بتاريخ 28/3/2012م ورد في صحيفة الشرق الأوسط خبر بعنوان (خدمة العلم .. مشروع لمجلس الشورى السعودي نحو التجنيد الإجباري) وجاء في مضمونه أن الهيئة العامة لمجلس الشورى في المملكة تدرس مقترحا مقدما من المهندس سالم المري عضو مجلس الشورى وعضو اللجنة الأمنية في المجلس حول نظام خدمة العلم .. كما جاء في الخبر أن الاقتراح تضمن وضع آليات وضوابط عصرية ومتوافقة مع متطلبات الزمن الحاضر والمستقبل للتجنيد الإجباري من أجل تهيئة شباب قادرين على الخدمة بالقوات المسلحة وأيضا في الخدمة المهنية .. والمشروع يحمل جانب المرونة في فكرته بعيداً عن العسكرية الجافة .. حقيقة خبر جميل وفكره رائعة أتوقع أنها ستحظى بقبول اجتماعي كبير على أمل تحقيقها قريباً إن شاء الله وفق ضوابط مختلفة وحديثة بعيداً عن الأسلوب العسكري المعروف ..لأن المجتمع في أمس الحاجة إليها اليوم أكثر من قبل ليس في الشأن العسكري بل حتى في جوانب اجتماعية أخرى ندرك الحاجة إليها يوماً بعد آخر.. الإحصاءات تقول إن أكثر من 60% من المجتمع السعودي هم من فئة الشباب .. مابين سن (17 – 25) ومعظمهم يعيش في شبه فراغ كبير خاصة أثناء الإجازات والعطل الأسبوعية والسنوية .. والمعلوم أن الشاب في هذه المرحلة العمرية يحمل فكرا خصبا جداً سهل التأثير فيه .. لذلك فإن هذا الفراغ من المؤكد أنه سلاح خطر ومشكلة كبرى إن لم نحسن معالجتها فمن المؤكد أنها ستعود بآثار سلبية على هؤلاء الشباب وعلى أسرهم وعلى المجتمع ككل !! إن فكرة التجنيد " الاختياري" وليس التجنيد " الإجباري " مشروع جبار وليس بالضرورة أن يطبق كلياً مفهوم العسكرية البحتة! ! بل من الممكن أن يكون مشروعا شاملا من خلال دورات عسكرية ميدانية وبدنية وذهنية مكثفة تتضمن تأهيل اكبر عدد ممكن من شباب الوطن وإعادة صياغة شخصياتهم وإعدادهم للاعتماد على أنفسهم للقيام بكافة الأعمال والمهن الحرفية والعملية والتقنية والإدارية استعداداً للمستقبل.. وهذا الاستعداد الذي ننشده ليس بالضرورة أن يكون استعدادا عسكريا بحتا بل استعدادا متكاملا لتهيئة الشاب لتقبل كل متغيرات المستقبل ومواجهة كل الاحتمالات لاقدر الله على المستوى الأسري والشخصي وهذا يتطلب أن يحقق مشروع " التجنيد الاختياري" إكساب هؤلاء الناشئة أفضل وأعلى مهارات العمل السلوكي والمهني والفكري ومنحهم القدرة على الاعتماد على أنفسهم وتخليصهم من ظاهرة الاتكالية التي واضح جداً أنها مسيطرة جداً على كثير منهم في المنزل وفي الشارع وفي كثير من المواقع وهي اتكالية وخمول ظهرت معالمهما حتى على صحتهم وعلى أبدان كثير منهم !! فمن يشاهد حال معظم شباب الوطن هذه الأيام ويشاهد حجم الفراغ الكبير الذي يسيطر عليهم وكيف أصبح هؤلاء الشباب يقضون أوقات فراغهم في الدوران في السيارات والتسكع في الشوارع وفي الأسواق وفي المتنزهات والسهر في الاستراحات وفي الشاليهات والمقاهي، والإدمان على أجهزة الكمبيوتر و"البلاك بيري " و" البلاي ستيشن" دون أن يجد هؤلاء الشباب وأسرهم بدائل مفيدة لهم ولوطنهم ولأسرهم في المستقبل!! فالمؤشرات والدلائل تؤكد أن شباب الوطن اليوم في حاجة إلى برامج تأهيلية عاجلة جداً من أهمها " التجنيد الاختياري " الذي سيكون إن شاء الله فرصة كبيرة لإكساب أكبر عدد ممكن من الشباب قدرات ومهارات فنية وتربوية ومهنية وتنموية وشخصية وسلوكية قد يكون منهم من افتقدها خلال تربيتهم الأسرية !! إن التجنيد الاختياري طويل المدى أو قصير المدى خلال إجازة الصيف مثلاً يعد فرصة كبيرة جداً نحو تأهيل أكبر عدد ممكن من شباب الوطن نحو سلوك مختلف ونحو مهن مفيدة ونحو ثقافات هم وأسرهم والمجتمع في أمس الحاجة إليها أقلها وأدناها قدرتهم على إدارة شؤون منازلهم وممتلكاتهم وصيانتها والمحافظة عليها !! نتأمل إن شاء الله تحقيق " التجنيد الاختياري " في اقرب وقت وفق ضوابط ومن خلال مغريات ومن خلال حوافز كبيرة مشجعة مادية ومعنوية تدفع بكل أبناء المجتمع على التنافس والتسابق نحو الانضمام إلى برامج " التجنيد الاختياري " وهناك الكثير والعديد من " الخطوات " والأفكار عن طبيعة ونوعية هذه الحوافز وهذه المغريات من المؤكد أنها إن نفذت سنضمن من خلالها نجاحا كبيرا جداً لهذا المشروع بإذن الله وبصور قد تكون مفاجئة للجميع !! إن شباب الوطن اليوم في أمس الحاجة إلى إشغال فراغهم قبل أن يختطف منهم هذا الفراغ دون أن يدركوا ذلك !! أو من غير أن ندرك نحن ذلك أيضاً !! وهذا لن يتم إلا من خلال " التجنيد الاختياري " !!