يبدو أن الذئاب تحب ألمانيا، لما بها من أنواع عديدة من الغزلان والخنازير البرية الصغيرة التي تتغذى عليها. فيقول العالم البيولوجي نورمان شتير: «ثمة ما يتراوح بين 100 و120 ذئبا تتواجد حاليا في البلاد، وهو ضعف عددها في عام 2010 تقريبا». يبني شتير، الذي يعمل خبيرا في علم الاحياء متخصصا في الغابات بجامعة دريسدن التقنية، معلوماته على دراسات حديثة أجريت حول الذئاب. هذه الحيوانات المفترسة، التي اجتاحت ألمانيا في بداية القرن الماضي ، قضت الأعوام العشرين الماضية في إعادة توطين نفسها هناك، لا سيما في مناطق التدريب العسكري الحالية والمهجورة. واستوطنت معظم الذئاب في ألمانيا في شرق البلاد ، حيث تشعر هناك بأنها في موطنها الأصلي، بما يكفي لأن تتكاثر في المناطق المحيطة بالعاصمة الألمانية برلين. يرى شتير أن هذه الذئاب ستواصل انتشارها، حيث تقتفي الإناث آثار الذكور الأكثر شجاعة والتي تبادر بالهجرة بمجرد نضوجها. لا شك أن زيادة أعداد هذه الحيوانات البرية بصورة خاصة ليس بأمر يسعد الجميع، فيقول هانز فيرمان من منطقة بحيرة شفارتس، التي تعد واحدة من بحيرات ميكلينبورج شمال برلين: «أخرج كل صباح وأنا أشعر بعدم ارتياح». ففي العام الماضي ، فقد الرجل المتقاعد العديد من أيائل الرنة بعد أن تمكن أحد الذئاب من دخول حظيرته. وبعد مرور فترة قصيرة، أصيب معظم قطيع من الأغنام بجروح خطيرة في بلدة مجاورة، مما يؤكد أن الحيوان الذي تسبب في هذه الجروح هو «ذئب مسعور». يربي هورست هيلديبرانت، من بلدة ميينبورج شمال شرق برلين، 100 أيل أسمر و50 من الأغنام البرية إلى جانب 20 من ماشية اللحم الاسكتلندية، ويشعر باستياء لأن أصوات المزارعين ليست مسموعة. فيقول: «التهديد على تربية الحيوانات أقل أولوية في المناقشات.. لست قلقا على الماشية، ولكنها مشكلة بالنسبة للأيائل.. فليس من الواضح كم من الذئاب يمكن أن يستوعب هذا البلد». وعلى النقيض من ذلك، بدأ شتير في رصد عملية «تطبيع» في مواقف السكان تجاه الذئاب، ولاحظ أنه كلما طالت فترة تعايش السكان مع الذئاب في منطقتهم، كلما صاروا أكثر اعتيادا على تلك الحيوانات. ويشير شتير إلى منطقة لوساتيا على الحدود البولندية ، التي تغيرت فيها المواقف تجاه الذئاب على مدار السنوات العشر الماضية. ويقول: «يذهب الناس لجمع فطر عش الغراب من الغابات مثلما كانوا يفعلون دائما.. كما يلعب الأطفال في الغابة». يرى شتير أن إجراءات مكافحة الذئاب تؤتي بنتائج فعالة. فعلى سبيل المثال، قام فيرمان - الذي فقد أربعة من أيائل الرنة وأربعة من العجول حديثة الولادة - بتقوية أسوار مزرعته بتكلفة بلغت عدة آلاف يورو. وأقام المزارع سياجا مكهربا وحاجزا عرضه متر لمنع الذئاب من الحفر تحت السياج. ويقول فيهرمان: «رغم ذلك، لا نزال متشككين»، معربا عن تضامنه مع مربي الأغنام. ويقول سفين جرومباخ، من رابطة مربي الأغنام بولاية ميكلينبورج - فوربومرن شمال شرقي البلاد: «إننا مستعدون»، رغم أنه أضاف أنه لا يمكن لأي أحد من مربي الأغنام الألمان النظر لانتشار الذئاب بهذا الشكل الخارج عن نطاق السيطرة على أنه أمر إيجابي.