رغم الجهود العربية لمنع أي صدام مع إيران حرصاً على سلامة المنطقة ووفاء بحسن الجوار ولما تعنيه الحرب من خسائر لجميع الأطراف دون أي تمييز، لقد حصرت إيران على تسخير إمكانيتها في حرب في جميع المجالات، فالحرب في العراق بالسيطرة وتغيير الديمغرافية وتهجير السنّة وطرد قياداتهم وتصفيتهم الجسدية وآخرها القصة المفتعلة ضد الهاشمي والمطلا، كما نرى في البصرة من تهجير ومحاولة ضم أراضي عراقية واستغلال العراق للحرب ضد العرب في تكوين جيش المهدي باليمن ودعم للنزاع الطائفي في البحرين وتزويد الحوثي بالأسلحة ودعم الانفصال في اليمن والتدخل في شؤونها الداخلية، والتواجد العسكري في البحر الأحمر ومحاولة شراء أراضي باليمن للحصول على إيجار ميناء ميدي وجزر اريترية كقواعد عسكرية. أما الحرب الإعلامية فشتائم ضد الدول العربية وتهديد بإغلاق هرمز، وأما الحرب العقائدية والثقافية فتشجيع وإثارة النعرات الطائفية وسب وشتم الصحابة واستفزاز الآخرين بشعارات وسب كافة المسؤولين كان آخرها السب ضد مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مؤتمر باندونيسيا وكل هذا تريد إيران جر العرب للحرب لأسباب معروفة أهمها الخروج من العزلة ومن فشل السياسة الاستكبارية العنصرية في العالم العربي وانفضاح دورها بسوريا ومساومتها بقضية فلسطين. لقد سعت إيران بكل ما في وسعها للتمدد فهي ترفض النقاش حول الجزر الثلاث المحتلة وترفض التحكيم الدولي، كما تسعى لإثارة الطوائف والأقليات لإثارة الفتن والسعي لزعزعة الاستقرار وإصدار التهديدات من مصادر رسمية ودينية والتلاعب بالألفاظ بين الصعيد والدبلوماسية للضغط واخضاع العرب للانجرار لحرب ولكن العرب الذين يعرفوا ماذا تعني كلمة حرب، فقد جربوا حرب العراق ومضاعفاتها والتي أثرت على المنطقة والاقتصاد، والحرب لا تعني صواريخ وطائرات وإنما هي دمار بيوت وأزمات وبطالة وأمراض مزمنة ومعوقين وأيتام وأرامل وقتلى وإحراق مزارع وبيوت ومصالح للناس وأحقاد، ويستطيع الإنسان ان يتحكم في الطلقة الأولى ويستحيل أن يتحكم في الطلقة الثانية، إن شركات الأسلحة والدوائر الغربية التي خسرت في أسواقها المالية والركود تريد سوقاً جديدة، وإسرائيل تريد صرف الضغوط عليها لاعطاء الفلسطينيين حق إقامة الدولة والضغوط الدولية، تريد نقل الصراع إلى جبهة تشغل الناس عنها بعد انتهاء الربيع ومشاكله وتريد الحرب والاستنزاف خارج حدودها فهي تدفع بهذا الاتجاه. دول مجلس التعاون التي هي الداعم الوحيد للأمة العربية والإسلامية ومصدر التمويل للمشاريع التنموية في عدد من الدول العربية والإسلامية وميزان العقل، وهذا لا يمكن إنكاره سيجعلها عاجزة عن أي دور إضافة إلى ما ستسببه الحروب من آثار لن تكون حدودها الخليج العربي كما كانت حرب صدام التي طالت بيوت وأسر وهيئات وأخرت الكثير وأضرت بمصالح أمم ودفعت إلى كوارث لازال الجميع يدفع ثمنها. إن النظام الإيراني الذي يواجه عزلة بعد مواقفه في سوريا ودعمه للظلم وممارسته في العراق وأفغانستان تجعله يسعى للخروج من هذه العزلة، باب الحرب سنجعل الشعب الإيراني يلتق حوله وستجعل