أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي صباح أمس الخميس في حديث إذاعي وتلفزيوني أنه قرر فعلا التخلي عن العمل السياسي في حال عدم فوزه في أعقاب الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة التي ستجري دورتاها الأولى والثانية تباعا يومي الثاني والعشرين من شهر أبريل والسادس من شهر مايو المقبلين. وقال ساركوزي لشبكة " ب إم تي في إر إم سي " إنه لن يتخلى عن هذا الخيار بالرغم من أنه سيذل قصارى جهده حتى يحصل مجددا على ثقة الفرنسيين خلال الاستحقاق الانتخابي المقبل. وسئل الرئيس الفرنسي عن المهنة التي سيتعاطاها في حال انهزامه في الانتخابات الرئاسية المقبلة فقال إنه لا يدري في الوقت الحالي . وليست المرة الأولى التي يتحدث فيها ساركوزي عن هذه الفرضية. فكان قد تعرض إليها في شهر يناير الماضي خلال حديث مع صحافيين رافقوه خلال زيارة أداها إلى مقاطعة " غويانا" الفرنسية الواقعة في القارة الأمريكية. واعتبر أنصار الرئيس الفرنسي أن التأكيد مجددا على هذه الفرضية يراد من ورائه حث ناخبي اليمين وبخاصة اليمين التقليدي على ضرورة التصويت بكثافة لصالح الرئيس الحالي للحيلولة دون رجوع اليسار إلى مقاليد الحكم. ولكن أحزاب المعارضة الفرنسية وشخصياتها الرئيسية تنظر إلى الأمر عكس ذلك. فهي تعتقد أن هناك اليوم قناعة داخلية لدى الرئيس الفرنسي بأنه سيهزم في أعقاب الانتخابات الرئاسية المقبلة من قبل فرانسوا هولاند زعيم المعارضة ومرشح الحزب الاشتراكي. ولا تزال كل عمليات استطلاع الرأي تتوقع هذه الفرضية لاسيما وأن شرائح كثيرة من المجتمع الفرنسي ترى أن كثيرا من المواضيع التي يتطرق إليها ساركوزي خلال الحملة الانتخابية بعيدة كل البعد عن هموم الشعب الفرنسي الأساسية. ومن هذه المواضيع اعتبار اللحم الحلال مشكلة هامة في البلاد بالنسبة إلى غير المسلمين وتقديم الفرنسيين غير المسلمين كما لو كانوا مرغمين على استهلاك اللحم الحلال. وكانت مارين لوبين زعيمة اليمين المتطرف وراء إطلاق مثل هذه التهمة . ولكن الحزب الحاكم وشخصيات مقربة من الرئيس الفرنسي سعت إلى توظيف التهمة المفتعلة ذاتها للركض وراء أصوات ناخبي اليمين المتطرف. وقد استقبل فرانسوا هولاند مرشح الحزب الاشتراكي بعد ظهر أمس الأول دليل بوبكر عميد مسجد باريس ومحمد الموساوي رئيس المجلس الوطني الفرنسي للديانة الإسلامية على خلفية استمرار الجدل حول هذا الموضوع. وقال هولاند على إثر اللقاء إنه حرص على طمأنة الجالية الإسلامية على أنه سيعمل في حال فوزه على احترام الشعائر الدينية بالنسبة إلى كل الديانات بما فيها الديانة الإسلامية انطلاقا من مبدأ أن من مهام النظام العلماني الفرنسي " حماية الضمائر والأديان ".