قدّم الأستاذ محمد عابِس (رئيس اللجنة الإعلامية للمعرِض الأخير للكِتَاب) للرأي العام معلومات عن المعرِض، صحيح أنها مطلوبة، لكنّها مِنْ وجهة نظري ليست ذات أوّليّة، ولا يستفيد منها الباحثون، في ظل التحولات الجديدة التي عرفها العالَم المعاصِر اليوم. ما هي هذه المعلومات ؟ (ملحق الأربعاء الصادر عن صحيفة المدينةالمنورة، 28 ربيع الآخر 1433ه، الصفحة الأخيرة). * " بلغ عدد الزُّوّار، مليوناً وثمانمائةً وتسعةً وثمانينَ زائرا". * " بلغت المبيعات تسعةً وثلاثينَ مليوناً وثمانمائةً وسبعين ريالا" وحتى هذه المعلومة "تقريبية وغير دقيقة مائة في المائة" كما قال، وعزا الأسباب إلى" الاعتماد على الفواتير، وهناك مَنْ يأخذ فاتورة، وهناكَ من يُسَلِّم فواتيره للبوابّات". * " اليومان الأخيران من المعرِض، شهدا مبيعات عالية". أدوار معرِض أيّ كِتَاب في أيِّ مجتمع متحضر في العالَم، أكبر من هذا بكثير، ما الذي انمحى ؟ وما الذي تبقى من السياق القديم عالقا في الأذهان، والعقول. هناك التباس في فهم بعض القراء العرب للكِتَاب، ما دواعي اختيارهم له؟ هل هو اختيار استراتيجي؟ أم تقليدي ؟ إن اقتناء الكِتَاب منهج وليس مهرباً، فقد رأى المفكر العربي المعروف محمد الجابري أن" الانتماء الثقافي وبالتالي اللُّغَوي، هو الذي جعل العرب يُحِبُّون لغتهم، مِثْلَمَا يحب غيرُهم لغاتهم، بِفِعْل الانتماء الثقافي واللغوي". ما يتوخاه الباحثون، مِن معرِض أيِّ كتاب أن يقدم معلومات عن: الكُتب الأكثر مبيعا من حيث: المضمون، بمعنى آخر: كم كتاباً سياسيا بِيع ؟ وثقافيا ؟ واجتماعيا، وفلسفيا، وروائيا، واجتماعيا، ونقديا، أزعم أن هذا هو الذي يكتسب الأوّليّة، أما المعرِض نفْسُه- كما قال الكاتب السعودي المعروف مسفر الغامدي-: " فلا يمكن ربْطُه بشراء الكُتُب فحسب، هناك سقْفٌ معرفي، ولا تكون المعرفة الحقيقية، إلا من خلال الكِتَاب" وأضيف بدوري: لا تكون القيمة الحقيقة للكِتَاب، إلا من خلال نوعه ومحتواه. إذاً فالتحليل النهائي لمعرِض أيِّ كِتاب، لا بُدّ أنْ يكشف عن عقلية القارئ، واكتمال بناء ذاته الإنسانية، يتطلب الانطلاق من التّعرف الصحيح على نوعيّة الكِتَاب، وليس على أعداد ما بيعت منه، وأثْمان ما دخل في جيوب العارِضين.