الجريمة في الوضع السوري، تآخي الأضداد على شعب يُقتل، وكل يدّعي أنه «الدّيلر» على طاولة القمار لا يمكن أن يخسر، فكل له حساباته وتقديراته، لأن النظرة تتعدى سوريا لما يجري لجيرانها لو سقط حكم الأسد.. فإسرائيل لا تقبل طوقاً إسلامياً يمتد من مصر للأردن ثم سوريا فحزب الله، وأمريكا وحلفاؤها، يخشون كسر الهلال الشيعي، المعادل للأكثرية السنية عالمياً، وخاصة على العراق ولبنان، وهم لا يمانعون رؤية تحالف دول الهلال لأنها قاعدة لتمزيق المنطقة، وخلافهم مع إيران يمكن تسويته بمقايضات كثيرة وتحويلها من عدو إلى حليف، وتركيا يخيفها أن تنشأ قوة موازية تدفع بها إلى مغامرات سياسية، وإن كانت ضمن المستفيدين من أوضاع المنطقة في المستقبل البعيد.. إصرار النظام على عدم سحب قواته من شوارع المدن والقرى وضع وفق تصورات دقيقة، فأي هدنة مع الشعب ستجعله يرص صفوفه ثم تبدأ معركة الاعتصامات والإضرابات والتظاهر، وبناء حلقات سرية تقاوم بالسلاح، وهنا تصبح المسألة مواجهة مع مختلف قطاعات الشعب، بالمقابل هل يمكن لدولة أن تقوم على حالة الطوارئ باستمرار بشل حركة المجتمع وتعطيل المؤسسات والعلاقات الاقتصادية والتجارية مع الخارج وشل الإنتاج لمجرد البحث عن البقاء بقوة ردع السلاح؟ هوس الحكم يخلق اعتقادات جنونية، فالرئيس يعتقد أنه هبة السماء للشعب، وهو الشرعية والحق والحقيقة، ويتعالى بفكره وإرادته، يأمر نيابة عن كل الشعب بالتصرف بإدارة الدولة، وهو من يقرر مصير وسلوك الآخرين، لكن عصر سقوط الكهنوت انتهى مع الكشوفات العظيمة، وأصبح العلماء هم من يكتشفون (هرطقة) الكنيسة وإصدار أحكامها بالإعدام على من يخالفها، وحرق المدن من عصر (نيرون) إلى الأسد سوف ينتهي لنفس المصير، لأن قاعدة الحق فوق سطوة الدكتاتور.. البحث عن منقذ ذهب بجيش الأسد إلى قتل بعض الأتراك، ومصور لبناني، والهدف محاولة خلق أزمات لهذه البلدان لتخفيف الضغط على الحكم، ولبنان أقرب مواقع التفجير، سواء بقتل رمز حزبي مسيحي، أو سني، أو درزي، وتركيا تحاول أن توجد صداماً بينها وبين إيران، وحتى الأردن تبحث له عن مأزق يضعه على طريق الأزمات.. هناك فارق بين من يغرق بوحل الداخل، وتصدير المشاكل، فالحالة السورية قابلة للتدويل، وقد تكون الرؤى المعارضة لوضعها، تنتظر المزيد من التورط بالقتل مع حالة الاستنزاف للسلطة ومن يتعاونون معها، وعندها قد تبدأ حلقات الضغط المباشر وغير المباشر، وتترك النهايات لتدخل عسكري، أو تسليح الجيش الحر كخيارات مفتوحة، والمهم في الأمر أن لا تسقط معنويات الشعب في الحصول على حريته وإزالة النظام، وهذه مسؤولية عربية، أي أن دعم الداخل ضرورة تدخل في صلب الأهداف العربية، لإسقاط أسوأ نظام فاسد..