أصدرت روتانا للصوتيات في الأيام الماضية الديوان الصوتي الخامس للشاعر ناصر القحطاني صاحب التجربة الغنية في الشعر الغنائي، وجاء هذا الإصدار تحت عنوان "مذكرات شاعر" ويتكون من 21 قصيدة و23 مقتطفاً شعرياً جميعها تقدم للمرة الأولى في سابقة لم تحدث في تاريخ شعراء النظم حيث لم يطلق أحدهم ديواناً صوتياً كاملاً بمحتوى جديد كلياً، أسوةً بالمطربين الذين يقدمون إصداراً جديداً بكامل محتواه. من حيث محتوى "مذكرات شاعر" فهي أشبه بالمذكرات الاجتماعية من حيث أسسها وتغطيتها لهموم الناس عموماً لا الشاعر فقط، ولكنها في ذات الوقت جاءت في قمة الشاعرية والإبداع اللغوي والفكري في مضامينها وفي أيضاً – وهذا الأهم – بكورية أفكارها وعذريتها حيث لم تلكها ألسنة الشعراء من قبل. فتنتقل من قصيدة "أبو القاسم" وهي قصيدة ذب عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى قصيدة "المناجاة" وهي ذات ارتباط وثيق بما قبلها ثم تليها "البطانة" وعلاقة ذلك ب"الفقر" في قصيدتين متتاليتين ثم تأتي "الفلتة" وهي أكثر انسجاماً مع سابقتيها وتخاطب كل منفلت لا يراعي القيود الدينية والوطنية وما يدخل ضمن أهميتها، ثم قصيدة "شاعر الشارع" كناية عن تكريم المبدع في حياته ولو باسم شارع عشرين، ثم "لا تفرح" وهي بمثابة الدعوة إلى الحزن على حال الأمة في ردية جمعته والشيخ عايض القرني حول عنوان كتابه "لا تحزن" ورد الشيخ بقصيدة أخذت المسمى ذاته، يليها "سلام السعوديين" لأهل البحرين الشقيقة وإثبات أن الخليج جسداً واحداً لا تزيده الأزمات إلا تماسكاً، ثم قصيدة "الدراهم" التي تناقش فكرة الطبقية المادية في العالم ومن ثم يعرج القحطاني على "المبادي" ومن خلالها تزول هذه الطبقية المقيتة، ومنها إلى موضوع أكثر أهمية في قصيدة بعنوان "الفتاوي" تحث على التثبت وعدم تشتيت المسلمين وتفرقتهم بمجرد فتوى قد تكون اجتهادية وفي غير محلها، ثم قصيدة "طويل العمر" حثاً على التواضع والتعامل بالخلق الرفيع في شأن اجتماعي آخر يطرقه الشاعر ومنه ينتقل إلى الوجد على كل ما هو جميل في الحياة في قصيدة "وجودي" ثم يأخذنا الشاعر معه على "بساط الريح" ليناجي "معشر الجن" ويتساءل عن مكسر "ساق الفرس" و"الشبيه" ويتذكر من خلاله "لون الموف" و"تناهيد العيد" لينتهي المطاف بلحظة "الوداع" الحاسمة فيأتي "القنوت" بدعوات يؤمن لها الجميع. بهذه القصائد يضع ألبوم "مذكرات شاعر" نفسه كتجربة مميزة في تناول القضايا الحياتية البسيطة التي تشغل هم المواطن والتي كان الشعراء يتجاهلونها سابقاً رغم أنها من مهمات الشعر الرئيسية. ولهذا تحدث ناصر القحطاني بلسان الناس في ألبومه الجديد مضيفاً إلى سجلّه تميزاً جديداً يضاف إلى تميزه السابق في قصيدة "الأندلس" وقصيدة "النساء" التي تغنت بها الفنانة أريام.