إسرائيل قوة مدججة بالأسلحة وسط الأمة العربية، وقوة ضغط على أي جهة تثير حساسيتها بالمحرقة أو العنصرية، لكنها تمارس دور الدولة الإرهابية، وعملية أن يأتي رد فعل شخصي أو من منظمة مثل القاعدة، كما حدث في مذبحة (تولوز) في فرنسا التي راح ضحيتها أربعة أشخاص، مرفوض خلقياً وإنسانياً، وعملية أن يدعي القاتل أنها انتقاماً لقتل الأطفال الفلسطينيين، عملية متاجرة، مثلما كانت أخطاء الجبهات الفلسطينية اليسارية بخطف الطائرات أو الهجوم على تجمعات يهودية أساءت للقضية أكثر مما أكدت حقها، والفلسطينيون، لو أرادوا، العودة للعمليات النوعية، قادرون على الوصول إلى أي هدف، لكن ذلك ليس من ضمن سياساتهم أو أهدافهم، أو حتى رؤيتهم للصراع الطويل، فمعركتهم بالداخل، لا الخارج.. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي (آشين) ساوت بين قتلى تولوز مع قتلى غزة، وهنا تحركت الآلة الجهنمية الإعلامية لمن بايعوا إسرائيل على الحق والباطل، إرسال أسلحة الإدانة والتخوين للوزيرة، حتى الرئيس الفرنسي الذي زار موقع الحادثة، جاءت ملاطفة ورفضاً لما جرى، لكن لماذا يأتي عربي أو إسلامي ليكون إرهابياً وهو يحمل الجنسية الفرنسية؟ المشكل ليس بالدين، وإن وجِد في كل الأديان والطوائف متطرفون، لكن المشكل بحالة العزل والغبن الذي تعيشه الأقليات هناك، فالسياسة الفرنسية تدفعهم لما هو أسوأ، ولا نعتقد أن الذين ظروفهم تنسجم بالمعاملة والحوافز الوظيفية والاقتصادية لديهم النوايا والدوافع التي تجبر العاطل، أو المهمش أن لا يكون سلعة للتطرف أو أي ممارسة تخالف القانون.. القضية الفلسطينية رُسمت مأساتها في أوروبا، ولا تزال إسرائيل تحظى بمعاملة أهم من معاملة إحدى الولاياتالأمريكية، أو دولة عضو بالاتحاد الأوروبي، ومسألة أن تمارس إسرائيل ما يعارض ويخالف القوانين الدولية ويقال إنها تدافع عن حقها في الأمن والوجود، هو تفسير عنصري وبربري، حين يتحول المجرم إلى بريء، والمعاناة التي لايزال يعيشها الفلسطيني فرضت أن تكون سلماً لزعامات ومنظمات ودول تتخذ حالتها شعاراً لنفاق الشعب والعالم الإسلامي برمته، في حين نجد الداعمين يعطون فصيلاً ليحارب آخر تحت مسميات إسلامية أو تحررية يسارية، والجميع يزايد على مواقف، لا دفع القضية إلى التحرر من الضغوط المعيشية والاجتماعية.. الفصائل الفلسطينية تحتاج أن تفهم أن التشرذم أحد أخطر مكاسب إسرائيل وقد لعبت على هذه التناقضات، بأن جيّشت العالم الخارجي، بأن الفلسطينيين غير مؤهلين أن يبنوا دولة أو يحصلوا على أرض تكون منطلقاً لإرهابييهم.. لنأخذ تأثير حادث (تولوز) فقد جيّرته إسرائيل لصالحها، والنفخ، كعادتها بإدانة الإرهاب، وهي التي تمارسه، وتظهر الجانب الإنساني، وهي التي لا تحترم غير إنسانية من ينتسبون لها، وقد أقنعت العالم أن هذا الاعتداء يأتي بإطار حرب مع الفلسطينيين ومن عنصر متخلف، يحارب عنصراً ديموقراطياً يبحث عن السلام والأمان.. الدعاية سلاح يأتي، في بعض الأحيان، أبلغ من السلاح العسكري، والعقل الفلسطيني يملك القدرة على مواجهة مثل هذه الدعاية، لكنه غير منظم، والانتماء لحزب أو منظمة أهم من الاهتمام بقضية لها بعد إنساني وظلم سياسي تلقته من العالم المتقدم، والحالة القائمة تفرض المواجهة التي لا تضع الفلسطيني رمزاً للإرهابي..