بدأت أصداء عواء الذئاب بالتردد هذه الأيام في غابات ألمانيا لأول مرة منذ قرون. وأفاد دعاة الحفاظ على البيئة أن الذئاب أخذت بالانتشار غربي أوروبا حيث إن أعداءها الطبيعيين اختفوا منذ زمن طويل. وهذا الحيوان الذي ينتمي للفصيلة الكلبية يتفوق في دهائه حتى على عدوه الأول وهو الإنسان. وأخذت الذئاب على خلاف العادة في الظهور على مشارف المناطق الحضرية بل ويتم رصدها على مشارف مدن كبيرة مثل برلين. وفي الأسابيع الأخيرة تم رصد الذئاب في غابة قرب بلدة واقعة بين برلين وهامبورج أكبر مدينتين في ألمانيا. كما تم رصدهم بشكل متكرر شرق برلين وفي بولندا. لكن هامبورج، وهي ميناء بحري مطل على بحر الشمال، لم تسجل ظهورا للذئاب منذ قرون. يقول الأستاذ (جوزيف رايشهولف) من جامعة ميونيخ "ما هي إلا مسألة وقت وتنتشر الذئاب في كل أرجاء شمال ألمانيا في سعيها باتجاه الغرب". ويواصل الدكتور رايخهولف "شمالي ألمانيا هو الموطن المثالي للذئب". وبعيدا عن المدينتين الكبريين برلين وهامبورج تعد المنطقة قليلة السكان. وتوجد هنالك مناطق نباتية وبحيرات وغابات مظلمة.. وأضاف على سبيل التنبؤ إن الذئاب والثعالب لا تمثل إلا عودة لظهور في عالم الحياة البرية لم يشاهد منذ العصور الوسطى. وأخذ كثير من الثدييات الصغيرة مثل حيوانات الراكون والثعالب في الانتشار على خلاف المعتاد في المناطق الحضرية لتأتي الذئاب في أعقابها. لكن هذا لا يعني أن الذئاب سوف تدخل المدن. ويشير الباحث إلى أن الذئاب مخلوقات انطوائية تتجنب الإنسان قدر الإمكان. يقول (فولكر بويهنينج) رئيس رابطة الصيد في المنطقة إن الصيادين رصدوا ذئبين في شرقي ألمانيا قرب الحدود البولندية مؤخرا. ويضيف "تحظى الذئاب هنا بالترحيب حيث إنها تثري التنوع المحلي في الحياة البرية. وبالطبع فإنها إذا كثرت وأصبحت وباء فإنه سيكون على الصيادين أن يتعقبوها للسيطرة على أعدادها كما نفعل مع الثعالب الحمراء". لكن هذه الحيوانات آكلة اللحوم والمنتمية للفصيلة الكلبية مثل الثعالب والذئاب تفيد فعلا أنواعا أخرى مثل الطيور المغردة. يقول تورشتن راينفالد من الرابطة الألمانية للصيد "إنها لا تقضي على الفئران وحدها بل وثدييات أخرى صغيرة وثعابين وغيرها من لصوص البيض". ويرى البروفيسور رايشهولف أن شمالي أوروبا سيكون نقطة تحول في نمو تعداد الذئاب. ويقول "هذه المنطقة هي التي سنرى فيها احتمالات انتشار الذئاب منها باتجاه الغرب وبأي أعداد". ويضيف "المشكلة الرئيسية هي في الشعار الشهير (الذئب متوحش شرير) والراسخ في عقول كثير من الناس. وبالطبع قد تكون الذئاب خطرة على البشر في مواقف معينة أو إذا ضيق عليها الخناق". ويتابع يقول "الأوروبيون على وعي كبير بما فعله البشر بالبيئة على مدار قرون والجانب السار في الموضوع أنهم يسعون إلى تأمين عودة ظهور الدببة والذئاب وغيرها من الحيوانات التي باتت على شفا الانقراض". ويشير إلى أنه "مع الزيادة في ظهور الحيوانات الضارية يعود توازن الطبيعة إلى سالف عهده ونشهد انخفاضا في أعداد الفئران والأرانب". ويستطرد بالقول إن النسر الألماني أيضاً أخذ يعاود الظهور في أجواء الغابات الساحلية لشمالي ألمانيا ، تلك الغابات التي إذا أنصت فيها خلال الليل المعتم فقد تسمع أيضا العواء الحزين للذئاب. @ (الألمانية)