لامس مجلس الشورى في جلسته يوم أمس الأول موضوعا على قدر كبير من الأهمية لنا كدولة نعتمد في جل دخلنا على النفط و نعقد آمالا عريضة على عوائد هذه الثروة التي شكلت للشعب السعودي خصوصية ينفرد بها بين الشعوب ولاشك أن الدولة تركز بشكل خاص على هذه الخصوصية وتعمل على تطورها بحيث تكون ركيزة أساسية لبناء الحياة السعيدة لأجيال الحاضر والمستقبل. ان مطالبة مجلس الشورى بأن يتضمن التقرير السنوي لوزارة البترول والثروة المعدنية معلومات تفصيلية حديثة عن الاحتياطيات المؤكدة والمتوقعة في المملكة من البترول والغاز هي إحدى خطوات الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها المملكة والتي من اولوياتها الشفافية في المعلومة وأهمية أن تكون هناك مراكز للدراسات الإحصائية فبرغم من أننا اكبر دولة منتجة للنفط بالعالم إلا أنه لا يوجد لدينا مركز للدراسات الإحصائية النفطية يساهم في تطوير صناعة البترول والغاز ويعنى بأبحاثه وتطوراته العالمية. فمعلومات البترول والغاز لا تزال شحيحة والإحصائيات باتت قديمة فحجم الاحتياطيات ظل عند رقم 261 مليار برميل منذ أكثر من عشر سنوات رغم الاستكشافات التي حققتها شركة ارامكو السعودية ورغم الإنتاج الكبير الذي يفيض من حقول النفط بمعدل 9,5 ملايين برميل يوميا. ولعل مطالبة مجلس الشورى بضرورة وضع الآليات المناسبة لاستثمار إيرادات زيادة إنتاج البترول لخدمة الأجيال القادمة جاءت متزامنة مع خطوات وزارة البترول والثروة المعدنية في زيادة مشاركة المواطنين في أسهم الشركات البترولية من خلال الاتفاق مع الشركات التي تنفذ المشاريع البتروكيميائية الجديدة على طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام والتوسع الأفقي والرأسي في مجال تطوير الصناعات المتعلقة بالبترول والغاز والتي تعتبر متواضعة مقارنة مع المخزون الهائل الذي تتمتع به المملكة من هذه الخامات. ان توجيه الأموال التي تدور بدون إنتاجية كتلك التي تدور في أروقة بورصة الأسهم إلى مجالات الإنتاج سيعزز من التنمية الوطنية ويخلق آفاقا جديدة من الفرص الوظيفية أمام الشباب السعودي ويساهم في التقليل من حجم البطالة التي تشكل عبئا كبيرا على كاهل الوطن ويحقق للوطن أن يستفيد من مقدراته ومن القيمة المضافة لثرواته من خلال إيجاد الصناعات الأمامية المناسبة له والحد من تصديره على شكل خامات والعمل على تعميق مفهوم التنمية المستدامة الذي يأخذ بالاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وحاجة الأجيال الحالية والقادمة.