يستعد أهالي جزيرة فرسان هذه الأيام لاستقبال مواسم الحريد حيث يحتفل الأهالي منذ أكثر من 40 عاماً بالحريد وهو موسم ظهور "سمك الحريد"وحيث يظهر هذا النوع المعين في موسم واحد من السنة ، الأمر الذي يرفع وتيرة استعداد سكان الجزيرة منذ شهر قبل دخول الموسم.. الفرح الذي تعيشه فرسان يتعدى متعة صيد السمك او انتظاره بل ان الكثير من الشباب يحرصون على إقامة حفلات زفافهم في تلك الأيام . وتعود التسمية العلمية للحريد (سمك الببغاء) إلى شكل الغيم الخارجي وتنوع الألوان الجميلة التي يظهر بها هذا النوع من الأسماك وتعتبر مناطق الصيد البحري المكان الاول لقاصدي الحريد حيث يتكاثر ، هذا ويعيش السمك عادة بين المرجان ويقوم من خلال فمه الذي يشبه المنقار بقضم غذائه وهو عبارة عن براعم المرجان التي تحتوي على كمية كبيرة من الطحالب البحرية (المكون الحيوي الداخلي للمرجان) وتضم البحار والمحيطات أكثر من 90 نوعاً من أنواع الحريد بأشكال مختلفة. ويعتبر الحريد من أجود أنواع الأسماك في البحر الأحمر حيث يحتوي على كمية كبيرة من اللحم الأبيض ومذاق فريد وخاصة المشوي ويعتبر صيد الحريد في كل الأوقات عملية صعبة لأنه يتواجد بين المرجان ما يعيق اصطياده بالشباك بالإضافة إلى انه من اشد المخلوقات حذراً حيث انه حين ينام في الليل ينسج حول جسمه شبكة رقيقة جداً تشبه شبكة العنكبوت تجعله يشعر بأي حركة تتم حوله وتمكنه من الهروب من اسماك القرش ذي النقطة البيضاء والذي يتسلط في الليل لاصطياد الحريد وبعض أنواع الهامور في الحيز المرجاني. وفي فرسان يحدث سنوياً أن يتجمع الحريد بشكل كبير وعلى مجموعات ضخمة بعضها قد يزيد فيها عدد الأسماك على (1000) سمكة ويكون كرات ضخمة ويجتمع بالقرب من الشاطئ ، ويحدث ذلك غالبا في يوم واحد من السنة وعادة ما يكون نهايات شهر مارس أو بدايات أبريل من كل عام ، ويستقبل أهالي الجزيرة هذه المجموعات عادة بالأهازيج والرقصات الشعبية حيث إن لهذا اليوم أهمية كبيرة في الثقافة الفرسانية. ويكتشف صيادو الجزيرة اقتراب موعد مجيء الحريد برائحة مميزة تنبعث من الشاطئ وتبدأ الرائحة بعد مغرب شمس اليوم الخامس عشر من الشهر القمري الذي يوافق نهاية شهر مارس ويقول باحثون عن هذه الرائحة إنها بيض الشعاب المرجانية للنساء حيث تنطلق الشعاب المرجانية بيضها دفعة واحدة في ليلة من السنة . مجموعة من الصيادين ويبدأ مهرجان الحريد على العادة القديمة قبل صلاة الفجر حيث يتجه الفرسانيون بجمالهم ودوابهم في يوم واحد من السنة إلى المنطقة السنوية لتجمع الحريد وبالتحديد ساحل حصيص حيث يصعد الرجال إلى المناطق المرتفعة والتلال المحيطة بالساحل لمراقبة المياه حيث يرصدون وجود أي حركة على السطح تدل على وجود مجموعة من مجموعات الحريد. ويسمي الفرسانيون مجموعة الحريد الواحدة (سواد) وجمعها (أسودة) وبمجرد أن يلاحظ الفرسانيون السواد يتجه مجموعة كبيرة من كبار الصيادين إلى البحر للقيام بعملية تجميع الحريد فيما يظل الجميع على الشاطئ في وضع الاستعداد , تبدأ عملية التجميع بأن يقوم الصياديون بلف الشباك "الادوال" كما يسميها الفرسانيون حول المجموعة . هذا ويطلب بعد ذلك كبير الصيادين من الشباب والأطفال تجميع شجيرات الكسب التي تنتشر في الشاطئ وحين تجمع كمية مناسبة يتم عمل حاجز من تلك الشجيرات بارتفاع نصف متر بحد أقصى حول الحريد وسحب الشبك تدريجياً وفي تلك اللحظة يصل الجميع للحالة القصوى من الاستعداد والصمت ومع كل شخص شبكة صغيرة على شكل كيس والكل يترقب انتهاء عملية التجميع. عندما تنتهي مرحلة التجميع ويصبح الحريد في مجموعة واحدة ومحاطاً من كل جانب تتركز أنظار الجميع على البحر من جهة وعلى كبير الصيادين من جهة أخرى، ويشهر الجميع عن سواعدهم فيما يشبه اللحظات الحاسمة قبل بداية الماراثون ومن ثم يصرخ كبير الصيادين بأعلى صوته بكلمة مشهورة ينتظرها المئات على الشاطئ قائلاً "الضويني" معناها (الهجوم) حيث ينطلق الناس جميعاً صغارهم وكبارهم إلى البحر كلّ يحاول الحصول على اكبر كمية من الحريد داخل القفص الذي بيده.