الربيع العربي، يبدو أنه أزاح القضية الفلسطينية إلى الخلف، لأن هموم الدول بدأت تطرح أولوياتها لإصلاح الداخل، وقد يكون الخلاف الفلسطيني بين حماس والسلطة والذي لايزال معلقاً على ذمة ما سيطرأ سببا آخر، مع أن حماس التي عاشت بحضن سوريا وإيران وجدت في هيمنة التيار الإسلامي واجهتها الجديدة، فركزت تحركها على مصر وتونس ولم تهمل ليبيا، وإسرائيل لم تغفل حين تفتعل هجمات مباغتة على غزة، أو إعلان توسيع مستوطناتها على الأرض المحتلة، بنفس الوقت لاتزال تطرح الأسئلة حول مستقبلها مع نظم إسلامية لا تستطيع أمريكا تدجينها أو إعلان تبعيتها لها، كما كانت الأنظمة السابقة.. الخيار الفلسطيني يجب أن ينهي الوضع المترجرج بين نعم، ولا وحسم الأمور لصالح القضية، ثم إن توجهها عربياً، يفترض حيادهم مع الأنظمة الناشئة حتى لا يقعوا بأخطاء الماضي، خاصة والظرف العربي، لديه قضايا متراكمة في الأوضاع الداخلية اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً يريد رسم علاقات جديدة تتخذ خط الاستقلال الكامل.. الفلسطينيون في الداخل يعيشون معاناة مستديمة، والمواجهة ليست مع إسرائيل بل مع نقص الموارد، وتوفر الوظائف وغيرها، وكذلك إعادة إعمار البنية الأساسية وهذه لا تتم إلا بإعادة هيكلة الوضع السياسي، والاقتصادي.. فأمريكا، وحلفاؤها لم تعد أصوات إنشاء دولة فلسطينية تأتي على طاولات اجتماعاتهم كبند ترويجي يعطي الأمل للفلسطينيين، وهذا الغياب متعمد طالما الرهان على تلاشي القضية أحد مرتكزات التوافق الإسرائيلي الغربي.. إسرائيل أيضاً تطرح في مقدمة اهتمامها مهاجمة إيران لتدمير بنية مشروعها النووي، وتداعيات هذا الموقف موضع نزاع بينها وبين أمريكا، ومع افتراض أقدمت على ضربتها، وجاء رد إيراني، ستكون الأراضي الفلسطينية في نطاق تلك الأسلحة لتضاف مأساة أخرى.. المناسبات العربية بدءاً من القمم والمجالس الوزارية الأخرى يتضمن جدول الأعمال التأكيد على القضية الفلسطينية، لكنها تأتي في السياق العام والذي كرر نفس الكلمات والمعاني، لأن القدرة العربية على مواجهة القوى اللاعبة ضعيفة إن لم تكن معدومة، وحتى المناخ الدولي صار، غربياً، مكرس للأزمة المالية، ومجريات الأحداث المتسارعة العربية، وكذلك اللغة التي بدأت تستخدمها الصين وروسيا في مجلس الأمن كخصوم محتملين ليس على أحداث سوريا، والتي تعتبر مقدمة لخوض حرب باردة تفصل الشرق عن الغرب، وهذه المرة ليست ايدلوجية، إذ الجميع يتخذ الرأسمالية نهجاً اقتصادياً وتبقى العوامل السياسية مرشحة لنقل المعارك إلى جبهات أخرى، قد لا تكون فلسطين من بينها، كذلك الأمر مع المناكفات مع إيران وطرح الاحتمالات التي قد تصل إلى صدام مسلح، لا ندري ما ستكون عليه إدارة المعارك سواء كانت سياسية أو عسكرية.. في العموم القضية الفلسطينية مجمدة بفعل ما تراه الأطراف الدولية أولوياتها وهنا لابد من تحرك فلسطيني وعربي وأهمها المصالحة والاتفاق على خطوط واضحة المعالم..