منذ أربعة أعوام وبمشاركة أكثر من مئة وخمسين رئيس جامعة عربية هم أعضاء في اتحاد الجامعات العربية انعقد مؤتمر لهم بتاريخ 10 ربيع الآخر 1429ه الموافق 16 ابريل 2008م في عاصمتنا المزدهرة مدينة الرياض، وقد كان أحد قرارات هذا المؤتمر إنشاء المجس الدولي للغة العربية، وقد قام هذا المجلس منظمة دولية أهلية مستقلة مقرها بيروت، بعد أن وافقت الحكومة اللبنانية على تأسيسها هناك، ومنحها كافة مزايا المنظمات الدولية العاملة في إطار الأممالمتحدة. الحقيقة أنه لا تنقصنا المؤتمرات، ولا ما تفيض به اللقاءات، لكن ينقصنا التطبيق العملي لما يجيء فيها من قرارات وتوصيات، وإذا كانت مسؤولية تعزيز مكانة اللغة العربية واجبة على كل العرب والمسلمين فإنها أوجب على بلادنا التي شرفها الله بأن أنزل فيها الوحي الكريم على خاتم الأنبياء والمرسلين ** ** ** لقد أسعدني أن أشارك في المؤتمر الدولي للغة العربية الذي نظمه المجلس تحت عنوان: (اللغة العربية لغة عالمية: مسؤولية الفرد والمجتمع والدولة) بمعاونة اليونسكو في الإعداد له، وتنظيمه، وكافة فعالياته. ** ** ** لقد كان الحضور حشداً حافلاً، لم يقتصر على الأكاديميين بل شارك فيه مسؤولون كبار في مجال الثقافة، والتربية والتعليم، ووزارات التعليم العالي والجامعات والإعلام والعمل، ومجامع اللغة العربية وجمعياتها، والغرف التجارية، والصناعية مما جعل لهذا المؤتمر رونقاً خاصاً وتفرداً بارزاً. ** ** ** لقد تعددت أهداف هذا المؤتمر، وكلها تلتقي في الحفاظ على عالمية اللغة العربية وتعزيز الشراكة والتضامن وتحمل المسؤولية من الجميع تجاه هذه اللغة العربية الخالدة إضافة إلى رفع مستوى الوعي باللغة العربية وثقافتها، وتشجيع الجهود التي تسهم في دعمها، وتعزيز مكانتها بين لغات العالم، وقبل ذلك في نفوس أبنائها باستخدامهم الصحيح الدائم لها. ** ** ** كما تعددت محاور الجلسات، فخصصت جلسة لدور الدولة في الحفاظ على اللغة العربية، وأن الحفاظ عليها من الدول العربية هو حفاظ على السيادة الوطنية والهوية العربية، والذات الثقافية. كما خصص محور لتناول أقسام اللغة العربية وآدابها، في الجامعات في تدريسها والتدريب على صحة استعمالها، وسبل تطوير الخطط الدراسية والمناهج في تلك الأقسام، وعلاقة أقسام وتخصصات اللغة العربية بالأقسام والتخصصات العلمية الأخرى في الجامعات، وكذا مسؤولية أقسام اللغة العربية في إنتاج الكتب والوسائل الميسرة لتعلمها وإتقانها. ** ** ** لقد بهرني ما جرى من حديث حول اللغة العربية وثقافتها في وسائل الإعلام العربية، وكيف أن تلك الوسائل مقصرة في هذا الشأن، وأن عليها مسؤولية كبرى تجاه جدية استخدام الفصحى، بحكم أن وسائل الإعلام في الوقت الحاضر هي أكثر الوسائل تأثيراً في المجتمع، وسواء كانت الوسائل التقليدية أو الالكترونية الحديثة. ** ** ** ما كان ينقص الحاضرون والمشاركون في هذا المؤتمر الحماس والغيرة على اللغة العربية فالكل كان غيوراً، مدافعاً بحماس وهمة، مشاركاً بأفكار جديدة، واقتراح أعمال فاعلة متميزة. وكم كان جميلاً الشعار الذي يغطي كل ساحات هذا اللقاء الذي يقول: لو لم تكن أم اللغات هي المنى لكسرت أقلامي وعفت مدادي لغة إذا وقعت على أسماعنا كانت لنا برداً على الأكباد ستظل رابطة تؤلف بيننا فهي الرجاء لناطق بالضاد ** ** ** الحقيقة أنه لا تنقصنا المؤتمرات، ولا ما تفيض به اللقاءات، لكن ينقصنا التطبيق العملي لما يجيء فيها من قرارات وتوصيات، وإذا كانت مسؤولية تعزيز مكانة اللغة العربية واجبة على كل العرب والمسلمين فإنها أوجب على بلادنا التي شرفها الله بأن أنزل فيها الوحي الكريم على خاتم الأنبياء والمرسلين. ** ** ** ودائماً ما أكرر على الجميع أنني لا أخشى على اللغة العربية فقد كرّمها الله، وجعلها اللسان العربي المبين، وحفظها بقرآنه الكريم، ولكني شديد الخشية على الأجيال العربية الشابة من أن تغلب على لسانها، ومسامعها اللغات الأخرى، التي تزاحم اللغة العربية دراسة وإعلاماً، وهنا اؤكد أهمية تعلم اللغات الأجنبية مهارة وكسباً ثقافياً لا لغة لتعليم المواد كما هو حاصل في كثير من المؤسسات التعليمية في الوطن العربي. ** ** ** وفقنا الله جميعاً إلى الخير والصواب والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها، اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأمدنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد.