مع بواكير تطبيق الاحتراف في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي برزت أسماء للاعبين كانوا يومها يملؤون الأسماع، ويخطفون الأبصار، ويسرقون الأفئدة، ولذلك ظلت عدسات المصورين لا ترمش لها عين بوجودهم، وأقلام الصحفيين لا تفتأ تسجل سكناتهم قبل حركاتهم، حتى إذا ما أعلنوا مغادرة المستطيل الأخضر راغبين أو مرغمين، أغمضت الكاميرات عيونها، وجففت الأقلام حبرها، فباتوا نسياً منسياً، حتى لكأنهم ما ركضوا في ملعب، ولا زّخت أجسادهم بقطرة عرق، وما سجل لهم التاريخ لحظة أنهم كانوا هنا، وهو الجحود بعينه، والنكران بكل معانيه. و»دنيا الرياضة» إذ تستشعر المسؤولية تجاه هؤلاء اللاعبين تأخذ على عاتقها إعادتهم إلى دائرة الضوء في هذه الزاوية، لتعبر من خلالها عن الوفاء لما قدموه، وضيفها اليوم مدافع فريق الرياض والمنتخب السعودي السابق ياسر الطايفي. * بداية حدثنا عن وضعك الحالي؟. _الحمد لله أنا أعمل في وظيفة حكومية في الفترة الصباحية وفي المساء أعمل في المدرسة الأوروبية لاكتشاف المواهب بالرياض. هؤلاء طماعون وافتقاد المواهب غيَّب الإنجازات السعودية *متى قررت اعتزال كرة القدم؟. _اتخذت قرار الاعتزال عام 1420ه بعد تعرضي لحادث مروري مروع نتج عنه وفاة أحد الأشخاص وتعرضت لقطع في الرباط وكسر مضاعف وكدمات قوية في مختلف أنحاء جسمي، قبيل الحادث كانت علاقتي متوترة مع النادي وبعده قررت الاعتزال؛ لأن فترة العلاج والتأهيل استمرت ثلاث سنوات تقريبا، وكان عمري عند الاعتزال (28 سنة) وبعد سنوات اتجهت للتدريب في أكاديمية برشلونة وبعدها في المدرسة الأوروبية. * وما أسباب توتر العلاقة مع إدارة النادي قبيل الحادث المروري؟. _ لأن عقدي الاحترافي مع نادي الرياض انتهى ولم نتوصل لاتفاق حول التجديد، وبعدها التحقت بتدريبات الفريق الأول بنادي الشباب لمدة شهر تقريبا عبر اللاعب السابق خالد الزيد، وبعد أيام قليله طالبتني إدارة الرياض بالعودة للفريق وتعرضت للحادث بعد أيام قليلة من العودة للرياض. صغار زمان استفادوا من النجوم . . وصغار اليوم لا يجدون من يعلمهم!! *كيف تقيم الاحتراف في تلك الفترة؟ _ كان الاحتراف في بداياته في الملاعب السعودية، وكانت المبالغ للاعبين ضعيفة، والعبارة الدارجة في تلك الفترة(ارضَ بالنصيب) ولكن بشكل عام كانت فترة ممتعة واستفدنا منها ماديا ومعنويا. *هل ما تزال تتذكر،كيف تم اختيارك لصفوف المنتخب السعودي الأول؟. _ نعم تلقيت البشرى عبر أهم شخصية رياضية آنذاك الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير فيصل بن فهد (رحمه الله)، فبعد نهاية كأس ولي العهد عام 1414ه أمام الشباب وبعد السلام عليه قال لي مبروك انضمامك للمنتخب فكانت لي مفاجأة كبيرة، لاعبو المنتخب الأول كانوا متواجدين في المعسكر منذ فترة طويلة ويصعب الالتحاق بهم من قبل أي لاعب وكان الخبر أشبه بالحلم. الرياض ضحية إدارات سيئة . . ولاعبوه لا يملكون الطموح *هل توقعت الانضمام قبيل كأس العالم؟. _لا . . توقعت تجهيزي للمنتخب السعودي الأولمبي كون عمري أقل من 23 سنة، ولكن أخبرني الجهاز الفني أن الهدف هو تجهيزي مع المنتخب للمشاركة في كأس الخليج التي تلي كأس العالم. *ما أهم البطولات التي شاركت بها مع المنتخب السعودي؟. _ شاركت في العديد من البطولات الكبيرة مع المنتخب الأول ويأتي في طليعتها كأس العالم 1994م وكأس القارات وكأس الخليج 1994م، وللأسف لم أتمكن من المشاركة في كأس آسيا 1996م للإصابة بعد تعرضي لقطع بالرباط في كأس الخليج التي سبقت البطولة الآسيوية. *ولكن مدرب المنتخب السعودي آنذاك البرتغالي فينغادا كان مصرا على تواجدك في القائمة بالرغم من إصابتك؟. _ حاول المدرب فينغادا تجهيزي قبيل البطولة ولكن لتواجد اللاعبين خالد الرشيد وحسين عبدالغني الأكثر جاهزية مني قاد للاعتماد عليهما في البطولة لعدم. *كيف تصف مساهمتك في تحقيق أول كأس خليج للمنتخبات؟. _ بفضل الله ساهمت مع زملائي في تحقيق كأس الخليج لأول مرة في تاريخ الكرة السعودية وكانت البطولة حلما أكثر منه إثبات وجود، فالمنتخب السعودي في تلك الفترة يمتاز بدمج لاعبي الخبرة مع الشباب، دخل جميع اللاعبين البطولة الخليجية بتحدٍ مع أنفسهم قبل التحدي الحقيقي داخل الميدان.. الطايفي بشعار المنتخب *ولكن فرحتك لم تكتمل بتحقيق كأس الخليج بعد تعرضه لإصابة مؤلمة؟. _ بالفعل تعرضت لإصابة قوية في آخر مباراة للمنتخب السعودي أمام المنتخب الكويتي مع مطلع الشوط الأول بعد تدخل عنيف من قبل الكويتي خالد الجارالله. *هل كانت الإصابة متعمدة من قبل اللاعب الكويتي؟. _لا يمكن أن أدخل في نية اللاعب، ولكن جميع من شاهد تصرف الجارالله كان يؤكد بأنها مقصودة لحدوثها منتصف الملعب ولم تكن تستدعي التهور. *وهل كان الجارالله بالفعل أحد المقربين لك؟. _ نعم كان صديقا لي في تلك البطولة،بل كنت أتبادل معه أطراف الحديث قبيل انطلاق المباراة بساعات بمعية النجم الكويتي عبيد الشمري وبالتحديد بعد صلاة الظهر وتسبب في إصابتي بعد العصر. * هل أنهت الإصابة العلاقة بينكما ؟. _ بالفعل انتهت العلاقة بالرغم من تقديمه للاعتذار قبل مغادرتي لأميركا لإجراء العملية الجراحية. * ما أجمل مباراة لعبتها في مشوارك الرياضي؟. _ مباراتنا أمام الاتحاد في جدة في الدور ربع النهائي لكأس ولي العهد وانتهت بفوز الرياض بهدف سجلته أنا. *من كان أبرز المقربين لك من اللاعبين؟. _ لاعبون كثر أهمهم سالم سرور وفهد الغشيان ووليد الزهير وطلال الجبرين ومحمد الخليوي وحمزة صالح. *وماذا عن علاقتك باللاعب خالد عزيز؟ _ خالد عزيز كان أحد أصدقائي المقربين ولكن العلاقة انتهت منذ فترة طويلة، خالد عزيز حين كان قريبا مني لا يرغب باستماع النصائح، ومن ينصحه يعتقد بأنه عدوه، ويسعى دائما أن يكون كلامه هو الصحيح وغيره على خطأ، كان يعتقد بمن يقوم بذلك تجاهه بأنه يحسده، وبالفعل منذ فترة طويلة انقطعت علاقتي به، فسبق أن باع أغلى ما أملك. الطايفي مع ابنته غادة وبعض الكؤوس والميداليات *حدثنا عن قصة قميص المنتخب الذي باعه خالد عزيز؟. _ للأسف باع أغلى قميص لبسته في نهائيات كأس العالم 1994م وكان يوجد عليه توقيع لاعبي المنتخب السعودي. *كيف أقدم عزيز على ذلك؟ _ حدثت القصة بعد أن اضطررت للانتقال من منزل لآخر فطلبت من خالد عزيز وضع القميص في منزله لحين الانتهاء من إجراءات الانتقال للمنزل الجديد وبعد فترة تفاجأت من أحد الأشخاص يؤكد لي بأن عزيز باع القميص، واتصلت به للتأكد من الأمر وقال لي: «سأعوضك». ولا أعلم كيف سيعوضني فقدان أغلى ما أملك، حاولت البحث عمن اشترى القميص، ولكن للأسف لم أعثر عليه حتى اللحظة، وبعد ذلك الموقف غضبت غضبا كبيرا على خالد لأنه موقف لا يمكن الصفح عنه. *هل أنت متابع جيد للكرة السعودية؟. _ بالطبع أتابع البطولات المحلية فأنا أحد المنتمين للوسط الرياضي. •ما أسباب تدهور نتائج الكرة السعودية؟. _ أسباب عدة أهمها أن الموهبة باتت مفقودة؛ بالإضافة للطمع المادي من قبل اللاعبين وهو العامل الأكبر لتدهور الكرة أخيرا، فاللاعبون الحاليون ليسوا موهوبين بل هم لاعبون جيدون فقط؛ الفرق شاسع جدا بين اللاعب الموهوب واللاعب الجيد فنيا،والكرة السعودية لن تعود إلا بإعادة المدربين البرازيليين واليوغسلافيين والرومانيين لأنهم الأقرب للاعب السعودي، ويتميزون بمواصلة تعليم اللاعب مهما كان عمره، ومهما كانت نجوميته؛ بخلاف المدرب الأوروبي الذي يرغب بتدريب الجاهز فنيا وبدنيا، تلك المدارس التدريبية هي من ستعيد الكرة السعودية، فاللاعب مرفه منذ الصغر ولا يعي معنى الاحتراف حتى سن متقدمة. * لماذا اندثرت المواهب السعودية؟. _ اللاعبون في السابق كانوا يخوضون مباريات قوية في الحواري ويشاركون في الأندية التي تعج باللاعبين المميزين بمختلف المراكز، وهو ما لا يحدث في الوقت الراهن؛ فمستوى اللاعب العادي يتطور في ظل وجود النجوم؛ أما الآن فلا يوجد نجم يساهم في تطور أداء زملائه. *ما أسباب عزوف الجماهير عن الملاعب في الفترة الحالية؟. _في السابق تحضر الجماهير للملاعب لتأكدها من وجود أكثر من نجم داخل «المستطيل الأخضر» قادر على أن يمتعهم ويجبرهم على التصفيق،أما في الوقت الراهن فلا يوجد أي لاعب قادر على إمتاع الجماهير، الحضور أصبح مرتبطا بنتائج الفريق فقط؛ أما الحضور للمتعة فلا؛ لغياب المواهب في الملاعب السعودية، اللاعب تتضح موهبته منذ الصغر، والآن يسعى اللاعبون الجيدون لإيهام الرياضيين بأنهم موهوبون وهذا أمر صعب أن تقبله الجماهير. * أنت أحد أبرز اللاعبين الذين مثلوا الجيل الذهبي لفريق الرياض، ما أسباب تدهور الفريق في الأعوام الماضية؟. _ معظم الإدارات التي أشرفت على النادي في الفترة الماضية لم تكن جيدة، ناهيك عن تواجد لاعبين ضعيفين فنيا، وطموحهم معدوم، ولم تنجح إدارة النادي في جلب جهاز فني مميز لكي يساهم في بناء الفريق بالشكل الصحيح، الرياض له ثماني أو سبع سنوات وهو يقبع في مصاف أندية الدرجة الأولى، ومن الطبيعي استمراره بلا تطور لعدم الاهتمام بالفئات السنية. فريق الرياض الرياض يستحق الهبوط إلى الدرجة الثانية!! * هل أنت متفائل بتحسن نتائج الرياض في دوري الأولى؟. - لا.. فمن المستحيل صعود الفريق لدوري "زين" في ظل الظروف التي يشاهدها الجميع من تخبطات على جميع الأصعدة ويأتي في طليعتها ضعف مستوى اللاعبين. * كيف يعود الرياض برأيك؟. - لابد من استقطاب لاعبين يملكون الطموح، ولهم خبرة المشاركة في دوري "زين" سواء بنظام الإعارة، أو الانتقال، أما الاعتماد على لاعبين من دوري الدرجة الثانية والأولى، ولاعبين صغار في السن أو لاعبي حواري فأجزم بأن حال الرياض لن يتغير. *هل يعني ذلك أن الرياض أقرب للهبوط للدرجة الثانية منه إلى الصعود لدوري "زين"؟. - نعم.. بل هبط للدرجة الثانية العام الماضي وما شفع له بالبقاء هو زيادة عدد أندية الدرجة الأولى.