ليس بالسهل اليسير أن تترك منزلك الذي ترعرعت فيه، ومزرعتك التي شابت أقدامك عليها، وحياتك الهادئة البسيطة في غابات وسهول بني الحرث وما جوارها في حدود المملكة في جيزان، ومقابر آبائك وأجدادك وأبناء قبيلتك وجيرانك وأصدقائك الذين قضيت عمرك بينهم، وحدود بلدك التي قضيت عمرك منافحاً عنها، وتهجر كل هذا إلى غير رجعة، ولكن أهالي الحدود الجنوبية في جيزان فعلوها نعم فعلوها، استجابوا لنداء الوطن ولبّوا ذلك النداء وهجروا كل ما يملكون ولم يخرجوا معهم بشيء من أملاكهم. عندما هبت رياح العدوان على حدودنا الجنوبية كان المواطن هو المدافع الأول وهو المتضرر الأكبر من هذا العدوان لكنه صمد مستمداً عزيمته من حبه لوطنه وطاعته وولائه الذي لا يشك أحد فيه، فانتماؤه لأرض الحرمين وقادته كانت حاضرة في قلبه وأمام عينيه. قبل مدة احتفلت جيزان بافتتاح مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز للإسكان التنموي، كانت رؤية الملك أن يحظى أبناء شعبه في جيزان بالراحة بعد العناء، بالوفاء بعد التضحية فهم جزء هام من هذه الأرض الطبية نذروا أنفسهم لخدمة وحماية هذا الجزء الهام من المملكة، ظلوا على مدى عقود ينافحون جنباً الى جنب مع رجال الامن عن كل شائبة أو اعتداء على حدود المملكة مرددين بذلك كلمات سمو ولي العهد الامير نايف بن عبدالعزيز بأن المواطن هو رجل الامن الاول، ومقولة وطن لا نحيمه لا نستحق العيش فيه، فكانوا عند حسن الظن بهم. وجاء يوم الوفاء ليسعد هؤلاء بعد معاناة لمدة عامين جراء فراق منازلهم وقراهم وتشتت اقاربهم في المدن الداخلية لجيزان وفقدان كبار سنهم لفراقهم أجساد أقاربهم تحت ثرى قراهم، وكانوا يرددون انهم يريدون ان يدفنوا مع آبائهم وأجدادهم، لكنهم رأوا وأيقنوا أن مصلحة الوطن تحتم عليهم الصبر والتضحية. حقاً أبا متعب إنهم يستحقون وكل أبناء الوطن في شرق المملكة وغربها وفي شمالها وجنوبها يستحقون الوفاء، يستحقون الاهتمام، يستحقون كل رعاية، انهم لحمة تتجسد وتصطف لحماية أرض الحرمين والذود عن الوطن كل بما يملك من مقومات. يقولها أبناء جازان حكمت فعدلت وقلت فأوفيت، وعملت فأنجزت فلك من كل أب وأم دعوة صالحة تلقى بها الله ولك من كل ابنة وابن بار الوفاء والولاء والذود عن حمى الوطن، كل أبناء الوطن جنود مجندة لحماية أرض هذه البلاد الطيبة. في يوم الوفاء تتجسد ملاحم الترابط بين الحاكم والمحكوم إنهم أبناء الوطن الواحد، في كل شبر من أرض المملكة يردد الشعب في تعليقاتهم وكتاباتهم واحاديثهم يستاهلون أهل جيزان ايمانا منهم بالتضحية التي قدموها. بقي شيء واحد يا خادم الحرمين يؤرق أبناءك المواطنين المضحين من أجل الوطن وهي كلمة "النازحين" فهلا أسقطنا هذا المصطلح من معجم أحاديثنا وكتاباتنا. تحية من قلب محب من أبناء محافظة بين الحرث الى كل من ساهم في إدخال الفرحة الى قلوب إخواننا في قرى الحدود الجنوبية.