الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فقد شهدت الأيام الماضية جدلاً كبيراً حول تمكين المرأة من قيادة السيارة في شوارع المدن وطرقاتها، هذه القضية التي أصدرت فيها اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - فتوى قاضية بمنع تمكين النساء من قيادة السيارات في الشوارع والطرقات، بالنظر إلى المفاسد المترتبة على ذلك، ولأن المصالح المرجوة من تمكينها من القيادة مغمورة في المفاسد المترتبة على قيادتها. ومن المهم أن تلاحظ الحيثيات المتعلقة بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، والتي أوضحها عدد من المتخصصين من دراسات وإحصاءات مهمة. ومما يجدر ملاحظته في إقرار النساء على قيادة السيارة في الشوارع والطرقات: 1- أن النساء والأسر بينها تفاوت في القدرة على امتلاك السيارة أو عدم ذلك، وهذا سيجعل المشكلة التي هرب منها المنادون بالسماح للمرأة بالقيادة باقية، وهي التخلص من السائق الأجنبي. 2 - أن قيادة السيارة يترتب عليها أنواعٌ من المشاق التي يدركها كل من قاد السيارة، ولا ريب أن المرأة بالنظر إلى تكوينها اللطيف لا قبل لها بمثل هذه المشاق. 3 - أن النساء مأمورات بالستر والقرار في البيوت، وهن محل لاشتياق الرجال وميلهم إليهن، ولشدة رقتهن شبههن النبي صلى الله عليه وسلم بالقوارير، علاوة على ما في هذا الوصف من سرعة التأثر، وصعوبة إصلاح كسره. 4 - أن من المشاهد أن تعطل السيارة من أشد المقلقات في قيادتها، وهذا القلق سيكون أشد وأخطر في حال كون قائد السيارة امرأة، وذلك لحساسية التعامل بينها وبين الرجل، فإنها ومع وجود أصحاب الشهامة والمروءة من الرجال الذين يمدون أيادي المساعدة، إلا أن ذلك يبقى محفوفاً بمفاجآت الطبائع كما هي الحال في مفاجآت الطريق. 5 - أن مشاكل المرور في بلادنا لا تزال قائمة ومتفاقمة، من مثل شدة الازدحام وكثرة الحوادث، وتضاعف أعداد الإصابات والوفيات جراءها، ولا شك أن إقحام مجموعة أخرى ممن يقودون السيارات تتمثل في جنس النساء، وقد كُنَّ مكفيات من هذه المؤونة لسوف يضاعف مشاكل المرور. 6 - أن الإذن للمرأة بقيادة السيارة في الطرقات سوف تترتب عليه أعباء اقتصادية يصعب حصرها، فالنفقات الأسرية للسيارات سوف تتضاعف، والنفقات الحكومية لهذا الإجراء ستتوالى، بسبب الاحتياج لتوفير مرور من الجنس اللطيف، وهذا له تبعاته المالية والاجتماعية التي يصعب التنبؤ بها. وفي ضوء ذلك فقد كان قرار مجلس الشورى بإرجاع هذه القضية إلى هيئة كبار العلماء، قراراً صائباً لما لهذه الخطوة من التبعات الكبيرة، قال الله تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً} (سورة النساء: 83). والله المسؤول أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه، وأن يوفق ولاة أمورنا لما فيه صلاح العباد والبلاد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.