عرف بعض سكان الجزيرة العربية والكويتيون على وجه الخصوص في ثلاثينات وأربعينات القرن الميلادي الماضي مداويا مشهورا عرف بالسيد ياسين له ندرة فائقة على لأم الجراح خاصة عضة الثعابين أو لدغات العقارب ووصف المستشرق الانجليزي ديكسون تعامله مع المخلوقات السامة والعقارب بالمثير للدهشة فهو يستطيع ان يلاطفها ويمسك بها دون ان تؤذيه ويقول لأصدقائه قولوا للعقرب انا لا أريد بك شرا عندئذ لن تؤذيك ويمضي ديكسون في كتابه الكويت وجاراتها قائلا: أكثر ما يثير الدهشة قدرته على شفاء الذين تعرضوا لعضات الحيات السامة خاصة الأفعى الخبيثة والكبرى بالعلاج الإيماني وتلاوة الدعاء والتدليك ورغم ما لدينا من أطباء في مستشفى الإرسالية الأمريكية بالكويت وتوفر الأمصال ومضادات السموم كان العرب بشكل عام يفضلون الذهاب إلى سيد ياسين وقد التقيت مرتين برجلين من البدو في شبه غيبوبة نتيجة لدغة الأفعى الخبيثة اذهب به وفق رغبته إلى السيد ياسين، ولعل أشد الأمثلة إثارة للدهشة والتي تبين قدرة سيد ياسين على علاج لدغة الحية هو ما شهدته بنفسي والذي سأرويه الآن، وكنت اعرف جميع الأطراف ويمكنني أن اقسم بالله بصدق ما حصل ولكني لا ازعم بأنني أقدم تفسيرا لما رأيت وحدث: في أوائل صيف 1945م كان صديقي الشيخ والفارس لافي بن معلث من الدياحين من مطير ينزل بمخيم يضم 40 خيمة ومعه حوالي 40 من قومه بالقرب من آبار الطويل على بعد حوالي 30 ميلا شمال الكويت وبعد غروب الشمس بفترة وجيزة رأى الشيخ لافي وهو يجلس بجوار نار أوقدها لإعداد القهوة في الضوء الخافت حيه خبيثة ذات قرون جذبها الضوء المنبعث من النار فأخذت تزحف منسلة لتقترب منها وفي رعب مفاجئ ركلها ركلة شديدة بقدمه العارية ولكن الحية كانت أسرع تحركا منه فأطبقت بأنيابها على مشط قدمه وتشبثت به وجسمها يتدلى ويتموج على الأرض وصرخ الشيخ لافي يطلب النجدة ولم تنقض بضع ثوان الا وكان أصدقاؤه قد انتزعوا الحية وقتلوها وكانت حيه كاملة النمو ومن السهل التأكد من موتها واستخدموا أصدقاء لافي الجبائر لوقف النزيف وربطوها أسفل الركبة على الطريقة البدوية ولكن شقيقه كان أسرع تصرفا من الجميع فقفز وامتطى جواده وهرع إلى الكويت عاقدا العزم على لقاء سيد ياسين والتماس العون منه وكان يعرف الشيخ لافي لن يستطيع الوصول إلى المدينة قبل الصباح إذا قدر له أن يصل إليها وشق طريقه دون إبطاء فوصل إلى الكويت عند منتصف الليل وأيقظ سيد ياسين واخبره بقصته على عجل ولا اعتقد أن شقيقي يمكنه الوصول إلى الكويت خلال ثمان ساعات أو أكثر وعندئذ سيكون السم قد أجهز عليه، واطرق سيد ياسين رأسه هنيهة وراح يتأمل ثم قال في رزانة ووقار اذهب في سلام يا بني وسوف تجد أن الشيخ لافي شفاه الله ابتداء من هذه الساعة اركب مطيتك الآن وامض إلى حال سبيلك وسوف تجده معافى ولم يعد يتهدده أي خطر وامتطى الشاب راحلته وخرج في طريق العودة ومشاعرة موزعة بين الفرحة والخوف وعلى بعد خمس عشرة ميل التقى بشقيقه وهو يمضي على الطريق في بطء ويعاني من الصدمة ولكن حالته كانت مطمئنة بشكل عام قال لافي: فجأة غادرتني آثار السم وشعرت أني نجوت وعند مراجعة التوقيت الذي حدث فيه ذلك تأكد أن المعجزة تحققت في نفس اللحظة التي اخبر فيها سيد ياسين الشقيق الأصغر أن الشيخ لافي نجا بفضل الله وبعد ثمان ساعات رأيت الشيخ لافي في مجلس الشيخ عبدالله الأحمد الصباح اكبر أبناء شيخ الكويت وكان يتحدث ليبين كيف كتبت له النجاة في الليلة الماضية وبعد أن حمد الله أطلعني على آثار الإصابة في مشط قدمه واخبرنا أنا وكل الحاضرين الذين أنصتوا في اهتمام لما يقول كيف رأى عليه الخمول خارج الكويت وفي مواجهة هذا التطور احكم مرافقوه وثاق دابته وكلفوا رجلا بامتطاء نفس الدابة معه لمساندته وقيادة الركب وتباطأت الخطى حتى لا تكاد تتجاوز سرعة من يمشي على قدميه وعند حوالي منتصف الليل استرد الشيخ لافي وعيه وطلب من أصدقائه أن ينيخوا البعير ونفذوا ما طلب وبعد أن حلوا وثاقه نهض واقفا كان ضعيفا ولكنه استرد جانبا كبيرا من عافيته وقال : وبعد ساعة شعرت أنني أحسن كثيرا فأزلت الجبائر التي كانت تؤلمني ألما شديدا ووصلت إلى الكويت عند الفجر والحمد لله وتوجهت رأسا إلى منزل سيد ياسين وعبرت عن شكري وامتناني وقال لي الحمد لله وحده ولا تذكرني أنا فانا لا افعل شيئا بنفسي وإنما أدعو الله فيلبي دعائي تبارك الله العظيم.