الدول العربية ضعيفة تمكنه من السيطرة وفرض خارطة جديدة تجعله يوسع أراضيه للاستيلاء على جزء من العراق والتحكم في البحر والبر وإن توافق الدول الغربية على التفاوض مع إيران كقوة إقليمية كما كانت أيام الشاه، هناك حسابات إيرانية خاطئة للمتطرفين الايرانيين الذين انكشفوا أخيراً وبلغت هستيريا النظام الإيراني الصراع حتى مع التاريخ وشتم زوجات وأصحاب الرسول لاستفزاز المسلمين لتحقيق الهدف. ولقد أدركت دول الخليج هذه اللعبة وهي من خلال الأحداث التي مرت بها المنطقة كلمتها ألا تتحرك من خلال العواطف والإعلام والمهاترات فهي ترفض الحرب وتفضل العقل والحكمة والصبر والحلم ليس من موقع الضعف ولكن من باب الحسابات الدقيقة. وهذه الدول ليست كما تتخيل إيران وبعض السذج أنها تسير وفق قرارات فردية كما حصل في بعض الدول ولكن عنها مستشارين ومراكز وجهات استشارية وتدور المواضيع على أكثر من جهة بدراسة القضايا قبل اتخاذ القرار، وأصبحت هذه الدول عندها تحليلات وقراءة للأحداث وللدول، وهي تفهم لعبة المصالح وغير مستعدة أن تكون جسر لتحقيق أطماع وأهداف لغيرها. ولذا وجدنا تلعب دوراً واسع في إنهاء الملف اليمني حرصاً على أمن المنطقة وتمتع الفتنة في الحرين، وتبذل الجهد لوقف الصراعات والخلافات. ومن هنا نرى أن هذه الدول التي أصبحت تبذل جهداً كبيراً لأجل مواطنيها وتضع برامج لسلامة الوحدة الوطنية وحل المشاكل الناجمة عن الأزمات الاقتصادية والنمو السكاني والأزمات العالمية المؤثرة على المنطقة. لذا نجد هذه الدول لا تبادل إيران حتى من خلالها القنوات والمهاترات التي لم يسلم منها أحد من رؤساء وحكام وأفراد وهيئات وحتى مشاعر المسلمين في سب أصحاب نبيهم وزوجاتها، وهو أمر مرفوض وغير مقبول، وكذلك لم تستخدم دول الخليج نفوذها مع أكراد إيران والبلوش وعرب فارس وغيرهم من المضطهدين وهي قادرة في إشغال غيران في أراضيها وأن تسبب لها المتاعب وعندها وإمكانميات وهناك من ينتظر منها ذلك في داخل إيران من المضطهدين الذين حرمتهم إيران من أبسط حقوق الإنسان والعدل والممارسة الدينية وفق التسامح ورغم مناشدات سنّة العراق وغيرهم فإن دول الخليج ضبطت النفس، لأن إيران جار رغم الخلاف لا يمكن إنكاره وإعطاء فرصة لعل القيادة الايرانية تعرف أنها أول الخاسرين وأن الأمور ليست كما تتصوره من مواقفها وخيالات وقصص التاريخ الماضي والنظرة الفوقية وتحقيق أهداف دول تريد هذا الصدام، والقضية لم تبق بالمنطقة بل وصلت إلى افريقيا حتى أن المغرب قطع العلاقات والسنغال طردت السفارة الايرانية وكذلك ما يجري في الصومال من تمويل للشباب في استمرار الحرب والدم ودعم نظام أفورتي وإرسال الخبراء والسلاح لسوريا وتدمير لبنان على يد حزب الله وكارثة العراق واحتلالها حتى أصبح لا يعين موظف إلا بموافقة الأجهزة الايرانية. لذا يجب على العقلاء في إيران أن يفكروا في أن الحرب ستدفع إيران ثمناً باهظاً جداً ولتغتنم إيران فرصة حكمة وعقل وسماحة دول مجلس التعاون، وهناك من القواسم والمصالح التي يمكن أن تساهم في استقرار المنطقة وشعوبها وهذا هو الخير لجميع الأطراف.