة الأسر على كيفية التعامل الأمثل مع حالة التعاطي على إجراءات عدة فهو يعمل أولا على مساعدة الأسرة لجعل المريض معترفا بوجود المشكلة، ومن ثم اكتشاف ما يرتبط بها من تفكير غير عقلاني. وهذا التدخل والتعامل من قبل الأسرة ليس تدخل جماعياً، بل يتم فقط عبر المؤهل من أفرادها ووفق رؤية تميز الأدوار الأسرية والأدوار العلاجية والإرشادية، بينما تقوم بقية أفراد الأسرة بأدوار تعاونية حسب ما يتطلبه وضع المشكلة. ولذا ينبغي على المرشد أن يدرس خصائص أفراد الأسرة المحيطين بالمتعاطي، ويتعرف على مواقفهم السابقة مع المتعاطي، وعليه أن يختار شخصاً بعينه من أفراد الأسرة ليكون بمثابة المعالج والمتابع للمتعاطي في محيط الأسرة. إذ ينبغي أن يتم تحفيز وتوجيه وإرشاد الأسرة على تشجيع المريض ومساعدته على تحقيق عوامل الامتناع والعوامل التي تساعد على المحافظة على هذا الامتناع. علما بأن هذا النهج الإرشادي الموجه للأسرة يلزم كل أفراد الأسرة بتطوير مهارات تعامل واحترام وطرق تفكير واتجاهات،لتنمية قدرة المريض على الإقلاع عن التعاطي بصورة مستمرة مدى الحياة. * المريض هو العنصر الفعّال لإحداث التغيير ضمن هذا النموذج الإرشادي في مجال علاج مشكلة الإدمان، فإن المريض هو العنصر الفعّال لإحداث التغيير. وحينما تنجح الأسرة أو المرشد في جعل المريض معترفا بمشكلته، ويتكون لديه اتجاه وقابلية لدخول العلاج. فينبغي أن يكون المريض هو الشخص الذي يتحمل مسؤولية العمل على نجاح برنامج الشفاء.وعلى الأسرة حينما تتعامل مع مشكلة مريض التعاطي أن تتبصر بهذه الحقيقة، ولكن الأسرة قد تعمل بطرق خاطئة على إفشال هذا البرنامج. لذا ينبغي على المرشد أن يحدد الأدوار الفاعلة لتدخل الأسرة وكيف يمكنها المشاركة بفاعلية لدفع المريض نحو إحداث هذا التغيير، ومع أن الإقلاع عن التعاطي هو مسؤولية المريض، إلا أن المريض يحتاج إلى دعم كبير من الآخرين بمن فيهم الاستشاريون والمرشدون وأفراد أسرته فضلا عن زملائه وغيرهم ممن يساعدون في تقديم العلاج للمدمن. وإلى اللقاء في الأسبوع القادم والطرق التي يمكن أن يعمل بها المرشد مع المريض بشكل مباشر.