روحي وما ملكت يدايّ فداه وطني الحبيب وهل أحب سواه دأبنا على أن نطالب الوطن في أن يمدنا بكل رغبة وحاجة كبيرة وصغيرة ولكن هل تساءلنا مرة بحق هذا الوطن المعطاء على الفرد. فمحبة الوطن وحاجة المواطن للوطن لا يدركها بعض المواطنين لكن من يملك الشيء لا يشعر حقاً بأهميته كالصحة والمال ففي حال الفقد لا قدر الله يشعر الفرد بألم وعذاب فقدها. فالصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها إلا المرضى فحقوق الوطن على المواطن أكثر من أن تحصى وعلى المواطن أن يقدم من هذه الحقوق ما يستطيع فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ولعل كل مواطن أن يبدأ بنفسه في حالة القيام بهذا الواجب. وفي حالة الشدائد يجب تقديم الأهم على المهم من الواجبات المطلوب تقديمها لوطننا الحبيب ولعل في مقدمتها: 1 - عدم إنكار النعم التي ننعم بها فقد فضلنا الله على كثير من خلقه وأن تعد نعمة الله لا تحصوها ولذا علينا الدعاء بأن يديم الله علينا نعمه ويحفظ وطننا ومواطنينا من حسد الحساد وكيد الأعداء والتصرفات اللامسؤولة وما أشد العجب أن يخرج عدد من المواطنين للمجتمع والمطالبة اللاموضوعية حيث يطالبون بأن يغير توظيفهم بالقطاعات الأهلية إلى توظيفهم في الحكومة فالوظيفة في الحكومات ليس ضماناً اجتماعياً وإنما هي واجبات ومسؤوليات تتمثل في وظيفة توفر حسب حاجة أجهزة الدولة وليس لغرض مجرد التوظيف. 2 - عدم الشعور بالمسؤولية الاجتماعية حتى أصبح نكران الجميل للوطن سمة للبعض من المواطنين يعكسه تصرفاتهم اللامسؤولة كالمخالفات بعدم الاهتمام بالتمشي مع الأنظمة والتعليمات فهل ما نلحظه في إبقاء مخلفات بعد مغادرة الأفراد من لمحلات العامة كالمرافق يعد شعوراً بحق الوطن. وهل إهدار الماء الذي تكلفته وقيمته تقارب قيمة الذهب الأسود يخدم الوطن فلماذا تحوج الأجهزة الحكومية بتسجيل مئات الآلاف من قسائم المخالفات للإهدار شهرياً أليس هذا تعبيراً سلبياً عن حق الوطن. 3 - هل يقدم المواطن حق الوطن في مشاركاته لخدمة وطنه في مجال تجنب الأوبئة والإبلاغ عما يخدم الأمن وتخفيف العبء على أجهزة الدولة الرقابية حتى أصبح البعض من المواطنين لا يخجل أن يقول إنه لا يعنيه حتى جاره الملاصق ولو رأى منه ما يريب من مخالفات لحقوق المواطن والوطن. 4 - أين دور التطوع لخدمة الوطن والمواطن أليس علينا أن نقوم بالواجب الذي حث عليه ديننا الحنيف وسبقنا عليه المجتمع المتطور. 5 - صور مشرفة نراها ونحن أحق بالأخذ بها إنها مساهمات المواطنين في الدول المتقدمة لخدمة وطنهم كالصور الآتية: أ) يقف بعض المسنين في تقاطع الشوارع غير الرئيسية بعلامة (قف) في أوقات ذهاب وعودة الطلاب الصغار من مدارسهم تطوعاً. ب) نجد في بعض المستشفيات والمراكز الاجتماعية من يعمل تطوعاً ولو لساعات محددة في الأسبوع وفي خدمات مساندة. ج) إحدى المواطنات الألمانيات سجلت مئات التبليغات عن ملاحظات على المخالفين ممن حولها في حيها طيلة ثلاثين سنة. 6 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حقاً للوطن على كل مواطن وليس وقفاً على الجانب الديني فقط حتى الكلمة الطيبة خدمة للوطن والمواطن. فمن أراد أن يتأمل حقوق الوطن فليتأمل مدى محبة هذا الوطن العريق المعطاء لدى الكثير والكثير من المواطنين من رجال أعمال وشعراء ورجال دولة ومرشدين ومربين. ولعل ما عبر عن محبة الوطن خير تعبير ما عبر عنه أحد رجالها ممثلاً في سجوده شكراً لله على عودته للوطن وتقبيله التربة بعد غيبة طويلة عن البلد فهل ننصت لقصيدة الوطن لعبدالرزاق مصطفى بليله.. روحي وما ملكت يدايّ فداه وطني الحبيب وهل أحب سواه وطني الذي قد عشت تحت سمائه وهو الذي قد عشت فوق ثراه وطني الحبيب وأنت موئل عزتي ومنار إشعاع أضاء سناه في موطن بزغت نجوم نبيه والمخلصون استشهدوا في سماه في ظل ارضك قد ترعرع أحمد ومشى منيبا داعيا مولاه حقاً إنه وطن يستحق أن نقدم مصلحته على المصلحة الفردية والقناعات الشخصية. أعاننا الله على أن نقوم بواجب وحقوق وطننا الحبيب، فحب الوطن من الإيمان وهل أبلغ من توجيه سيد البشر صلى الله عليه وسلم لنا حين قال إن للطريق علينا حقاً وإن إماطة الأذى عنه فيها صدقة. والله الموفق * نائب وزير الخدمة المدنية سابقاً